بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين في قصر بعبدا، خرج رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ليعلن ان الكتلة “تقصّدت” تسمية الرئيس نجيب ميقاتي بهدف اعطاء الرجل الدعم الكافي للسير قدما في مهمة التشكيل.
الغاية التي توخّاها حزب الله من هذه الخطوة، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، هي تأكيد جدّيته في دعم مساعي تأليف الحكومة، وإظهار استعجاله المطلق لإبصارها النور، نظرا الى الظروف المعيشية والاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، خاصة وأن جمهوره وبيئته الحاضنة، باتا لا يخفيان امتعاضهما من الوضع المتردّي، ويشكوان عدمَ تحرّك الحزب جديا لتخفيف معاناتهما.
لكن هل فعلا فادت تسميةُ الحزب ميقاتي في جهوده للتشكيل؟ للوهلة الاولى، يخال المراقب من بعد، ان قرار الضاحية جيّد وان نواياها “سليمة”، سيما وأنها ارتضت فيه تحدي – او معارضة – حليفِها البرتقالي، الذي ذهب نحو عدم تسمية احد… لكن اذا ما دقّقنا في خلفية ما فعله الحزب وفي حقيقته، سيتبيّن لنا ان التسمية لم تكن مفيدة كثيرا، كما ان الضاحية لم تستكملها او تقرنها بالخطوات اللازمة، لجعلها مثمرة و”منتجة”.
فخارجيا، يبدو ان احتضان حزب الله لميقاتي، حرق اوراقَ الاخير خليجيا، فانطبقت عليه مقولة “من الحب ما قتل!” ففي الساعات الماضية افيد بان السفير السعودي وليد بخاري غادر بيروت بشكل عاجل إلى الرياض للتشاور. وقد تردد في السياق، أن الموقف السعودي من حكومة ميقاتي قد يتناغم مع موقفها السابق من حكومته في العام 2011 على أنّها حكومة “حزب الله، الا انها تنتظر الموقف من الحزب وممارساته.
حزب الله اذا، اراد “تكحيلَ” ميقاتي، فإذ به “يُعميه”، وقد ارتدّت تسميته من قِبل الضاحية على الرجل سلبا – طبعا اذا صدقت هذه المعطيات – بحيث يبدو أنها أقفلت امامه باكرا ابوابَ المملكة وتاليا ابواب الدول الخليجية، وقد بات الزعيم الطرابلسي في نظرها، مرشّحَ حزب الله للتأليف.
بعيدا من الموقف العربي، تقول المصادر ان حزب الله لم يتحرّك حتى الساعة جديا لدى حلفائه، لتسهيل مشوار التشكيل. فلم تكد تمضي ساعات على تكليف ميقاتي، حتى بدأت وبسرعة قياسية، تطفو العقبات والشروط، على “سطح” المحادثات الحاصلة بين بعبدا وميقاتي، وإن كان الطرفان يحرصان على احاطتها بأجواء ايجابية ورديّة… وقد أفيد ان الفريق الرئاسي عاد ليتمسّك بالداخلية وبالعدل (…) فهل ستتدخل الضاحية للجم هذه الاندفاعة سريعا، قبل ان تُطيّر ميقاتي؟ ام انها، وخلافا لما تحاول تظهيرَه ، ليست متمسّكة به ولا مستعجلة فعلا، الولادةَ الحكومية؟
هذا السؤال يفرض نفسه ايضا، حين ندقق بموقف “الحزب” في الاستشارات النيابية غير الملزمة. فقد اعلن رعد الثلثاء، ان الكتلة لا تريد المشاركة في الحكومة ولا تطلب شيئا ولا اي وزارة او حصة، بل تريد حكومة اختصاصيين ينكبّون على معالجة الازمات المعيشية. لكن هذا “التعفّف” المرحّب به، يخفي في الواقع، رفضا ضمنيا لدى الضاحية لتوجّهات ميقاتي الانقاذية، سيما لناحية التعاون مع صندوق النقد الدولي الذي يخشاه الحزب ولا يحبّذه (علما ان نائب امين عام الحزب نعيم قاسم قال امس ان الحزب سيظلل الحكومة وإن لم يشارك فيها مباشرة). كما ان الحزب يحاول باكرا القول (لشارعه في شكل خاص) انه وفي حال رأت الحكومة العتيدة الضوء، وقرّرت بحكم عملها مع “الصندوق”، اتخاذَ قرارات موجعة من قبيل ترشيد الادارة العامة ورفع الدعم عن كل شيء رسميا وفي شكل تام، فإنه هو (اي الحزب) غيرُ مشارك فيها، فيحمي بذلك نفسَه من اي غضب شعبي ضده.
وبعد، اذا ما راجعنا هذه المعطيات كلّها، هل يمكن القول ان “تقصُّد” الضاحية تسمية ميقاتي، كان بهدف مساعدته، ام عرقلته وشراء الوقت الى حين تنضج الظروف الاقليمية (الايرانية تحديدا) المؤاتية للافراج عن ورقة الحكومة اللبنانية؟!