كتبت راكيل عتيِّق في “الجمهورية”:
لم تتّضِح الصورة الحكومية الكاملة بعد، على رغم ترجيح أصوات معنية بالملف أن يكون شكل الحكومة المنتظرة مُشابه للصيغة التي سبق أن طرحها الرئيس سعد الحريري، أي حكومة اختصاصيين غير حزبيين، فضلاً عن أنّ الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي أكثر مرونةً وتعاملاً مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولا حساسية بينهما على غرار تلك التي تحكم بالعلاقة بين عون والحريري،، ما قد يساهم في التعاون للتأليف. وترى هذه الأوساط أنّ الحكومة المرتقبة، إمّا تكون سريعة الولادة وتُبصر النور في غضون 10 أيام أو أنّها لن تؤلّف، وهذا يعني «محلّك يا واقف».
يعتبر البعض أنّ تمسُّك «الثنائي الشيعي» بوزارة المال فتح الباب أمام بقية الأفرقاء للتمسك بوزارات والمطالبة بحصص، ما عَرقل مهمة الحريري التي كانت تقضي بتأليف حكومة اختصاصيين غير حزبيين وفق المبادرة الفرنسية التي التزمها جميع الأفرقاء أمام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، قبل أن ينكثوا بوعدهم. فهل لا يزال «حزب الله» وحركة «أمل» متمسّكين بوزارة المال للطائفة الشيعية، وهل حُسم هذا الأمر مع ميقاتي؟
تعرب مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري عن اعتقادها بأنّه لن يكون هناك اختلاف بين قواعد التأليف التي اعتمدها الحريري وما سيعتمده ميقاتي، وذلك «من دون ضجيج»، باستثناء العلاقة مع عون، بحيث أنّ ميقاتي منفتح على التشاور بوتيرة مكثفة أكثر مع رئيس الجمهورية. وتشير الى أنّ «أحداً لم يتمسّك بوزارة المال، بل سبق أن قلنا للحريري: سَمّ من تريد، وأبلغنا بالاسم، فنقول لك: «منيح». وهذا ما حصل. وإنّ الأساس الآن ليس في الوزارات بل في أن يسير البلد وينهض».
من جهتها، تقول مصادر قريبة من «حزب الله» إنّ وزارة المال ستكون من حصة الطائفة الشيعية. وتجزم أنّ «الحزب» يحاول بقدر الإمكان المساعدة على تسهيل التأليف بالتشاور مع الحلفاء والضغط «المعقول والمقبول» عليهم، لكي يكونوا متعاونين مع رئيس الحكومة المكلف، لكن في النتيجة، بالنسبة الى «الحزب» لكلّ فريق حرية وهامش التحرُّك، وضغطه لن يكون قاسياً، وحتى لو أنّه يحاول التسهيل، لكن لا يمكنه الطلب من أيّ من حلفائه أن يتنازل وأن يتقدّم خطوة من دون أن يتنازل الطرف الآخر ويتقدّم خطوة أيضاً.
أمّا شكل الحكومة، فهو أيّاً يكن، قابل للنقاش، بالنسبة الى «حزب الله»، إن كانت حكومة اختصاصيين أو حكومة تكنو – سياسية، سبق أن اقترحها ميقاتي. فبالنسبة الى «الحزب»، هذه حكومة انتخابات سيكون عمرها بين 9 أو 10 أشهر بالحد الأقصى. وبالتالي، أي صيغة يُتفق عليها انطلاقاً من قواسم مشتركة بين الأفرقاء للتعجيل بتأليف الحكومة، ستكون جيدة ومقبولة من «الحزب»، الذي يرى أنّه لا يجب أن يتوقف الأفرقاء عند آرائهم ومطالبهم وأن يتشبّثوا بها.
وفي حين اتهم الحريري «حزب الله»، في مقابلته التلفزيونية بُعَيد اعتذاره عن التأليف، بأنّه عرقل إجراء الاصلاحات ومنعها، منذ تسعينات القرن الماضي، فهل سيسهّل «الحزب» إجراء هذه الإصلاحات في حال نجح ميقاتي بالتأليف، وهي مطلوبة دولياً كشرط مسبق لتقديم أي مساعدة جدية للبنان؟ تؤكد المصادر القريبة من «الحزب» أنّه «مع الاصلاحات بلا أي رادع، لكن ليس أن تكون على حساب المواطن، وليس أن يكون إصلاح الفساد والهدر العام والسرقات التي حصلت بالضرائب، وأن يكون جنى الذين سرقوا على حساب المواطن». الى ذلك، إنّ الإصلاحات كلّها قابلة للنقاش لدى «الحزب»، وسيتعاطى مع كلّ قضية بقضيتها.
تسمية «الحزب» لميقاتي تؤشّر بالنسبة للبعض، الى تسهيل التأليف، فيما أنّه لم يُسمِّ سابقاً الحريري، ما قد يعني أنّ «كلمة السر» الإيرانية بالإفراج عن الحكومة وصلت. إلّا أنّ «الحزب» سمّى ميقاتي إنطلاقاً من الإجماع السني عليه من المرجعيات السياسية ودار الفتوى، و»الحزب» لا يريد في هذه المرحلة أن يكون ضدّ هذا الإجماع. وتقول المصادر القريبة من «الحزب»: «صحيح أنّه لم يسمِّ مبدئياً الحريري، لكن تسهيله لمهمة الحريري ومساعدته وإصراره على استمراره بالتأليف، كان من دون أي حدود». وعلى رغم أنّ مراجعة مواقف ميقاتي تظهر «السقف العالي» لهجومه على «الحزب»، سيتعامل «حزب الله» مع ميقاتي ويتعاون معه لـ»مصلحة البلد». وسيعتمد «الحزب» مع ميقاتي نهج التسهيل نفسه الذي اعتمده مع الحريري. وتقول المصادر القريبة منه: «شو ما عمل «حزب الله» ما راح يخلّص، عنزة ولو طارت». إنطلاقاً من ذلك، يستمرّ تواصل «الحزب» وتشاوره مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإقناعه بتسهيل التأليف. كذلك هناك تواصل مباشر بين «الحزب» وميقاتي، وهو كان قائماً أساساً قبل تكليف ميقاتي التأليف، ولم ينقطع.
أمّا بالنسبة الى الكلمة الإيرانية بالنسبة الى الحكومة في لبنان، فتقول المصادر القريبة من «حزب الله»: «أحد لا ولن يصدّق، لكن إيران لا تتدخّل بالملف اللبناني الداخلي، هي تتدخّل مع المقاومة وتساندها وتعتبر أنّ القرار في لبنان بيد الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله. وإنّ الإيرانيين يقفون عند رأي السيّد بموضوع العراق، فكيف الحري في لبنان».