كتب علي الأمين في “نداء الوطن”:
لن يكون الرابع من آب “مناسبة” وطنية فحسب، ويوم حداد وطني “يمرّ مرور الكرام”، انّما من المتوقّع ان تجري رياح الشعب المكلوم بما لا تشتهي سفن السلطة، ويتحوّل الموعد الى محطة مفصلية، ما كان مقبولاً قبله لم يعد كذلك بعده.
من الواضح ان العهد وسلطته وحليفه وسند ظهره “حزب الله” مع صهره، معطوفاً على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، يبتزّون هذا النهار الأليم، لتنفيس أهالي الشهداء والجرحى والمتضرّرين، ولكن تحت سقف الإنتهازية السياسية والقضائية، تأميناً للمصلحة السلطوية والطائفية، معطوفة على ايهام فقراء لبنان انهم خشبة الخلاص، بينما هم يغرقونهم ليقبعوا في الجهنم الموعودة!
الأرجح أن رئيس الجمهورية سيكون معنياً بالترويج لمفهوم الرئيس القوي و”تكريسه”، وبافتعال معركة حقوق المسيحيين عبر تسمية معظم الوزراء المسيحيين. فهو يدرك ان لم يعد ما لديه، لاختلاق عناوين جديدة لعهده بعدما وصل الحال في البلاد الى الدرك الأسفل، توفر فرص وصول رئيس “التيار الوطني الحر” الى رئاسة الجمهورية، فيما البقاء على مطلب “الثلث المعطل” هو الأسلم، والتمسّك بتسمية الوزراء هي المعركة التي يراهن العهد، على ان تحفظ له ما تبقّى من مناصرين.
من الواضح ان الرئيس وفريقه يعمدون الى ترتيب عملية الحوار مع الرئيس المكلف، على القاعدة نفسها، اي تسمية الوزراء من قبلهما، ويدخل الرئيس ومعه الرئيس نجيب ميقاتي البلاد، بلعبة حقوق الطوائف التي لا تتحقّق الا بتعداد الوزراء الأتباع لهما او لوليهما، وطالما ان الرجلين لا يخطر في بالهما الاقتراب من “المحرم الشيعي” اي وزارة المالية، فقد اتاح لهما الثنائي الشيعي الصراع على حصص السنّة والمسيحيين بعيداً من الشيعة.
خلاصة المشهد المكرور والمملّ الى حدّ قتل لبنان، ان هذه المنظومة تمسك بورقة التعطيل، وتمتلك فرص الاستثمار بالعصبيات، ولا تريد حلولاً طالما ان اي حل، يُفضي الى تقليص دورها ونفوذها.
لم يكن اختيار ميقاتي رئيساً للحكومة الا تعبيراً عن الاستقتال، للدفاع عن “المنظومة” ومصالحها، فميقاتي منذ كان وزيراً للاشغال (هو اكثر من تولّى هذه الوزارة في ظل الوصاية السورية)، رسّخ وجوده كأحد رموز سلطة الوصاية في لبنان، وانهمك في تعزيز نفوذه من خلالها، من دون ان يُحدث اي فارق انمائي في مدينته، وتعكس قضية القروض الشهيرة من مصرف الاسكان الطريقة التي يفكّر بها تجاه المؤسسات والمجتمع، فهو لا يضيره وإن كان من اصحاب المليارات، ان يهبط الى مستوى ينافس فيه صغار الكسبة او متوسطي الحال، على قروض يستحقّونها ولا يستحقهّا كرجل سياسي يقدّم نفسه انه يعمل من اجلهم ويضحّي في سبيل حقوقهم.
تكليف ميقاتي لا يبشّر بالحل، بل بمحاولة انقضاض جديدة على كل مطالب التغيير، بعدما توهّمت المنظومة ان اللبنانيين، لم يعد يعنيهم سوى تحصيل موارد النفط، وشيء من الكهرباء وتوفير الخبز، لذا عادت المنظومة الى منطق تشكيل الحكومات الذي رسّخه “حزب الله” منذ اتفاق الدوحة، عبر ترسيخ اعراف غايتها التعطيل.
قرار التعطيل لم يزل سارياً، ويعرف رئيس الجمهورية ذلك والرئيس المكلّف ايضاً، فتشكيل الحكومة سيدخل في آليات التعطيل مجدّداً، من دون اي سعي جدّي للخروج منه، وان كان العديد من المراقبين، يرجّحون بقاء التكليف من دون التأليف الذي فيما لو تحقّق، فهو يحمل بذور التعطيل في عمل الحكومة، طالما ان المحاصصة هي الحاكمة، وطالما ان المنظومة الحاكمة، لم تستطع ابتداع سبل جديدة، للحكم من خارج ما اعتادته في ادارة الدولة، وهو سبيل أودى بالمؤسسات ويهدّد بقاء المجتمع.
الرابع من آب، سيكون اختباراً لهذه المنظومة، وللقوى المعترضة والمتضرّرة من هذه المنظومة، ويشكّل رهاناً للذين يقوّضون التحقيق في قضية المرفأ، ان القضية ستموت، فيما اهالي الشهداء ومعظم اللبنانيين، باتوا يرون ان مسار العدالة في جريمة المرفأ، سيقرّر مصير لبنان، وليس ميقاتي والمنظومة التي يمثلها فحسب. يراهن ميقاتي على الدور الفرنسي وعلى دعم “حزب الله” له في عملية التشكيل، فيما الحزب يراهن على مزيد من اظهار الهشاشة في ادارة الدولة، طالما ليس في برنامجه وجود دولة الا اذا كانت هشّة… فهل يكون 4 آب القشّة التي تقصم ظهر بعير الطغمة الحاكمة؟!