أطلق وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال عماد حب الله صرخة تحذير من أجل توفير مادة المازوت للمصانع وتشغيل آلاتها وضمان استمرار الانتاج وديمومته، بالتعاون مع جمعية الصناعيين.
وأضاف: “اليوم نطلق مع الصناعيين صرخة مسؤولة ومحقة ومن غير الممكن الاستمراز بقطاع حيوي كقطاع الصناعةوعندما نحاول تطوير الصناعة تنتفض مجموعة المحتكرين والمافيات مع بعض المسؤولين لمحاربة هذا القطاع لأنه من القطاعات الأساسية التي تنهض بلبنان”.
وشدد على أن “المازوت مادة أساسية في الحياة اليومية، وعلينا محاربة عمليات الاحتكار والتهريب وضرب هذه المجموعات المحتكرة والتبليغ عنها، وعلى وزارة الاقتصاد تفعيل عمل المراقبة وانا تواصلت مع وزير الطاقة لتوفير مادة المازوت لبعض المصانع الحيوية، وعلينا العمل لشراء المازوت للصناعين من الخارج لأن سعره وشحنه اقل كلفة من شرائه من السوق السوداء”.
بدوره، أشار نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش إلى أنه “أمر محزن ويدمي القلوب، أن تصل حال البلد الى هذا الحد من التدهور المريع، من دون أن نرى بارقة أمل تلوح في الأفق للخروج من هذا النفق المظلم.
أكثر من سنة ونصف على أزمتنا الاقتصادية، وفي هذا الفترة الزمنية لم نر سوى الارتجال والشعبوية، والنتيجة المزيد من التراجع وحصد المزيد من الخسائر وصولا الى إنهاك البلد بمن فيه.
أكثر من سنة ونصف، والقطاع الصناعي يرفع الصوت، لتحصينه وتهيئة الظروف المؤاتية له لضمان إستمرار ماكيناته وآلياته في الدوران والانتاج خدمة للإقتصاد الوطني والمواطن اللبناني، وخصوصا في ظل هذه الأزمة العاتية التي تشكل فيها الصناعة الوطنية أهم أدوات المواجهة والصمود والعودة الى طريق التعافي والنهوض.
لكن النتيجة كانت، وللأسف، الانتقال من أزمة الى أزمة أخرى أشد واقوى، وصولا الى هذا اليوم الذي باتت فيه المصانع مهددة فعليا بالتوقف نهائيا عن العمل، نتيجة الإنخفاض الكبير بالتغذية الكهربائية لدى مؤسسة كهرباء لبنان، وعدم القدرة على الحصول على البديل أي المازوت لتشغيل مولداتنا الخاصة”.
وتايع: “للتذكير، أطلقنا منذ قرابة أسبوعين صرخة بعد توقف الكثير من المصانع لأيام عدة بفعل فقدان المازوت، ناشدنا فيها المسؤولين اتخاذ الإجراءات الكفيلة تفادي الأعظم، لكن لا حياة لمن تنادي”.
وخاطب وزير الصناعة: “من هذا المنبر نرفع الصوت ونقول إنها قضية حياة أو موت للقطاع الصناعي. فلا يمكن أي عقل بشري أن يستوعب ما يحصل خصوصا ان الجميع ولا سيما من هم في سدة المسؤولية كانوا يعلمون أن المصيبة آتية على مستوى الكهرباء والمحروقات. لكن ماذا فعلوا؟ بالتأكيد لا شيء. وها نحن في قلب هذه الكارثة التي تهدد الكيان وتزيد من معاناة اللبنانيين وتعمق أكثر فأكثر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والحياتية.
نطلق من هنا من هذا المنبر نداء وطنيا: نريد حلولا ناجعة ومستدامة. دورة الحياة والانتاج في لبنان مهددة فعليا بالصميم”.
وتابع: “تراوح نسبة كلفة الطاقة والمازوت ومادة الفيول من إجمالي كلفة أي منتج مصنع بين 5 أو 40 في المئة. لذا من المستحيل على أي صناعة تستهلك طاقة كثيفة ومنها صناعة التغليف التي تؤثر على كلفة كل الصناعات الأخرى، أن تشتري من السوق السوداء التي قفزت أسعارها منذ أسبوع الى 600 دولار او اليوم الى 1250 دولار للطن الواحد”.
وتوجه الى وزير الصناعة ايضا: “القطاع الصناعي الذي وقفت وتقف الى جانبه مهدد فعليا بالتوقف نهائيا وتكبد خسائر فادحة. نعم، هذا القطاع الحيوي والذي يؤدي دورا وطنيا رائدا، وخصوصا في ظل هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة، مهدد بشطبه من المعادلة، وليعلم الجميع ان النتائج ستكون كارثية على مختلف المستويات والمقاييس، ولعل أبرزها:
أولا: تهديد الأمن الاستهلاكي والغذائي للبنانيين مع توقف دورة الانتاج، وخصوصا ان الصناعة الوطنية قامت خلال فترة السنة ونصف السنة الماضية ومع تصاعد الأزمة، بتوفير معظم حاجات اللبنانيين الاستهلاكية والغذائية والصحية بعد تراجع الاستيراد من الخارج مما يعني إن امدادات السوق اللبنانية مهددة بالتوقف نهائيا.
ثانيا: خسارة أسواق التصدير الخارجية التي عمل عليها الصناعيون لعقودن.
ثالثا: خسارة التدفقات المالية بالعملات الأجنبية من الخارج الى لبنان التي كان يضمن تصدير الصناعات اللبنانية، وهذه العملات الصعبة تشكل حاجة ماسة للاقتصاد الوطني وللبنانيين للصمود وتحريك عجلة الاقتصاد في ظل إنعدام التدفقات المالية من الخارج.
رابعا: تهديد الأمن الاجتماعي مع خسارة عشرات آلاف العاملين في المصانع لوظائفهم وأعمالهم.
خامسا: الإنزلاق نحو الانفجار الاجتماعي مع الفوضى العارمة التي ستشهدها الأسواق، بسبب إختفاء معظم السلع بمختلف انواعها واشكالها”.
وقال: “فعلا، إنها نكبة وطنية، وعلى من يسمع من المسؤولين أن يستدرك قبل الإنفجار الكبير. فليس مسموحا أو مقبولا على الإطلاق التعامل مع هذا الملف الوطني بإمتياز بهذه الخفة وعلى الطريقة التي اعتادوا أن يتعاملوا بها مع مختلف الملفات”.
وأضاف: “ساعة الحقيقة دقت، ونحن كصناعيين وفي هذه اللحظة المفصلية نطالب الحكومة والمسؤولين المعنيين وبإلحاح، الإسراع بوضع إستراتيجية وطنية لإستدامة توفير المازوت والإشراف على توزيعه ومنع تخزينه وتهريبه.
فمن غير المفهوم كيف ان كميات المازوت متوافرة في السوق السوداء ولعمليات التهريب، في حين لا كميات متوافرة مدعومة. ان التخزين بكميات كبيرة على مساحات ضخمة، هو بالتأكيد واضح للعيان، اما المسؤولون عن التهريب فمن المعروف من هي الجهات الأمنية السياسية والحزبية التي تحمي المعابر من الشمال الى البقاع. نعم، إن حل هذه الأزمة المصيرية لا يكون بالمفرق وبالتهرب من المسؤوليات ورمي الكرة في ملعب الآخرين، تحت شعار: كل قطاع “يدبر راسو”. فالحل هو في تحديد حاجات القطاعات الحيوية والأساسية من صناعة ومستشفيات وأفران وغيرها، وضمان توزيع الكميات بنسب عادلة لكل قطاع بحسب حاجة الإستهلاك”.
وختم: “من المسلمات أن توفير هذه المادة الحيوية هو مسؤولية الدولة، لأنها ستصاب وتتعطل بكليتها جراء فقدان المازوت”.