جاء في “المركزية”:
ليست المرة الاولى التي ترفع فيها ورقة القضاء لمحاولة تطويع مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة.
تشرح مصادر قانونية لـ” المركزية” أن وبعدما سقطت ورقة ضغوط الملاحقات الدولية التي ساقتها منظمتان اصبحتا معروفتي التمويل والاتجاهات من المجتمع الدولي نفسه، عاد التهويل بورقة القضاء المحلي المشرذم تحت وقع التدخلات السياسية وتصفية الحسابات، وهذه المرة عبر المحامي العام التمييزي القاضي جان طنوس بعدما سقطت أيضاً ورقة النائب العام في جبل لبنان القاضية غادة عون.
القضاء السويسري لم يجد في الملف والمتابعات القانونية أي دليل أو شبهة على تورّط رياض سلامة، فجمّد المدعي العام السويسري كل خطواته بعدما كان حاكم المركزي في لبنان أعلن استعداده للمثول أمامه. وبريطانيا أيضا التي عوّلت الجهات اللبنانية نفسها على فتحها تحقيقا رفضت مجرد فتح تحقيق ضد سلامة، وحتى فرنسا وبعد مراجعات عدة فتحت تحقيقا ضد مجهول!
3 صفعات لم تتحملها القوة الساعية للهيمنة على الموقع النقدي الأهم في لبنان والذي لا يزال خارج سيطرتها الفعلية، فهذا المركز يطبع العملة ويملك حتى اليوم 14 مليار دولار من الاموال الفريش و18 مليار دولار ذهب، ما يُعدّ “غنيمة محرزة في بلد مفلس”. لم يتحمّل الساعون إلى محاولة الإطاحة بسلامة هزيمتهم في القضاء الدولي، رغم بنائهم أساطير حول تحرّك القضاء السويسري وتهليلهم لمراسلة يتيمة كان أجراها المدعي العام في بيرن في كانون الثاني الماضي واستعملوا عنوانها الذي ظهر فارغاً من أي مضمون فعلي. انتهى الرهان على تحرّك سويسري ما فانتقلت الصحف والمنظومة الإعلامية من استهداف سلامة إلى استهداف القضاء السويسري وسفيرة سويسرا السابقة في لبنان التي جعلوا منها بطلة قبل أشهر قليلة.
في سويسرا وبعد “ظهورات” النائب السويسري اليساري المهتم بملف لبنان بناء على صداقات مع جمعيتين كشفت الصحافة الفرنسية انتماءهما وتمويلهما اللبناني المشبوه، سكتت الابواق لأن الملف لا اسس قانونية له، وامتنعت سويسرا حتى عن استدعاء الحاكم للاستماع اليه بعد ما اعلن انه جاهز للرد على اي أسئلة بالوثائق للمدعي العام المالي السويسري.
في بريطانيا دفعت مئات الآف الجنيهات للضغط على السلطات لفتح تحقيق عبر تعيين شركة محاماة كبرى لتحضير ملف لم يكن الا عبارة عن تجميع معلومات صحفية ومتاحة للعلن، فلم تستجب السلطات لعدم توافر ادلة او معطيات جدية. ويا ليت من دفع الاموال التي الى الشركة البريطانية تبرع بها للعائلات اللبنانية، لكان بالتأكيد خدم بلده بشكل افضل.
اما في فرنسا، ورغم الضغوط والتهويل الاعلامي، ورغم زيارات سلامة الدائمة إلى باريس، الا ان القضاء فتح تحقيقاً ضد مجهول، والأرجح أن يكون مصيره كمصير التحقيق السويسري لأن النيابات العامة في الدول الاوروبية لا تتحرك بناء على تقارير اعلامية وتجميع معلومات متاحة للعموم، بل بناء على معلومات ووثائق ومعطيات حسية غير موجودة على الإطلاق في الملفات المفبركة عن رياض سلامة.
اما في لبنان، فالصفعات الثلاث تزامنت مع تمنع المجلس المركزي ومعه الحاكم عن المس بالاحتياطي الالزامي للمصارف وهي اموال المودعين والملاذ الآمن الأخير لما تبقى من اموالهم.
فالمنظومة الحاكمة التي نهبت أكثر من 100 مليار دولار دين لم تشبع ولا تزال تلهث وراء 14 مليار دولار متبقية. وفيما استنفدت الحكومة العاجزة 7 مليار دولار خلال عام ونصف لدعم التجار والتهريب ولم تقم باجراء واحد يخفف من معاناة اللبنانيين، تسعى اليوم برعاية اكبر لصرف ما تبقى على جيوب المحميات السياسية وتحت عنوان الاستقرار الاجتماعي.
وما يزيد من المهزلة أن تشن وسائل اعلام معروفة التوجه والانتماء هجوماً عنيفاً على القضاء السويسري وعلى سفيرة سويسرا المغادرة لبنان بعد انتهاء مهامها لتخوينها وتتهمها بالرشوة بأسلوب مفضوح، مع أن اركان هذه الوسائل هم من كانوا هلّلوا لتحرك القضاء السويسري ولطالما رددوا حتى في أفلام يوتيوبية أن هذا القضاء هو القضاء السويسري ولا يجوز التشكيك به، لكن رياح سويسرا لم تهبّ بحسب ما تشتهيه هذه الصحيفة فانتقلت إلى الهجوم عليه!
في 20 كانون الثاني 2021 اعترفت الوسيلة الاعلامية نفسها ان الادعاء قائم على تقارير اعلامية وقالت إن “مكتب المدعي العام كشف أنّه «طلب مساعدة قانونية من السلطات اللبنانية لإجراء تحقيق بعد الاشتباه في قيام مصرف لبنان بعمليات غسل أموال واختلاس»، وأنّ التحقيق انطلق عقب «تقارير إعلامية حول التحويلات المالية”!
أما في 3 آذار 2021 فأكدت استمرار التحقيقات وجديتها،وكتبت: “تؤكّد مصادر قضائية ودبلوماسية سويسرية استمرار التحقيقات بجدّية”.
أما اليوم وقد سارت الامور بعكس التمنيات والتطبيل الإعلامي فأصبحت السفيرة مرتشية ووصلت وقاحة وسسلة الاعلام للمطالبة بالتحقيق معها وكأنها سلطة قانونية تتحكم بالقضاء السويسري الذي لا ينتظر عموما براءة ذمة من إعلام مفضوح.
هكذا ينتقل المخططون لاستهداف سلامة من فشل قضائي وقانوني وإعلامي إلى فشل جديد، والثابت أنهم مصرّون على استكمال مخططهم طالما يوجد في مصرف لبنان دولار واحد وأونصة ذهب واحدة وطالما أن القطاع المصرفي مستمر رغم كل الصعوبات وبدأ بتطبيق التعميم الرقم 158.