بقدر بيانات الحث الغربية، الأميركية والأوروبية، الصادرة عقب تكليف الرئيس نجيب ميقاتي والمجمعة كلها على ضرورة التحرك الآن لتشكيل حكومة بسرعة تتمتع بالصلاحيات، ملتزمة بتطبيق إصلاحات حاسمة، ليساعدها المجتمع الدولي، تبرز اهمية لا بل حتمية التشكيل لبنانيا عموما وسنياً في شكل خاص لان خلاف ذلك سيُنتج عواقب وخيمة لا قدرة للسلطة الحاكمة ولا للعهد تحديدا على تحمل تداعياتها. فإما ان يكون التكليف الثالث ثابتاً وتبصر حكومة ميقاتي النور استنادا الى المطالب والشروط الدولية لا الداخلية الحصصية والفئوية الضيقة وإما فإن “القيامة ستقوم” وسيكون لبنان برمته امام واقع جديد عنوانه انقلابي خطير بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ” المركزية”، موضحة ان العهد بات على الارجح على بيّنة من هذا الواقع المفترض انه يعمل بهديه تجنبا للانزلاق الى ما هو اخطر من كل ما تقبع تحته البلاد راهنا، على رغم فداحته.
ضمن هذا الاطار، تضع المصادر الزخم الذي يخيم على حركة الرئيس المكلف في اتجاه التشكيل السريع والشروع الجدي في البحث في الصيغة الحكومية، وما يتردد عن اتفاق مع الرئيس ميشال عون، على صيغة الـ24 وزيراً، على أن تكون الحكومة من اختصاصيين غير حزبيين مستقلين تنفذ الاصلاحات وتتفاوض مع صندوق النقد، وفق المبادرة الفرنسية والورقة الاقتصادية المبرمجة التي وضعتها لانقاذ لبنان، والتي ستشكل البيان الوزاري للحكومة متضمناً مشاريع اساسية ستعمل على تنفيذها كالكهرباء واعادة تأهيل مصفاتي طرابلس والزهراني وغيرها من المشاريع المفيدة مع الحرص على الابتعاد عن الوعود الطنانة والرنانة التي لطالما تبقى حبرا على ورق.
ولئن كانت المصادر تحاذر الاغراق في التفاؤل استنادا الى التجارب اللبنانية المريرة، الا انها لا تستبعد عنصر المفاجأة قبل 4 آب، بتشكيل حكومة ظرفية تقتصر مهمتها على تمرير المرحلة بالحد الادنى من الخسائر وضمان الاستقرار في مواجهة التحديات الاقليمية والتحولات المقبلة على المنطقة التي سترسي التسويات الكبرى المتوقعة بانعكاساتها الواسعة على لبنان، آنذاك واستنادا الى الواقع المستجد، يمكن استنباط الحل الدائم لازماته وعقد مؤتمر دولي يثبّت الحل النهائي. وحتى تحين الساعة، فقد فوّض المجتمع الدولي فرنسا معالجة الازمة اللبنانية “بالتي هي أحسن” ، منعا للانفجار عبر وصفة تهدوية تتضمن سلسلة مسكنات من شأنها تخدير الوضع وضمان الاستقرار بحكومة تؤمن الانتقال الى مرحلة الحل التي تعقب التسوية المتعددة الاوجه التي تشمل ازمات المنطقة.
يدرك الرئيسان عون وميقاتي خطورة المرحلة داخليا وخارجيا ويسعيان على ما يبدو الى تجنب الدعسات الناقصة وتجاوز مطبات التشكيل منعاً للارتطام المدوي، وهذه المرة سيكون قاضيا بحسب المصادر، اذ انه سيطيح بالسلطة برمتها ان لم يكن في الشارع الذي فخخوا ثورته واجهضوها فبالسبل الدستورية المتاحة واقصر طرقها الاستقالة الواسعة من المجلس النيابي لمعظم من سمى ميقاتي في الاستشارات، بحيث تمهد الاستقالة الى مسار انقلابي على الارجح فيتكرر سيناريو العام 1989 بإخراج مختلف ربما الا ان النتائج قد تتشابه ، فهل هذا المطلوب؟