Site icon IMLebanon

غياب المواقف الخليجية يعكس استمرار التباعد

كتب عمر البردان في “اللواء”:

يثير غياب المواقف العربية، وتحديداً الخليجية منها، حتى الآن، من تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، علامات استفهام، وإن كان من السابق الحكم على هذا الموضوع، بانتظار شكل الحكومة العتيدة، لكن لا يبدو أن هناك تغييراً قد طرأ على مواقف هذه الدول، والتي لا تعول كثيراً على ما يبدو على أي حكومة قد تشكل في لبنان، طالما أن المؤسسات اللبنانية أسيرة قرار «حزب الله» الذي يمسك مفاصل البلد، وهذا ما يمنع حصول أي تغيير جذري في السياسة الخارجية اللبنانية تجاه الخارج، وتحديداً بالنسبة إلى دول مجلس التعاون.

ويأتي في هذا السياق استدعاء المملكة العربية السعودية لسفيرها في لبنان وليد بخاري، للتشاور كما أشارت المعلومات، وهذا يؤشر إلى استمرار الموقف السعودي من لبنان، وعدم استعداد المملكة لتغطية أي حكومة تشكل، لأن شيئاً لم يتغير في ظل استمرار الواقع كما هو، دون أي تبديل في تعامل العهد مع الدول الخليجية، بدليل أنه لم يقدم على أي خطوة خلال الخمس سنوات الماضية، لتصحيح العلاقات مع هذه الدول التي لم تقصر يوماً في مد يد العون للبنان.

ولا يخفى على أحد، أن مغادرة السفير البخاري إلى الرياض للتشاور، في لحظة تكليف رئيس حكومة جديد بلبنان، ترسم علامات استفهام كثيرة حول توقيت هذه الخطوة، وما يمكن أن يترتب عنها في هذه اللحظة المفصلية، على المعنيين قراءتها بإمعان، لاستخلاص معانيها وأبعادها، في وقت ينتظر الجميع القرار السعودي المرتقب بعد استدعاء السفير بخاري للتشاور، في وقت ذهبت مصادر إلى القول، إن الموقف السعودي من أي حكومة يشكلها الرئيس ميقاتي، سيتناغم مع موقف المملكة السابق من حكومته في الـ2011، على أنها حكومة حزب الله».

وشددت المصادر، على أن «عدم حصول أي حكومة قد تشكل على دعم الدول العربية، وتحديداً الخليجية منها وعلى رأسها السعودية، سيجعل مهمة هذه الحكومة صعبة، في ظل التحديات التي يواجهها لبنان، وتحديداً المالية والاقتصادية منها»، مستشهدة بكلام النائب نهاد المشنوق الذي قال إن «مجلس التعاون الخليجي هو الجهة الوحيدة القادرة على مساعدة لبنان بالسرعة المطلوبة ولا استعداد لدى هذه الدول حتى الآن لتقديم مساعدات لأن لديها اعتراضات على سياسات لبنان»، ومؤكدة على ما قاله بأن «سياسات لبنان لا تحظى الآن بأي دعم عربي من دول مجلس التعاون». وهذا مؤشر كاف على أن دول مجلس التعاون الخليجي ما زالت ممسكة بمواقفها الحازمة تجاه لبنان، ما لم تقتنع بأنه حصل تغيير جدي في سياسة لبنان الخارجية، من شأنه أن يدفعها إلى رد التحية بمثلها، في وقت أحوج ما يكون لبنان إلى دعم أشقائه الخليجيين، القادرين إلى جانب المجتمع الدولي على الأخذ بيده لتجاوز مأزقه.

وبالنظر إلى حاجة لبنان إلى أشقائه الخليجيين، فإن الرئيس ميقاتي، وكما نقل عنه فإنه يولي موضوع تصحيح العلاقات مع الدول العربية، وخاصة الخليجية منها عناية خاصة، وهو سينكب على ذلك بعد تأليف الحكومة، توازياً مع وضع خطة لمعالجة الأوضاع الحياتية والاجتماعية المزرية. وبالتالي فإن المشاورات بشأن التأليف لن تطول، لأن الرئيس المكلف حريص على إنجاز التأليف في غضون أسابيع قليلة، حتى يتسنى له القيام بجولات على عدد من الدول العربية والخليجية، لإعادة وصل ما انقطع، وتطبيع العلاقات معها من جديد، لما فيه مصلحة لبنان بالدرجة الأولى.

وتشير أوساط سياسية، لـ«اللواء»، إلى أن «لبنان مع تكليف الرئيس ميقاتي أمام فرصة جديدة، بعدما وصل الجميع إلى الحائط المسدود، فيما كل المؤشرات تقول بأن الانفجار الاجتماعي بات قريباً، في ظل غياب الحلول على كل المستويات. وقد بدا أن الرئيس ميقاتي يتعاطى بليونة ظاهرة في موضوع مشاورات التأليف، من أجل الوصول إلى تسوية في الشأن الحكومي، على أساس تنازلات متبادلة، في وقت بعث «حزب الله» برسالة واضحة إلى الرئيس عون، بتسميته ميقاتي، بضرورة الإسراع في تأليف الحكومة، عدا عن أن المجتمع الدولي يلح على تشكيل حكومة جديدة، تقوم بالإصلاحات من أجل أن يقدم مساعدات».

لكن في المقابل، لا تعتبر الأوساط أن «الطريق أصبحت معبدة أمام الرئيس ميقاتي لتشكيل الحكومة، لأن الشيطان يكمن في التفاصيل. وقد يتسبب خلاف على حقيبة، بتبديد كل الإيجابيات التي ظهرت بعد التكليف»، داعية إلى عدم الإفراط بالتفاؤل». وذكرت أن «الرئيس سعد الحريري عقد عشرين اجتماعاً بالرئيس عون، وما تحقق شيء».