Site icon IMLebanon

عام على كارثة بيروت… و”المنسيون” بلا حقوق

كتب أيمن شروف في الحرة:

رغم مرور ما يقرب من عام على انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، لم يصدر حتى الآن إحصاء دقيق لعدد ضحايا الكارثة، من غير اللبنانيين.

البعض يقول إنهم 30 قتيلا، وآخرون يؤكدون أنهم أكثر، أما على الصعيد الرسمي، فليس هناك رقم محدد، ولا جهد فعلي يصب في هذا الإطار، بل الواضح أن هناك محاولات لاستثناء الأجانب من التعويضات، كما يظهر جلياً من اقتراح القانون الذي قدمه النائب عن التيار الوطني الحر جورج عطالله، والذي لا يزال في أدراج لجنة الشؤون الاجتماعية النيابية.

بالإضافة إلى ذلك، يجد غير اللبنانيين، وغالبيتهم من السوريين والمصريين الذين كانوا يعملون في المرفأ ومحيطه، صعوبة في الحصول على تعويضات أسوة بالضحايا اللبنانيين الذين أقر القانون أنهم سيعاملون كشهداء الجيش اللبناني، من ناحية الرواتب التقاعدية التي ستحصل عليها عائلاتهم، فيما الأجانب، مثل السوري سامر طيباتي الذي فقد ابنته بيسان، وكُثيرين غيره، يبحثون عمن يعوضهم عما اقتُرف بحقهم.

ويعاني هؤلاء “المنسيون” أو “المهمشون”، كما يطلق عليهم عدد من المحامين الذين يساندونهم في معركتهم لتحصيل حقوقهم، الإهمال ويتركون لمصائرهم.

ويخوض هؤلاء المحامون، وهم طارق الحجار، وفاروق مغربي، ومازن حطيط وحسام الحاج، بالتعاون مع جمعية رواد الحقوق، اليوم معركة قانونية من أجل تثبيت حق الضحايا بالتعويض.

ويكشف المحامي فاروق المغربي لموقع “الحرة”: “نتعرف على الضحايا بمجهود شخصي، وجمعنا الملفات بالتواتر، وإلى الآن صار لدينا 10 ملفات. الأجهزة التي عملت على رفع الأضرار، والإحصاء لم تعطنا البيانات”.

ويُضيف: “من جهتنا، نقوم بكل جهد ممكن لنتحصل على حقوق هؤلاء المهمشين الذين فقدوا مع الأسف أحباءهم وأشغالهم وتبدلت حياتهم بسبب انفجار تتحمل مسؤوليته السلطة، التي تتلكأ في منحهم حقوقهم المشروعة، أي تعويضهم عما حاق بهم”.

وأعد المحامون شكوى كاملة تضمنت الحيثيات والوقائع العامة، مع ترك مكان في الشكوى للوقائع الخاصة المرتبطة بكل ضحية على حدا، على أن تقدم إلى النيابة العامة التمييزية، قبل تسليمها إلى قاضي التحقيق.

ويعاني الضحايا الأجانب في سعيهم للحصول على تعويضات، إذ يطلب منهم أوراق مصدرها بلدانهم الأصلية، وفي حالة الضحايا السوريين يتعذر عليهم تحصيلها من هناك، وحين يتوجهون إلى سفارة بلادهم، يُطلب منهم دفع مبلغ يوازي 70 دولارا أميركيا مقابل كل ورقة، أي ما يوازي مليون ونصف مليون ليرة لقاء الورقة الواحدة، علماً أن التعويض الذي أقرته الدولة يبلغ 30 مليون ليرة أي 1400 دولار، بحسب سعر الصرف في السوق الموازية.

ويقول المحامي طارق الحجار في حديث لموقع “الحرة”: “انطلقنا بهذه المبادرة من أجل تحصيل حقوق فئات مهمشة لا أحد يذكرها والسلطات تتعامل معها بتلكؤ. تلك الفئات التي نعمل عليها هم القتلى، ومن تعرض لإصابات بليغة وخطرة إثر الانفجار”.

ويضيف: “نحاول من خلال ما نقوم به أن نقطع الطريق أيضاً على الاقتراح غير العملي الذي تقدم به النائب جورج عطالله لتسجيل موقف سياسي لا أكثر”، على حد تعبيره.

وسبق لعطالله أن برر اقتراح قانون تقدم به بالقول إن “الأجنبي المتضرّر، إما سائح وبالتالي لديه تأمين سياحي، أو عامل، وبالتالي يغطيه تأمين وزارة العمل وفق الآليات المعمول بها، أي أن ثمة قانون عمل، والأجانب مغطّون في التأمين من خلاله، وأحاول من خلال هذا الاقتراح التخفيف من إرهاق موازنة الدولة”.

وفي المقابل، يصر المحامون الأربعة، ومعهم رواد الحقوق على تحقيق العدالة، وعلى قطع الطريق على أي محاولة لتهميش الأجانب، ومساعدة هؤلاء في الوصول إلى حقهم المشروع الذي لا يدركونه في أغلب الأحيان”.

وفي هذا السياق يقول الحجار: “هناك من لا يعرف حقوقه، وبشكل عام هناك جهل في هذا الموضوع وبالتالي نحاول أن نلعب الدور التوعوي، ونساعد هؤلاء الناس للحصول على حقوقهم، وهذا أقل واجب”.

ولم تطلق السلطات اللبنانية حملات توعية في هذا السياق، إن كان من خلال منشورات أو من خلال محطات التلفزة وحلقات تشرح الآلية التي يُمكن للمتضرر الأجنبي أن يتحرك من خلالها للحصول على التعويض.

ويقول الحجار: “في المحصلة، جميعنا ضحايا هذا الانفجار الذي أتى ليختصر 30 سنة من اللامبالاة والإهمال والفساد والسياسات التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، وبالتالي نحن نحاول تحصيل حقوق الناس المتضررة من هذه السلطة وما ارتكبته، عدا عن أن القضية في المبدأ قضية إنسانية.. كذلك هناك أفراد يجب أن تتم محاسبتهم على ما ارتكبوه. من غير المقبول أن تمر جريمة بهذا الحجم من دون حساب”.

ويُضيف: “ما نقوم به، في نهاية المطاف، سيساعد التحقيق وبإمكانه تحديد وجهته أيضاً من خلال الأدلة التي من الممكن أن نكشفها والمستندات التي قد نحصل عليها”.

لقد “هربوا من الذل إلى الذلّ”، هكذا يختصر الحجار واقع الضحايا الأجانب، الذي خرجوا من بلادهم للبحث عن فرصة للحياة، ولجأوا إلى لبنان، ثم باغتهم انفجار 4 أغسطس، فأنهى حياة البعض، وزلزل حياة آخرين.