كتب وليد شقير في “الشرق الاوسط”:
يتجنب الفريق الرئاسي اتهامه مرة أخرى بأنه يعطل تأليف الحكومة الجديدة بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري عن عدم تأليفها، ويصر على الاستشارات في موعدها ما لم يطرأ شيء مخفي أو مستور، يؤدي إلى تحديد موعد آخر ليس ببعيد عن يوم الإثنين المقبل، بحجة استكمال الصورة والمواقف.
يتعاطى بعض الوسط السياسي المعني في شأن تسمية الرئيس المكلف الجديد مع رجحان كفة المرشح الأساسي رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لمهمة التأليف على أنه أمر بات محسوما بدءاً من بعد ظهر أمس. وما يدفع هذا الوسط إلى هذا الترجيح أن ميقاتي يحظى بتأييد خارجي من بعض الدول مثل فرنسا وعواصم أوروبية وعربية أخرى، ومن عدم ممانعة من دول أخرى مثل أميركا. كما أنه يحظى بتأييد رئيس البرلمان نبيه بري، الذي كان تداول بخياره مع الرئيس الحريري قبيل اعتذاره، والذي كان ميالاً له من الأساس. بل أن الحريري حاول إقناع ميقاتي حين تردد الأخير وسأله ما التسهيلات التي سيحصل عليها لتأليف الحكومة والتي لم يتمكن الحريري من الحصول عليها؟ حجة الحريري مع ميقاتي ومع جهات خارجية كانت ترجيحه بأن الفريق الرئاسي ربما يقبل لغيره ما رفضه له نتيجة قرار الرئيس عون وصهره النائب جبران باسيل رفض ترؤس زعيم “المستقبل” الحكومة. والسبب الثالث لرجحان كفة ميقاتي أن “حزب الله” بعث بإشارة إلى رئيس الحكومة السابق بأنه لا يمانع في توليه المهمة، فيما أدت اتصالات الحزب مع باسيل إلى موافقته على هذا الخيار الذي تبلغه ميقاتي بدوره.
في الجواب على السؤال حول ماذا يمكن لميقاتي أن يحصل عليه ولم يحصل عليه الحريري، يشير بعض الوسط السياسي إلى أنه بالإضافة إلى انتفاء التوتر فالذي ساد وما زال يسود العلاقة الشخصية بين الحريري وبين الفريق الرئاسي، في حالة ترؤس ميقاتي الحكومة، هناك عامل آخر يغير في المعادلة الحكومية، وربما يرضي عون و”التيار الوطني الحر” وهو أن ميقاتي ينوي تأليف حكومة تكنو- سياسية من 24 وزيرا، تضم ستة وزراء يمثلون الأحزاب الرئيسة، يتولى 4 منهم الحقائب السيادية الأربعة أي المالية، الداخلية، الخارجية والدفاع، بينما يكون الوزيران السياسيان الآخران وزيري دولة، فيما يتم اختيار ال18 وزيرا الباقين من الاختصاصيين التكنوقراط.
وفي وقت تشير المعطيات إلى أن البحث بدأ في الحقائب لعله يتم قطع شوط في شأنها في الفترة الفاصلة مع الإثنين المقبل، فإن ما سبق التوافق المبدئي على ميقاتي من معلومات هو أن الأخير لن يقبل بأقل من الثوابت التي وقف عندها الحريري وأيده فيها ميقاتي نفسه في إطار اجتماعات نادي رؤساء الحكومات السابقين، أي لا ثلث معطلاً لأي فريق بحيث يتم اعتماد مبدأ الثلاث ثمانيات، بحيث يكون للرئيس المكلف حق تسمية وزيرين مسيحيين غير الوزراء المسيحيين السبعة من أصل الثمانية الذين يكونون من حصة رئيس الجمهورية وتبني الإصلاحات وفق خريطة الطريق الفرنسية، مع التوزيع الذي جاء في تشكيلة الحريري الأخيرة للحقائب السيادية الأربع أي المالية للشيعة، الداخلية للسنة، الخارجية للموارنة والدفاع للروم الأرثوذكس.
لكن السؤال عما إذا كان التأليف سيكون بيسر التكليف لميقاتي، في ظل أسئلة يطرحها بعض الذين واكبوا محاولة الحريري ومعاناته خلال 9 أشهر. هل سيتخلى الفريق الرئاسي عن طموحه بالتحكم بالحكومة كونها الجهة الدستورية التي يمكن أن تتولى صلاحيات الرئاسة في حال حصول فراغ فيها؟ فبصرف النظر عن تفاصيل العراقيل التي نُصبت في وجه الحريري، يبقى هذا هو السؤال الجوهري، الذي تندرج تحته كل الأسئلة الأخرى الفرعية المتعلقة بما سبق لرؤساء الحكومات السابقين أن طرحوه حول خرق الفريق الرئاسي للدستور، ضربه بعرض الحائط اتفاق الطائف وعبثه بالصلاحيات عبر انكفاء حكومة تصريف الأعمال والمجلس الأعلى للدفاع…
أما دور “حزب الله” فالأسئلة كثيرة حوله هو الآخر في ظل قناعة العارفين ممن يؤيدون خيار ميقاتي، بأنه سيمارس القاعدة نفسها التي مارسها مع الحريري: تأييد الرئيس المكلف الجديد وعدم الاختلاف مع الفريق الرئاسي الحليف. ولهذا حديث آخر.