كتب أسامة القادري في نداء الوطن:
أمام تشعب الأزمة الاقتصادية وتحلل مؤسسات الدولة تدريجياً لا يختلف اثنان أن انعكاسها على كامل الشعب اللبناني اصبح أمراً معترفاً فيه لدى الجميع، الا أن محاولات “حزب الله” إخفاء هذا الواقع المستجد، لإخراج نفسه منها منتصراً، على قاعدة أن خسائره ليست مرتبطة بخسائر الدولة اللبنانية كما جميع قوى السلطة، مما يؤثر مباشرة على القاعدة الشعبية، التي كسرت حاجز “قدسيته” وترفّعه عن الأخطاء، رغم اعتماده أسلوب نزع صفة السلطة عنه، وتحميله جزءاً من مسؤولية الفساد لجهات محددة في الحكومة دون الآخرين، والجزء الأكبر لحاكم مصرف لبنان، الا ان هذا الإسلوب لم يبلعه البقاعيون، وهم في طوابير الذل أمام محطات الوقود، وأمام سياسته في تجفيف السوق اللبنانية من المحروقات والمواد الغذائية والأدوية، عبر طرق التهريب المستحدثة تحت ما يسمى “طرقات المقاومة” بين الحدودين اللبنانية السورية غير الرسمية، ليأخذ الدولة اللبنانية برمتها الى التحلل الكامل وتوقف جميع القطاعات عن الخدمة، خدمة للمحور الإيراني.
فتعمد قيادة “الحزب” الى تغطية “السموات بالأبوات”، من خلال تعميم طرح في أوساط الحزب الشعبية المؤيدة عن احتمال تأجيل استحقاق الإنتخابات النيابية المقبلة، لأن ضرورات مصير البلد تبيح محظورات التأجيل، بحجة أن الوضع اللبناني الراهن لا يشجع على إجرائها بموعدها. وذلك لقطع الطريق عن أي اصوات انتقادية لإداء نائبه عن البقاع الأوسط أنور جمعة، والذي فاز بانتخابات 2018 بـ15601 صوت، ونجح بجمع أصوات منتقديه من كافة الشرائح الإجتماعية الطبقية في القرى ذات الغالبية الشيعية، ومحطة انتقاد من جمهور “حركة امل”، بهدف اقفال الباب لمنع طرح أي إسم للترشح الى الانتخابات النيابية، سوى الذي ترتئيه قيادة “الحزب” لا كما تراه القاعدة الشعبية البقاعية.
وأكدت اوساط مقربة من “أمل” أن الحركيين لن يرضخوا هذه المرة لأي تمنيات، ولن يصوتوا لأي لائحة لـ”حزب الله” يكون متحالفاً فيها مع “التيار الوطني الحر”، لكي لا يكونوا سبباً في تأمين الحاصل للعونيين. غامزين من قناة أنه لم يعد أمام “التيار الوطني الحر” في انتخابات زحلة والبقاع سوى “حزب الله” ليكون له الرافعة في الفوز بمقعد واحد في البقاع، بعد التراجع الشعبي لجميع الاحزاب والقوى، وبالتالي “الحزب” و”التيار” من الطبيعي ان يكونا قد تراجعا عن الإنتخابات السابقة بعد الطلاق البائن بين “الأزرق” و”البرتقالي”، على اعتبار أن “المستقبل” هو القوة الاكثر تجييراً عن باقي القوى السياسية.
وبعدما فاز رئيس “التيار” جبران باسيل بكسب أكبر عدد ممكن من الأخصام من قبل شركائه أحزاب السلطة، ومن قبل قوى ثورة 17 تشرين بحال استطاعت الاخيرة تأليف لائحة متجانسة في انتخابات البقاع الأوسط، وخوض معركتها بوجه السلطة، لم يعد أمامه سوى حليفه “حزب الله” لأن يكون عكازته.
وأكدت أوساط مقربة من “حزب الله” أن معركته هذه “الدورة” ليست سهلة، وقالت: “يستطيع الحزب أن يؤمن حاصلاً انتخابياً واحداً لمرشحه، أما الحلفاء لا يمكن أن نخاطر وندعمهم بالفائض. وقالت: “الإحصاءات التقريبية التي اجراها “حزب الله” تشير الى ان التيار الوطني الحر تراجعت قدرته التجييرية الإنتخابية الى دون الثلاثة آلاف صوت تقريباً في زحلة والبقاع، لان الحزب، رغم كل امكاناته المالية الدولارية، وخطابه الديني التجييشي، يعاني من تراجع حضوره الشعبي حتى في دائرة المؤيدين، وذلك لإنعكاس الأزمة على واقعه. فكيف بباقي الأحزاب والتيارات”.
فيما أشارت مصادر اخرى أن وضعه في البقاع لا يحسد عليه لان يخوض معركة تحالفات مع “التيار الوطني الحر”، متخوفاً من ان تصل مرحلة التراجع لان يعجز عن تأمين حاصل انتخابي واحد، بحال كان توجه الحركيين دعم مرشح “تيار المستقبل” مقايضة في جزين والبقاع الغربي والعرقوب ودوائر انتخابية اخرى. من المرجح أن يعتذر “الحزب” عن تحالفه مع “الوطني الحر”.