كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
“راجعين عالسراج” لا محال، فالعتمة الشاملة التي دخلتها أكثر من بلدة في منطقة النبطية، دفعت بالناس الى التفكير بجدّية بالسراج و”الفلورسون” وحتى القنديل، فالحلول المرتقبة لازمة الاشتراك والتيار الكهربائي غائبة كلياً، وما يحصل لا يعدو كونه ترقيعاً لن ينتج حلاً ناجعاً لأزمة تزداد تفاقماً يوماً بعد آخر، نتيجة تعذّر ايجاد المازوت في السوق السوداء. فالمحطات تتهرّب من مسؤوليتها، بحجة “ما عنا مازوت” فيما كل المعطيات تؤكد أن اغلبها يخزّن المازوت، ويبيع جزءاً منه لتجار الازمة، بدليل أنه يخرج فجأة من المخازن ليتحوّل مازوتاً انتخابياً، وما عدا ذلك لا مازوت الا وفق سعر الـ300 الف ليرة للتنكة، السعر الاعلى الذي تسجله تنكة المازوت في اروقة السوق السوداء، ما يعني أن لا حلول لازمة مازوت مولدات الاشتراك، ولا حلول لأزمة آبار المياه الخاصة ولا تلك العائدة لمصلحة المياه، ولا حلول لأي ازمة قائمة، طالما أن السوق السوداء ” فاتح ع حسابو” من دون حسيب او رقيب.
بدأت الازمات تخرج عن السيطرة مع إعلان العديد من أصحاب الاشتراكات خروج مولّداتهم عن العمل بسبب تعذّر ايجاد المازوت حتى من السوق السوداء، واعلان العديد من أصحاب الآبار الخاصة التي تغذّي الجرّارات بالمياه لبيعها للمنازل التوقف عن الضخّ، لأن المازوت مفقود الا لمن يدفع 300 الف ليرة لبنانية كما افاد صاحب احد الآبار في بلدة حاروف، مؤكداً انه لم يجد المازوت بسعر 200 الف ليرة لبنانية وأن أحد تجار الازمة طلب 300 الف ليرة للتنكة ليزوّده بالمادة و”الا ما في”.
بين العتمة الشاملة التي وقعت، وانقطاع المياه بشقيها الشفة والاستهلاك، يبدو أن مرحلة جديدة من الأزمات يدخلها المواطن الذي يدفع ضريبة غياب السياسات المائية والكهربائية طيلة العقود الماضية ويعوم على ثروة مائية تذهب هدراً نحو البحر، فخرج اهالي بلدة حبوش عن صمتهم، بعدما أطفأت محركات المولدات الثلاثة التي تغذي البلدة بالكهرباء الموازية “الإشتراك”، قطعوا الطريق عند جسر حبوش بالاتجاهين، مندّدين بالحالة المعيشية التي وصلوا اليها، فالعتمة التي ترافق يومياتهم، غير محببة، فهي تعطل أعمالهم، تقضي على ما تبقّى من مقدرات شحيحة لديهم. غضب الأهالي ترجم عملياً على الأرض “لن نفتح الطريق ما لم يتم تأمين المازوت”، عبارة ردّدها المحتجون الذين ضاقوا ذرعاً من الوعود الكاذبة. “نريد المياه والكهرباء، نريد أن نعيش بكرامة”، قال احدهم بغضب، وفق احمد “تعبنا، ما بقى قادرين نتحمل” معتبراً “أن المازوت علّة الازمات، فهو سيطيح بآخر مقدرات الناس، فنحن نعيش من دون كهرباء ومياه حتى الانترنت مهدد والخبز مهدد، شو بعد في ما عشناه”؟
يؤكد أحد المحتجين “أن المازوت محتكر من تجار الازمة المدعومين”، متسائلاً “كيف يعقل ان يكون مفقوداً، وبسحر ساحر يتوفر، كفى ضحكاً علينا، ارفعوا الغطاء عن كل المحتكرين”، وشدّد على أن مطلبهم محقّ “بدنا الكهرباء، ويجب على المسؤولين التحرك، نحن لسنا مكسر عصا وحياتنا ليست للتجاذبات”.
ألحقت أزمة الاشتراك في حبوش كما كل القرى خسائر بالجملة، بدأت على اثرها معظم المصالح التي تعتمد على الكهرباء الاقفال او الاستغناء عن السلع التي تحتاج برادات، ما سينعكس حتماً على حاجات المواطن الذي يعيش في لعبة دومينو شطرنج، كل قطعة ازمة.
أكثر ما يخشاه ياسين هو “أن تطول الازمات، وتصبح العتمة مشروعة وانقطاع المياه امراً عادياً”، معتبراً “ان المياه والكهرباء وجهان لحياة الناس”، ومستغرباً “كيف يعقل ان ندفع ثمن الازمة من جيوبنا والمياه مقطوعة والكهرباء مقطوعة، فعلاً نحن بلد العجائب”.
لم يمرّ تحرك اهالي حبوش على سلام، فقد تخلله اطلاق نار من قبل أحد الاشخاص المعترضين على اقفال الطريق، بحجة “ان الكهرباء مقطوعة عن الكل والعتمة حال الكل، فلماذا تقطع الطريق على الناس. الاجدى قطعها على المحطات ومنازل تجار المازوت والنافذين لتأمين المازوت للاشتراكات وغير ذلك فهو دعسة ناقصة في وحل الازمات، تغرق أكثر مما تفيد”.