جاء في “المركزية”:
خلافا للأجواء الايجابية والوردية التي أشاعها اهل الحكم إبان تكليف السفير مصطفى أديب فالرئيس سعد الحريري، حين كانوا يتحدثون عن اسابيع قليلة وتبصر الحكومة العتيدة النور، وقد ذهب رئيس مجلس النواب اثر خروجه من الاجتماع الثلاثي الذي ضمه الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري في تشرين الماضي الى حد القول ان الحكومة مسألة ايام لا اكثر، حاذر الجميع امس الإفراط في التفاؤل او الدخول في لعبة تحديد مهل لإتمام المهمة.
بري ولدى مغادرته بعبدا قال “العبرة في التأليف”. أما حزب الله، فبدوره بدا “متريثا”، رافضا تكبير الرهان او اشاعة آمالٍ قد لا تصيب. وبحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، فإن هذين الموقفين قد يكونان مبرّرين وواقعيّين نظرا الى التجارب السابقة وفشلها، لكنهما (وموقف الحزب في شكل خاص) قد يدلان ايضا الى إدراكهما ان “قواعد” اللعبة لم تتغيّر كثيرا لا في بعبدا ولا لدى فريق الرئيس المكلّف، رغم تبدّل بعض “اللاعبين”، وبالتالي فإن النتيجة المتوقّعة ستكون ذاتها: إخفاق في التشكيل، سيما اذا كانت الضاحية ستعتمد سياسة “التفرّج” عينها التي اعتمدتها ابان تكليف الحريري. وقد قال النائب محمد رعد من القصر امس باسم كتلة الوفاء للمقاومة: “اليوم، مع ظهور مؤشرات تلمح الى إمكانية تشكيل حكومة، “ما منعرف، بتظبط او ما بتظبط”، فإن من الطبيعي جدا ان تؤيد الكتلة وتشجع وتعزز هذه الامكانية. ومن هنا جاءت اليوم تسميتنا لدولة الرئيس نجيب ميقاتي كرئيس مكلف لتعكس جدية التزامنا بأولوية تشكيل حكومة، ولنتقصد أيضا إعطاء جرعة إضافية لتسهيل مهمة التأليف”.
بدوره، لم يتحدث رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل خلال الاستشارات بلغةٍ “مُريحة” بل كان ايضا متحفّظا، وقد قال: “في ظل عدم ترشح النائب فيصل كرامي لأسباب يتكلم عنها هو، وفي ظل عدم الاستمرار بتسمية السفير السابق نواف سلام الذي كان لدينا توجه حقيقي للسير به، وكنا ننتظر من بعض الكتل أن تسير به، ولكن الأمر توقف ولم تكتمل عناصره. وفي ظل بقاء مرشح جدي وحيد هو دولة الرئيس نجيب ميقاتي، قررنا ألا نسمي أحدا، لأنه لدينا تجربة سابقة غير مشجعة ولدينا تطلع الى الأمام في المهمة الإصلاحية غير متناسب في هذا الإطار”. مضيفا: “نأمل أن نتعلم من التجارب، فلا تتكرر، وإن شاء الله يكون التأليف سريعا مثل التكليف، ونرى حكومة قريبا”.
بحسب المصادر، فإن طرفي التشكيل ليسا حتى الساعة واثقَين ببعضهما البعض، لذلك فإن الضبابية والتمهّل سيّدا الموقف والمواقف. فكلّ منهما يخشى ان يكون الآخر لا يزال على النَفَس عينه الذي رافق تكليف الحريري… في المقابل، تقول المصادر إن ثمة معطيات أخرى وإن قليلة سُجّلت امس، يُمكن البناء عليها لتوقّع نهاية “سعيدة” للتشكيل هذه المرة، منها حديثُ ميقاتي عن ضمانات خارجية تلقّاها، اذ قال من القصر انه لو لم تكن لديه الضمانات الخارجية المطلوبة ولم لم يكن على معرفة أنّ هناك من يريد إخماد النار لما أقدم على هذه الخطوة.
ومن المؤشرات الايجابية ايضا، المعلوماتُ التي افادت ان رئيس الجمهورية قال لدى اجتماعه بالرئيس المكلف، انه يريد انقاذ عهده، فأجاب ميقاتي بأنهما سينقذان العهد معاً، وسيعملان على تشكيل حكومة بأسرع وقت ومن دون اي شروط مسبقة… وبينما نقل اليوم عن مصادر بعبدا قولها ان “التشكيل مسألة ايام لا اسابيع”، افيد ايضا ان “ثمة ضمانات أعطاها ميقاتي لمستشار عون الوزير السابق سليم جريصاتي بأن تكون معايير التأليف مقبولة وألا تكون شروطه “تعجيزية”.
امام هذه المعطيات المتناقضة، من المبكر الجزم بمصير التكليف والتأليف، تتابع المصادر. لكن المؤكد ان الدعم الخارجي لميقاتي من قِبَل الفرنسيين والاميركيين وعواصم عربية وازنة، والعقوباتِ الاوروبية على المعرقلين، لن تكون كافية لدفع العهد الى الذهاب نحو حكومة انقاذية والى التخلي عن شروطه التشكيلية التي باتت معروفة (حصة وازنة وتسمية وزراء لا سيما المسيحيين والاستحواذ على بعض الحقائب الاساسية)، خاصة اذا كان حزب الله باقياً في موقع اللامبادرة. العامل الوحيد القادر على كسر المراوحة هو خفض ميقاتي سقف الشروط الذي كان الحريري رسمه وتخلّي العهد عن واحد لا اكثر من مطالبه، او تدخّل قوي من الضاحية لفرض التشكيل، تختم المصادر.