كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
ضجّت طرابلس والشمال يوم أمس بنبأ اكتشاف مستودع كبير للمازوت المخزّن في البحصاص على يد ناشطين من أبناء المدينة، في وقت تغرق المدينة في العتمة، إذ قضت طرابلس وتقضي أياما طويلة من دون كهرباء بعدما أطفأ أصحاب المولدات الخاصة مولّداتهم نتيجة شحّ مادة المازوت، في ظل تقنين كهربائي عبر الدولة أقل ما يمكن أن يقال فيه أنه أقسى من القساوة.
أيام طويلة والمواطنون نائمون بلا كهرباء في عزّ فصل الحر، وأطفالهم افترشوا الأرض والبلاط بحثًا عن شيء من البرودة، من دون أن يدروا أن مدينتهم الغارقة في العتمة تعوم على بحر من المازوت المخبّأ في مستودعات الإحتكار من قِبل تجار الأزمة الذين يستغلّون الأوضاع وفقر الناس من أجل بيعه لاحقًا في السوق السوداء بأسعار مضاعفة.
إكتشاف مستودع في طرابلس
يوم أمس الأول، وتحديدا في ساعات الليل، وعلى أثر ورود معلومات عن تخزين كميات كبيرة من مادة المازوت في مستودع في محلة البحصاص عائد لآل الغندور، داهم عدد من الناشطين المستودع المذكور، ليعثروا بداخله على كمّيات هائلة من المازوت (أكثر من 300 ألف ليتر) كما أشير، وهناك كلام عن أن المستودع احتوى على أكثر من هذه الكمية، كلّها موجودة ومخبأة تحت الأرض في الخزانات، في الوقت الذي تعاني فيه طرابلس من ظلام دامس، ويعاني أطفالها وعجزتها من الحرّ وأصحاب المستودع المذكور وكأنّ شيئاً لا يعنيهم، وعلى الأثر قام عناصر من مكتب أمن الدولة في الشمال بمداهمة شركة عواد عريضة الكائنة في منطقة البحصاص بجانب شركة كهرباء قاديشا، ومصادرة المازوت المخزّن وذلك بإشراف القضاء المختص.
ولاحقًا، صدر عن آل غندور في طرابلس البيان الآتي: “نفياً لما يتم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي في ما يتعلق بتخزين مادة المازوت في مستودعات تعود ملكيتها لـ”آل غندور” في منطقة البحصاص، يهمنا توضيح ان المخازن المشار اليها مؤجرة لشركة محروقات تحمل اسم ZR- ENERGY ش.م.ل. المسجلة عقارياً في بيروت، وذلك بعقد ايجار رسمي غير منتهي الصلاحية. من هنا يهمنا أن نؤكد أن لا علاقة لآل غندور بما يتم تخزينه في هذه المستودعات لا من قريب ولا من بعيد، فاقتضى التوضيح”.
وفي الختام قامت الأجهزة الأمنية المختصة بتسليم أصحاب مولدات الإشتراك في طرابلس الكميات المخبأة من هذا المازوت ليتم عبرها إنارة مدينة طرابلس وعودة الحياة إليها بعد أيام عصيبة قضتها المدينة وأهلها غارقين في العتمة والفوضى.
وتطرح هذه القضية، وبإلحاح، مسألة تخزين المحروقات التي لطالما حُكي عنها في طرابلس وعكار، وفي العديد من المناطق الشمالية، حيث أن هذه المواد لا تخزّن بهذا الشكل إلا لسببين لا ثالث لهما. فإما هي معدّة للتهريب إلى سوريا ريثما يحين وقتها، واما هي موجودة لتباع في السوق السوداء كلما ارتفعت أسعارها. ورصدت وسائل التواصل الاجتماعي أمس تساؤلات أهالي طرابلس والشمال عن دور الدولة وأجهزتها المعنية في ضبط الإحتكار والقيام بدورها حيال ما يجري من قِبل تجار الأزمات. وتساءل مروان “أين الدولة وأجهزتها؟ وهل تنتظر منا نحن المواطنين أن نقوم بدورها بملاحقة المجرمين بحق الشعب؟”. وقال عماد “للأسف، في غياب الدولة علينا نحن المواطنين أن نكشف المتلاعبين بمصير الشعب والمتآمرين عليه والدولة تتفرّج .. بئس هذه الدولة…”.
تجدر الإشارة إلى أن هناك العشرات من المخازن والمستودعات المليئة بالمازوت والبنزين وبعضها بين الأماكن السكنية وهي بحاجة إلى أن تفعّل الأجهزة المختصة عملها لضبطها وتسهيل أوضاع الناس في هذه الظروف الصعبة.