وزعت السفارة البريطانية مقالا للسفير الجديد في لبنان إيان كولارد، بعنوان “الأمل للأمة يكمن في التعليم”.
وجاء فيه: “في لبنان، لطالما انطبق هذا القول حقيقة وواقعا. بحسب الفيلسوف الهولندي أيراسموس “الأمل الرئيسي للأمة يكمن في التعليم المناسب لشبابها”. وفي لبنان، لطالما انطبق هذا القول حقيقة وواقعا. لقد كانت زهوة هذا البلد قائمة على الاستثمار الكبير في قطاعه التعليمي في المفكرين اللبنانيين والمقاولين والخبراء الذين استطاعوا إيجابا تشكيل أمتهم. وبطموحاتهم، انتشروا في المنطقة والعالم، ولكن للأسف، من أكبر التحديات التي يواجهها لبنان اليوم في خضم أصعب الفترات في تاريخه، هو ما يشهده اليوم تعليم أولاده.
المملكة المتحدة هي من أكبر الداعمين للتعليم في لبنان، كما حول العالم. نستضيف هذا الأسبوع في لندن، بالتعاون مع كينيا، القمة العالمية للتعليم من أجل تأكيد أهمية البرنامج التعليمي، وبخاصة تعليم الفتيات. ففي الواقع، كل الأدلة تؤكد أن تعليم الفتيات هو من أذكى الاستثمارات في كل بلد يطمح إلى تحسين مجتمعه بهدف التخلص من الفقر وإنماء الاقتصادات وإنقاذ الحياة فيه والخروج بشكل أفضل من أزمة كورونا.
وفي لبنان، رغم الجهود الجبارة والتزام الخبراء في مجال التعليم والتدريس، تركت الأزمات المتتالية التي ضربت البلاد تأثيرا سلبيا على قطاع التعليم، من الفوضى السياسية والاقتصادية إلى جائحة كورونا إلى انفجار مرفأ بيروت. فلقد تم تعطيل دراسة أكثر من 1.2 مليون تلميذ لأكثر من عام، والكثير منهم لم يحضر إلى المدارس منذ تشرين الأول 2019، وأثر ذلك على اللبنانيين واللاجئين على حد سواء.
شعر كل أهل لبنان اليوم بتحديات التعليم عن بعد، فالتعلم عبر الانترنت تتخلله تحديات مختلفة، من البنى التحتية الرقمية الضعيفة إلى الولوج المحدود إلى التكنولوجيا. وتبقى هذه من أهم العوائق بالنسبة إلى الكثيرين. ومن هم أكثر ضعفا في الأساس هم الأكثر تأثرا بهذا الوضع. كما أنه لا يحتمل لبنان خسارة جيل المستقبل إن كان في عالم التكنولوجيا أو التعليم أو المقاولة أو القانون أو الاقتصاد أو المجتمع المدني أو غيره.
لذا، يبقى التعليم في لبنان أولوية بالنسبة للمملكة المتحدة، والمساعدة التي تقدمها المملكة المتحدة من خلال برامجنا وحشد الدعم السياسي، وبمساعدة شركائنا اللبنانيين والدوليين، التي تطال الأطفال هنا وتؤمن لهم فرص التعليم والمهارات الحياتية الأساسية هي مصدر فخر لنا. فقد استثمرنا في المساعدة المالية والتقنية من أجل تقوية نظام التعليم الرسمي وتحسين معايير التعلم والتعليم بما فيه التعليم الشامل والتعلم عن بعد. لقد وصلت الشراكات مع المجلس الثقافي البريطاني المدارس البريطانية واللبنانية بعضها ببعض، كما تقدم مكتبته الرقمية مختلف الخدمات للجميع.
أتطلع اليوم بعد أسبوعين في وظيفتي الحالية في لبنان إلى التعرف إلى العديد من الأشخاص في البلد ممن هم مصدر إلهام وملتزمون في الإتيان بكل جهد من أجل لبنان آمن ومستقر ومزدهر.
وحقيقة، يبقى الشعب اللبناني أثمن ما يملكه هذا البلد، وهو السبب الذي يجعلني أبقى متفائلا على المدى البعيد، رغم مصاعب هذه الأيام، لكن النظام مخيب لآمال شعبه وآمال الجيل الجديد. والضرر المباشر الذي يسببه المأزق السياسي الحالي وفشل معالجة تحديات لبنان الكبرى له تأثير كبير وخطير على القطاع التعليمي.
المستوى المحترم من التعليم هو حق إنساني يقدم سلما نحو النجاح الاقتصادي ويسلح الشباب بالمهارات التي يحتاجونها لتحقيق إمكانات أوسع، ولكن الأمر أعمق بعد، إذ في مقابل تحديات عالم عصري مترابط، لبنان ناجح هو لبنان وفي لجذوره كبلد يتطلع نحو الخارج، بلد نابض ومحب للاطلاع. ولا يمكن إلا للتميز العلمي أن يحقق ذلك من خلال الانفتاح وتوسيع الآفاق وفتح العقول. الرهان على ذلك كبير كما لو أن مستقبلك رهن به، إذ بصراحة هو فعلا كذلك”.