Site icon IMLebanon

شُح المازوت يهدّد المواسم الزراعية والخسائر ستكون كارثية

كتب عيسى يحيى في نداء الوطن:

يرفع اللبنانيون الصوت ويعلو صراخهم حيال الأزمات التي يمرّون بها من دون مجيب، وتسقط على رؤوسهم الويلات الواحدة تلو الأخرى، يبحثون عن الأدوية والمحروقات كمن يبحث عن إبرةٍ في كومة قش، وما بينها يتنافس التجار والمحتكرون على كيّ جروح الناس أكثر واكثر عبر إذلالهم ورفع الأسعار بشكل جنوني.

تنفرج الأزمة جزئياً على خط تأمين البنزين، وتقفل أمام مادة المازوت الحيوية وذات الأهمية في تسيير أمور المواطنين الحياتية من كهرباء ومولدات، إلى تأمين مياه الشفة التي تلوح في الأفق أزمة قد تطالها، وصولاً إلى المواسم الزراعية التي تعتمد آبار الرّي على المادة في تشغيل المولدات التي بدورها تغذي المضخات بالكهرباء لسحب المياه من باطن الأرض. وفيما يستغني البعض عن البنزين لسياراتهم ويتنقّلون مع جيرانهم أو عبر وسائل النقل العمومية تجنّباً للوقوف في طوابير الذل والإنتظار لساعات طويلة، مصحوبةً بالمخاطر من إشكالات مسلّحة على أفضلية التعبئة أو إجتياح شاحنات للطابور ما يتسبّب بحوادث أليمة كما حدث اخيراً مع الشاب محمود الدلباني في صور، لا يمكن الإستغناء عن المازوت الذي بات فقدانه يهدّد الناس في حياتهم وأرزاقهم.

معاناة البقاعيين لم تتوقف يوماً مع تأمين المحروقات من دون حسيبٍ أو رقيب، ومن دون تدخّل جهات رسمية أو حزبية في تأمين حاجات الناس، حيث تركت لمصيرها ولتحكّم اصحاب محطات الوقود بالأسعار وفي تأمين ما يحتاجه الناس وفق أهوائهم ومصالحهم. وإن كانت الدولة قد حدّدت اسعار صفيحتي البنزين والمازوت الذي يسير تدريجياً وفق جدول رفع الدعم عنهما تدريجياً حيث تأقلم الناس مع الأوضاع، يمارس بعض أصحاب المحطات سياسة الكيل بمكيالين في التسعير، حيث وصلت صفيحة البنزين في بعض المناطق والبلدات إلى مئة وخمسين ألفاً ويقوم الناس بتعبئتها بالرغم عنهم، فلا بديل أو حلّ، كذلك تباع صفيحة المازوت بـ 150 ألفاً إن وجدت ومع تربيح ألف “منيّةٍ وجميلة” فيما لم تصل تسعيرة الدولة الرسمية إلى عتبة الستين ألفاً.

أضعاف مضاعفة من الأرباح تحقّقها مافيات المحروقات سبقهم تجار المواد الغذائية، ووحده المواطن اللبناني يدفع الثمن، ومع فقدان مادة المازوت التي عانى منها البقاعيون قبل أسابيع مع إنقطاع الكهرباء وتقنين الإشتراك لعدم وجود المازوت، يعاني المزارعون في البقاع الشمالي منذ اسبوع وأكثر من المشكلة نفسها، مع فارق الخوف من تلف المواسم الزراعية ويباسها وهي تحتاج للرّي بشكل يومي لا سيما الخضار، فيما تحتاج الأشجار للرّي أسبوعياً، ولتأمين المازوت يجهد هؤلاء في التنقل بين محطة وأخرى حيث تتراوح حاجاتهم وفق مواسمهم ومساحات الأراضي المزروعة من دون أن يوفّقوا سوى بتأمين ما يكفيهم لأسبوع على وعد وأمل في أن يؤمّنوا حاجات الأسبوع القادم.

أحمد فارس مزارع من مشاريع القاع أشار في حديث لـ”نداء الوطن” الى “أن المزروعات في سهل القاع تتعرّض للتلف بسبب فقدان مادة المازوت، حيث يعاني المزارعون هناك من فقدان المادة ومن صعوبة نقلها إلى المشاريع فهي تحتاج إلى إذن من الجيش اللبناني، كذلك المعاناة في نقل البضائع إلى السوق حيث ترتفع أجرة النقل إن وجدت”، وأضاف “ان الآبار التي يروون منها مزروعاتهم تعمل يومياً والكميات التي نحتاج إليها كبيرة، وكأنه لا يكفينا الحرمان الذي نعاني منه في البلاد لنحرم من تأمين المازوت لري مزروعاتنا التي نعتمد عليها وهي السبيل الوحيد لنا في معيشتنا، والحل يكون بإقفال المعابر أمام تهريب المازوت وفي مشاريع القاع لا معابر تهريب، والناس إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه ستترك ما زرعته”.

معاناة تأمين المازوت يواجهها أهالي القرى والبلدات الحدودية أيضاً حيث يجد هؤلاء صعوبة في نقل المازوت إلى مشاريعهم الزراعية، فالجيش اللبناني مشكوراً يقوم بالتدقيق بالكميات التي ينقلها المواطنون والتي لا يسمح فيها للشخص بنقل أكثر من 20 ليتراً، والكميات الأكبر تحتاج إلى إذن وموافقة وإنتظار طويل وذلك في سبيل مكافحة التهريب، مع العلم أن مراكز الجيش اللبناني وأبراج المراقبة تنتشر على طول الحدود وتكشف عمليات التهريب إن حصلت، وهو ما يكبّد المزارعين خسائر في مواسمهم وإرتفاع التكلفة، ويدفعهم إلى الطلب من الجيش اللبناني تأمين كميات كافية لمشاريعهم الزراعية وفق السعر الرسمي توزّع برعايته وفق حاجة كل مزارع، ليستطيعوا تأمين حاجات عائلاتهم في هذه الظروف الصعبة.