ما لم يطرأ طارئ، من المفترض ان تنتهي الاستشارات النيابية اليوم الى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل ينجح في تأليف الحكومة العتيدة، أم لا؟
صحيح ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحدّث بلغة ايجابية عن ميقاتي في موقف صحافي نهاية الاسبوع الماضي، الا ان الكلام شيء والواقع شيء آخر، وهذا ما أثبتته التجارب في الفترة السابقة.
بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية “، فإن التشكيل هو “الجهاد الاكبر” ولن يكون نزهة، بل سيتّخذ طابع شد حبال بين بعبدا والرئيس المكلف. واختصارا للوقت، تشرح ان العهد لن يعطي ميقاتي ما لم يعطه للحريري وتقول ان اي حكومة لن تولد ولن تحظى بتوقيع رئاسة الجمهورية ما لم تؤمّن الشروطَ التالية للعهد ولذراعه النيابية اي تكتل لبنان القوي برئاسة النائب جبران باسيل:
اولا، ان تعطيه التركيبة الوزارية ثلثا معطلا، بالمباشر او بالمواربة لا فرق.
ثانيا، ان يُسمّى الوزراء كلهم بالتشاور والتنسيق بين عون وميقاتي، وأن تكون لرئيس الجمهورية الكلمة الفصل في اختيار الوزراء المسيحيين.
ثالثا، ان تذهب وزارة العدل الى حصة العهد لمراقبة مسار التحقيقات في الملفات المالية وفي ملف انفجار المرفأ، والاهم منها وزارة الداخلية ليتمكّن الفريق الرئاسي من التحكّم بالانتخابات النيابية المقبلة ومن الاشراف عليها وعلى عملياتها بالتفصيل، خاصة وأن الاستحقاق يعتبر مفصليا ومسألة “حياة او موت” بالنسبة للتيار البرتقالي.
نعم، تتابع المصادر، هذه المطالب إن لم يعطها ميقاتي لعون، لن تكون حكومة ولا مَن يحكمون. فالهدف الاول والاخير لأي حكومة في حسابات العهد، هو ضمان مستقبل رئيس التيار الوطني الحر السياسي.
ميقاتي وفق المصادر، على بيّنة من هذه الحقيقة، ويعرف (تماما كما رؤساء الحكومات السابقون) ان كل الكلام المعسول الذي سمعه خلال اللقاءات التي عقدها مع بري وباسيل وممثلي حزب الله(…) من المستبعد ان تُصرف في سوق التأليف…الا انه سيعطي التشكيل والبلاد فرصة جديدة، ربما تخيب قراءتُه السلبية هذه وتبصر حكومة الانقاذ الذي يريدها ميقاتي وفق المبادرة الفرنسية والمعايير الدولية، النور.
على اي حال، تقول المصادر إن ميقاتي لن ينتظر طويلا، فهو سيعطي نفسه مهلة محددة لا تتجاوز الاسابيع القليلة، ليؤلف. اما اذا لمس ان التعطيل على حاله، فإنه سيعتذر ويكون بذلك، عرّى العهد مجددا امام اللبنانيين والعالم، مؤكدا لهما، وبالثلاثة (بعد مصطفى أديب وسعد الحريري) ان الفريق الرئاسي يريد حكومة لإنقاذ نفسه و”وريثه”، لا لإنقاذ البلاد.
لبنان المنهار امام فترة مشاورات ومحادثات جديدة اذاً، فإما تخرج بـ”قمحة” في زمن الجوع والفقر وأزمة الرغيف والدواء، او بـ”شعيرة”، يغصّ بها وتُغرقه أكثر في جهنم مصائبه. فهل تفعل ذكرى ٤ آب وما يمكن ان تفجّره من غضب شعبي، معطوفة على العقوبات الاميركية والأوروبية، فعلَها في المنظومة فتسهّل التأليف؟ ام ان الحسابات الشخصية والحزبية المدعومة باطنيا بمصالح ايران الاقليمية، ستترك لبنان معلّقا على الصليب؟ فلننتظر ونر…