كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
أقل من أسبوعين يفصلان عن الذكرى الأولى لجريمة انفجار المرفأ. كلّ الأنظار صوب المحقق العدلي القاضي طارق بيطار وعما اذا كان سيسطّر فعلاً دفعة ثانية من الإدعاءات، علّها تتمكن من سدّ فجوة الاتهام بالاستنسابية التي طالته منذ خروج الدفعة الأولى إلى العلن، فيما سلكت عريضة الاتهام النيابية التي وقّعها أكثر من 26 نائباً (معظمهم ينتمون إلى ثلاث كتل أساسية، كتلة “المستقبل”، و”كتلة التحرير والتنمية” و”كتلة الوفاء للمقاومة”)، مسارها القانوني عبر إبلاغ المدّعى عليهم من رئيس حكومة ووزراء سابقين، يفترض أن يجهّزوا دفوعهم ردّاً على الاتهام الموجّه إليهم، قبل أن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الهيئة العامة للمجلس للاجتماع والاستماع إلى المدعى عليهم، قبل التصويت على قرار إنشاء لجنة تحقيق برلمانية تتولى التحقيق في القضية.
في هذه الأثناء، لم ينتظر مجلس الدفاع الأعلى كثيراً للالتئام ومناقشة الاستشارة التي سطرتها هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، في ما خصّ تحديد المرجعية التي يحق لها إعطاء اذن ملاحقة مدير عام جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا، بعدما اعتبرت الهيئة أنّ المجلس الأعلى هو صاحب هذا الاختصاص، وذلك على أثر طلب المحقق العدلي من رئاسة الحكومة، إعطاء الإذن لاستجواب صليبا كمدعى عليه، ما دفع رئاسة الجمهورية إلى استشارة هيئة الاستشارة حول الجهة الصالحة في بتّ الطلب.
وبالفعل اعتبرت هيئة الاستشارات أنّ “المرجع الذي يملك السلطة بمنح ترخيص أو إذن هو ذلك المحدد قانوناً والذي هو عادة له حق الرقابة و/أو الإمرة على المستفيد من الحصانة”.
واستندت الهيئة إلى المادة 3 من المرسوم التنظيمي لإنشاء المديرية العامة لأمن الدولة التي تنصّ على أنّه في حال وقوع خلاف بين رئيس الجهاز ونائبه، تكون صلاحية البتّ للمجلس الأعلى، كذلك إلى المادة 35 التي تقول إنه في حال إعلان الطوارئ تخضع المديرية لقرار المجلس الأعلى للدفاع.
وبالتالي رأت أنّ المجلس الأعلى هو السلطة التي تخضع لها مديرية أمن الدولة وبالتالي هي الصالحة لاعطاء الإذن. وعلى هذا الأساس، دعا رئيس الجمهورية ميشال عون المجلس الأعلى للانعقاد لبتّ المسألة، وذلك قبيل انقضاء المهلة القانونية للطلب (15 يوماً) والتي ستنتهي مع انتهاء عطلة عيد الأضحى.
إلا أنّ المجلس قرر سلوك منحى مختلف عما كان متوقعاً منه، أي رفض إعطاء الإذن، وأعاد الكرة إلى ملعب المحقق العدلي القاضي بيطار، حيث طلب رئيس الجمهورية من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ابلاغ المحقق العدلي بمضمون هيئة الإستشارات، قبل اتخاذ أي قرار، وعلى اعتبار أنّ رئاسة الحكومة هي الجهة التي تلقت طلب إعطاء الاذن.
وقد اكتفى البيان الختامي للمجلس الأعلى بالإشارة إلى أنّ “المجتمعين بحثوا في الأوضاع الأمنية في البلاد، لا سيما مع حلول عطلة عيد الأضحى المبارك وضرورة جهوزية القوى العسكرية والأمنية للمحافظة على الامن والاستقرار خلال فترة العيد”.
وعلى هذا الأساس، سينتظر المعنيون كيف سيكون رد فعل المحقق العدلي بعد إبلاغه بمضمون الاستشارة لأنه سيكون أمام واحد من احتمالين: إمّا يتبنى ما خلصت إليه الاستشارة فيعود إلى الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، ليحيل إليه طلب الإذن ما يعني اجتماع المجلس من جديد لبتّ الطلب، وإمّا يعتبر نفسه غير معني بمضمون الاستشارة ويتعاطى مع الطلب على أساس أنّ انقضاء مهلة الخمسة عشر يوماً هي موافقة ضمنية، ما يفسح المجال عندها أمام اللواء صليبا لتقديم دفوع شكلية على اعتبار أنّ طلب الاذن جرى خلافاً للأصول.