كتب عمر حبنجر في صحيفة الأنباء:
أجواء الاتصالات والمشاورات القائمة حول تسمية من يؤلف الحكومة لا تؤشر على ان تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بات محسوما، على الرغم من الأكثرية التي يمكن ان ينالها من الكتل التي أوحت بالرغبة في تسميته كـ «التنمية والتحرير» و«المستقبل» و«المردة» و«اللقاء الديموقراطي»، فموقف التيار الرئاسي لم يتبدل، خصوصا لجهة الانطباع السلبي الذي ذكرت به قناة «او تي ڤي»، الناطقة بلسان التيار، وهو ان المدخل إلى التأليف السريع يكون بعدم العودة مجددا، بموضوع الشراكة والمناصفة، إلى ما قبل العام 2005.
وقالت إذاعة «صوت المدى» الناطقة بلسان «التيار الحر» أن التيار قرر تسمية السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة في الاستشارات المرتقبة الاثنين.
ويقول مصدر مطلع على موقف ميقاتي، ان المساعي لإقناعه بتأليف الحكومة لم تخرج عن إطار حلاوة اللسان، بينما هو ينتظر الاجابة عن تساؤلات اساسية، قبل المضي في مسار التكليف تجنبا لتكرار تجربة الرئيس سعد الحريري، الذي اعتذر عن اكمال مهمته بعد تعذر التفاهم مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل.
السياسي القريب من الرئيس ميقاتي، د.خلدون الشريف، قال ان المجتمع الدولي يريد ان يتعاطى مع حكومة مسؤولة، وتساءل عبر اذاعة «صوت لبنان» عن مدى وجود مرشحين لتولي، رئاسة الحكومة، يستطيعون ان يحظوا بأصوات النواب، وبثقة المجتمع المدني اللبناني والمجتمعين العربي والدولي.
وقال: واضح ان الرئيس ميقاتي، ليس مرشحا حتى الآن لترؤس الحكومة، وواضح ايضا ان هناك ترجيحات حول توافقات كبرى من أجل تسميته. وأنا اعلم ان الرئيس ميقاتي يربط التكليف بالتأليف، وان لا يخرج من أي التزام سبق ان تقيد به الرئيس سعد الحريري، ان بشكل الحكومة أو بعدد الوزراء، أو بتوزيع الحقائب، وان يكون خلاقا في إرضاء الأطراف السياسية والشارع الملتهب ومتطلبات المجتمع الدولي.
وردا على سؤال قال: الرئيس ميقاتي لن يعطي كلمة جازمة حاسمة، حول قبوله التكليف، انما هو ينتظر المشاورات ليعرف كيفية الحكومة التي ستؤلف وعملا بالدستور.
وأقل ما تعنيه المواكبة الحكومية الواضحة، هو وجود حكومة متكاملة، لا مجرد رئيس مكلف لملء مقعد لبنان في مؤتمر باريس الدولي لدعم الشعب اللبناني، أو لمجرد التقاط الصورة، كما يقول المتخوفون من ورائيات موقف الفريق الرئاسي.
فالمطلوب رفع حاجز التكليف، مع فك أسر التأليف، الذي يتطلب مفاوضات حول تركيبة الحكومة وبرنامجها.
من جهته، غرد النائب ميشال ضاهر عبر تويتر قائلا: سيتم التكليف ولن يتم التأليف. فالرئيس عون لن يعطي لميقاتي ما لم يعطه للرئيس الحريري، وميقاتي لن يرضى بأقل مما طلبه الحريري، وسنشهد اعتذارا سريعا يليه انهيار حاد لكل مقومات الدولة، وننتقل من مشكلة التأليف إلى مشكلة نظام، عندها على البلد وشعبه السلام.
في سياق قريب، أطلق السفير السعودي في لبنان وليد البخاري تغريدة عبر تويتر قال فيها: من اعمق اقوال الشاعر الملهم والكاتب الابرز في الثقافة الغربية وفي الادب العالمي وليم شكسبير: قد تسامحهم كثيرا، لكن سيأتي يوم لا تستطيع فيه حتى سماع أعذارهم.
في غضون ذلك، الملف اللبناني يتقدم في محطتين خارجيتين، أميركية واممية، خلاصتهما الاسراع في تشكيل الحكومة. على المستوى الأميركي كشف وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن الرحمن آل ثاني، انه عرض مع نظيره الأميركي انطوني بلنكن، الوضع في لبنان، إلى جانب ملفات اقليمية اخرى، واشار إلى محاولة الدفع باتجاه استكمال العملية السياسية في لبنان بتشكيل حكومة، مؤقتة على الأقل، للقيام بدورها بالتعامل مع صندوق النقد الدولي، لكن مع الأسف، بعد استقالة الرئيس الحريري بدأ الامل يضعف، والمطلوب تشكيل حكومة مهمة في اسرع وقت ممكن تجري الاصلاحات المطلوبة في قطاعات كثيرة، وصولا إلى الانتخابات، وقال ان الشعب اللبناني عانى كثيرا، ونحن والاطراف الأخرى نقدم مصلحة الوطن على اي مصلحة اخرى.
الوضع اللبناني عرض ايضا في جلسة مشاورات مغلقة في مجلس الأمن الدولي، واشادت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فيرونيكا بالدور الذي يؤديه الجيش اللبناني في الحفاظ على امن البلاد واستقرارها وتعاونه الوثيق مع «اليونيفل»، داعية إلى استمرار دعم هذه المؤسسة الرئيسية، وآملة الالتزام الحقيقي بمندرجات القرار 1701.
واكدت على تشكيل حكومة لبنانية تتمتع بصلاحيات كاملة، بإمكانها وضع البلاد على طريق التعافي، واعتبرت ان انقاذ لبنان هو بيد القادة اللبنانيين، مشددة على اجراء الانتخابات في موعدها عام 2022 بحرية ونزاهة، واجراء تحقيق شامل وشفاف في تفجير مرفأ بيروت، وقالت ان عائلات الضحايا والآلاف الذين تغيرت حياتهم للابد بسبب الانفجار ينتظرون، انهم يستحقون العدالة.
في هذه الاثناء، بدأت كلفة الاقامة في «جهنم لبنان» تنهش جلد اللبناني، والسوق السوداء ناشطة بالدولار والدواء والمحروقات والعتمة واخيرا الخبز الذي بدأ يفقد آخر مقومات دعمه، والمياه التي دخلت دائرة الجفاف ايضا، وذلك في سياق سياسة «الخنق العام» المصوبة على لبنان، والتي اوجعت الشعب اللبناني، اكثر مما اوجعت الكارتل التحالفي الحاكم.