كتبت جويل رياشي:
لا يبدو ان عيد الأضحى قد مر في كافة المناطق اللبنانية. أنواع من الذبائح بينها الأغنام غابت عن مناطق عدة، بإحجام الجزارين عن ذبحها، بسبب ارتفاع أسعارها وبلوغها أرقاما غير مسبوقة.
جان ابن الراحل سمير، أحد جزاري اللحوم في بلدة متنية، قال انه لم يذبح رأس غنم منذ أكثر من 10 أيام، بسبب تخطي سعر الكيلوغرام الواحد عتبة الـ 240 ألف ليرة، علما ان سعر الكيلوغرام من هذا الصنف كان يناهز 30 ألف ليرة أيام كان سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي مثبت على 1515 ليرة. في المقابل، يقول إبراهيم أحد المستثمرين الجدد في القطاع الزراعي بمزرعة للمواشي في قضاء الكورة شمال لبنان، انه أحجم عن بيع الأغنام والماعز في فترة العيد «وشديت إيدي شوي».
في المحصلة، تغيب ذبائح الأغنام عن خطافات الحديد وبرادات الملاحم في غالبية المناطق اللبنانية، في مقابل حضور للحم البقر وللدجاج.
قبلها بأسبوع، أبلغ مطعم مسعود المشهور بتقديم وجبات المشاوي (سفري وبخدمة التوصيل) في بلدة الفنار المتنية، إحدى المتصلات لطلب وجبة عبر خدمة التوصيل، بـ «عدم شمول لائحة الطعام أصناف اللحوم حاليا واقتصارها على الدجاج (…)». وقد بلغ سعر الفروج المشوي 110 آلاف ليرة بينها 4 آلاف ثمن خدمة التوصيل.
حركة المطاعم
أزمة اللحوم تمتد أيضا إلى المطاعم، خصوصا تلك التي تعتمد على تقديم أطباق المشاوي في القرى اللبنانية.
في المقابل، تنشط الحركة بقوة وبعهد غير مسبوق في مدينتي جبيل والبترون. وتفتح مطاعم لبنانية فروعا جديدة لها. إلا أن ذلك لا يعكس الوجه الحقيقي لأزمة تضرب القطاع السياحي الخدماتي، خصوصا للذين لا يملكون المطاعم التي يديرونها، إذ يقع هؤلاء تحت سيف الارتفاع المستمر لأسعار اللحوم لبدل الإيجارات. في حين يتحدث الذين تغص مطاعمهم بالزبائن «عن عدم تحقيق أرباح تذكر، بسبب ارتفاع الأكلاف على أنواعها»، وهي العبارة التي يرددها الغالبية من العاملين في هذا القطاع.
وجه من الصمود والعزيمة لدى البعض الآخر من المستثمرين في القطاع السياحي، تتمثل في البحث عن فرص في مصر، عبر تأسيس مطاعم تحمل اسم تلك اللبنانية التي يديرونها، بالشراكة مع رجال أعمال مصريين وعرب. تجربة يتحدث عنها كارلوس الذي أصيبت حانته في مار مخايل جراء انفجار مرفأ بيروت، فقرر الشاب الانتقال إلى القاهرة. ومثله فعل محمد اليمني صاحب سلسلة مقاهي «بروس كافيه»، وقام بجولة استطلاع في العاصمة المصرية، وزوده عدد من أصدقائه الذي سبقوه إلى هذه الخطوة في مصر بنصائح حول الإدارة وغيرها.
هذا الكلام لا ينفي وجود ميسورين من مقيمين ومغتربين يعتمد عليهم القطاع السياحي. إلا ان الأزمة ترخي بثقلها في التعاطي المباشر مع عامة الناس، الذين كانوا يشكلون الى ما قبل احتجاجات 17 أكتوبر 2019 وانهيار العملة الوطنية، الطبقة الوسطى التي أنعشت البلاد طويلا.