كتب منير الربيع في المدن:
نواف سلام، الصامت الأكبر أمام صخب التداول بإسمه فترة بعد أخرى، بوصفه مرشحاً لرئاسة الحكومة. عند استعصاء الحلول يطرح الكثيرون “الحلّ بمجيء نواف سلام على رأس حكومة اختصاصيين تكون قادرة على حلّ الأزمة القائمة”. وعند كل استشارات نيابية ملزمة، تطرح فئات شعبية واجتماعية، ونخب، وحتى قوى سياسية، إسم الرجل ليكون هو الرئيس المكلف. على مدى أكثر من سنة ونصف السنة، وإسم الرجل في التداول، فيما هو لم يطلق موقفاً يعلن فيه ترشيح نفسه، ولا عن استعداده القبول بمهمة إستثنائية كهذه، وتكاد تكون شبه مستحيلة في ظل التركيبة القائمة، والطريقة التقليدية في مقاربة الملفات الكبرى، لا سيما السياسية والاقتصادية منها.
المشروع لا إسم
على مسافة أيام من الإستشارات النيابية لتكليف رئيس جديد بتشكيل الحكومة، يبرز إسم سلام مجدداً، قوى سياسية متعددة تحاول طرح إسمه، بعضها عن قناعة والبعض الآخر في سياق اللعبة السياسية اليومية، وبعض ثالث في إطار محاولات الإحراق أو الإقحام. جهات عديدة خارجية وداخلية، تواصلت مع الرجل، لسؤاله عن استعداده لتشكيل الحكومة، وكانت مواقفه واضحة: “لا أسعى لأكون رئيس حكومة، لبنان وأزمته والحاجة إلى إنقاذه أكبر من الأسماء والأشخاص وأكبر من كل الطروحات، المسألة لا ترتبط بشخص، إنما بمشروع واضح المعالم ومتكامل”.
يقول سلام لـ”المدن” بوضوح: “لن أرضى أن أكون كبش محرقة، ولا رهينة لدى طرف أو آخر. ولست أنا من يُستخدم في سياقات سياسية، هدفها تصفية الحسابات أو الدخول في نزاعات بينية على القواعد السياسية القائمة لبنانياً والمعمول بها”. أما عن ماهية ارتباط حلّ الأزمة بالمشروع، فيعتبر سلام أن: “الفكرة الأساسية هي تشكيل حكومة بصلاحيات استثنائية لاطلاق العمل ومنع التعطيل. فالظروف تقتضي ذلك لأن الظرف استثنائي، وليس المطلوب من الحكومة مصادرة صلاحيات المجلس، بل تبقى لديه صلاحياته في إعادة النظر بأي قرارات تتخذها الحكومة. والهدف من ذلك هو تسريع العمل ومنع التعطيل. وهي مرتبطة بزمن معين وبمواضيع وملفات محددة”. وهذا الطرح لا ينطلق من خلفية طرح سلام لشروطه هو في تشكيل الحكومة، إنما تنطبق على أي حكومة يفترض تشكيلها بهدف الإصلاح ووقف الإنهيار.
موازين القوى
ويقول سلام: “لست من الذين تغريهم المناصب للدخول في لعبة سياسية تبقي لبنان رهينة، أو تدخل مشاريع الإصلاح في مقابر اللجان النيابية أو غيرها من الحسابات السياسية. ما أعتبره هو أن مقتضيات الإصلاح، وتلبية تطلعات الناس، ومعالجة الأزمة، ترتبط بضرورة تشكيل حكومة بصلاحيات استثنائية”.
يشدد سلام على أنه لا يمكن التعاطي مع هذه الأزمة بالطريقة التي كان يتم العمل بموجبها سابقاً. القصة أبعد من تشكيل الحكومة والنزاع على تركيبتها وتفاصيلها. وهذا لا يعني التخلي عن المسؤوليات الملقاة على عاتق كل اللبنانيين، بالمطالبة في حصول الإصلاح. ويقول: “البلد لنا وليس لأحد آخر. ولكن لا يمكن أن نتوهم أنه حالياً بإمكاننا قيادة البلد أو تحديد سياساته، نحن فقط نطالب بضرورة إجراء الإصلاحات وإنجازها والضغط في سبيلها. وأنا شخص عقلي في رأسي، وقدماي على الأرض، ولا يمكنني أن أعيش الوهم. وهناك موازين قوى لا بد من التعاطي معها بجدية، والعمل في سبيل الوصول فيما بعد إلى تغييرها”.
ولدى سؤاله عن إحتمال تفكيره بالدخول إلى المعترك السياسي من البوابة الشعبية غير الحكومية، يقول إن هذا أمر بحثه مؤجل، ويؤكد: “أنا لا أتخلى عن خمسين سنة من عمري في السياسة”. مشيراً إلى أن لا نقاش أو تفكير حالياً في الانتخابات.