Site icon IMLebanon

الـ860 مليون دولار من صندوق النقد… كيف وأين ستوظف؟

منذ أيّام أعلن المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي محمود محيي الدين أن “الصندوق سيخصص 860 مليون دولار للبنان، من ضمن برنامج قيمته 650 مليار دولار توزع على 190 دولة”، وذلك خلال لقاء جمعه برئيس الجمهورية ميشال عون، الذي أعرب عن امتنان بلاده للدعم الذي يقدمه الصندوق للمساعدة على تجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر فيها البلد.

ومن المرتقب أن يفرج عن الأموال خلال الشهرين المقبلين، وهي مبالغ تمنح للدول المكتتبة في الصندوق ولبنان واحد منها. لكن الأساسي يبقى حول كيفية صرف الأموال هذه عندما يتسلّمها مصرف لبنان، فهل سيكمل الأخير بسياسته المعهودة لا سيّما مواصلة الدعم وإصدار التعاميم؟ أم  سيكون لها استخدام أكثر نفعاً خصوصاً في المرحلة الراهنة؟

المحلل لشؤون الشرق الأوسط ومدير “مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية” سامي نادر يقول “المركزية”، “لا بدّ من التشديد على مسألتين: الأولى، اعتماد الشفافية المطلقة في ما يتعلّق بالمبلغ المرتقب الحصول عليه، أي تحديد قيمته مع مكان وكيفية توظيفه. الثانية، قطع الطريق أمام صرفه لمواصلة سياسة الدعم التي يموّلها مصرف لبنان من الاحتياطي الإلزامي إذ هذا الأمر لا يجوز”.

واضاف “يجب أن يَفتح موضوع السيولة التي سيحصل عليها لبنان نقاشاً حول كيفية استخدامها”، معتبراً أن “لا بدّ من توظيفها لمحاولة مساعدة الفئات الأكثر فقراً من خلال تحويلات مالية مباشرة وليس عبر دعم مواد يهرّب جزء كبير منها إلى الخارج، فسياسات الدّعم تبدّلت عالمياً وباتت أكثر فعاليةً، لأنها أصبحت مرتكزة إلى التحويلات المباشرة. إلى ذلك، لا بدّ من الاعتماد على أموال صندوق النقد لدعم القطاع الإنتاجي، مثلاً إنشاء وتطوير مشاريع الطاقة الشمسية في بلد يتّجه إلى العتمة الشاملة قريباً، بالتالي قد تكون هذه اللحظة المناسبة لبحث سبل تفعيل إنتاج الطاقة البديلة، التي لا تقتصر منافعها على تقليل نسب التلوّث بل أيضاً تقلّل من حجم ميزان المدفوعات وتخفّف من عجز الخزينة واستهلاك العملات الصعبة. لذا، لا بدّ من استغلال فرص استثمار المبلغ بطريقة ذكية ترفع من الإنتاجية وتحسّن شبكة الأمان الاجتماعي”.

وأكّد نادر أن “توظيف الأموال بالشكل الصحيح يساعد البلد في أزمته من دون إضاعة مليار دولار على غرار المليارات المبذّرة في السابق”.

وعمّا إذا كان المجتمع الدولي سيراقب ويدقق في صرف الأموال هذه، أوضح “أنها حقّ سيادي للبنان وغير مشروطة، بالتالي لا يمكن لأي طرف فرض طريقة استخدامها، لذا من واجب اللبنانيين الملوّعين رفع الصوت. وفي حال اتّجهنا إلى برنامج مع صندوق النقد يكون التدقيق شرطا إلزاميا، وهذا ما تحاول المنظومة الحاكمة التهرّب منه”.

وشدّد نادر على أن “استرجاع المال المنهوب ليس شعاراً ومن الخطأ اعتبار أنّه حلم غير ممكن، إذ يكفي مثلاً معرفة من المستفيد من الهندسات المالية أو سياسات الدعم وغيرها وبسهولة لمحاسبتهم. وكان حاكم مصرف لبنان صرّح أن استيراد مستوردي النفط زاد بنسبة غير طبيعية فهل من الممكن أن يحصل ذلك في فترة “كورونا”؟ ما يعني أن التهريب قائم، وبالتالي ألا يمكن معرفة من يهرّب وكيف؟ لا يمكن إقناعنا أن الجواب لا. وهذا يؤكّد أن نهب الأموال مستمرّ”.