أكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن “البابا فرنسيس يحمل القضية اللبنانية في عمق اعماق قلبه، حيث نسمع في كل المناسبات كم هو يحمل القضية اللبنانية، وخاصة قضية الوجود المسيحي الذي هو وجود اساسي للثقافة وللعيش المشترك ولحضارة الانجيل”.
وشكر الراعي، خلال حفل تكريمي له ومطران قبرص الجديد سليم صفير اقامه المهندس هنري صفير في دارته “دار التلة” – ريفون لمناسبة سيامة المطران سليم صفير على ابرشية قبرص المارونية، “الاستاذ هنري صفير الذي فتح دارته وقلبه لاستقبال هذا الاحتفال، قائلا: نعلم ان فرحته كبيرة حين يجمع الاحباء، وكان عزيزا على قلبه ان يكون تكريم المطران الجديد في دارته. واضاف: “شكرا لهذا القصر الذي بذلت حياتك من اجل بنائه حتى يكون تحفة للاجيال والتاريخ وهدية للبنان ولكسروان”.
كما قدّر “خطوة رئيس جمهورية قبرص (نيكوس اناستاسيادس) الذي اوفد من يمثله في هذا الاحتفال، وهي خطوة مميزة تجاه المطران الجديد ولبنان، وهذا ما اعتدنا عليه في كل الاحتفالات التي تحصل في قبرص، خاصة احتفال عيد مار مارون”.
ثم توجه الى السفير البابوي ناقلا محبة اللبنانيين الكبيرة الى البابا فرنسيس الذي يحمل القضية اللبنانية في عمق اعماق قلبه، وهذا ما اختبرناه في “يوم التفكير والصلاة من اجل لبنان” في الاول من تموز الجاري، واننا نرفع الصلاة على نية البابا فرنسيس كي تتم نواياه في خدمة الكنيسة الجامعة، وفيما يختص بمشاعره للبنان والشرق الاوسط، حيث نسمع في كل المناسبات كم هو يحمل القضية اللبنانية وقضية الشرق الاوسط، وخاصة قضية الوجود المسيحي وهذا وجود اساسي للثقافة وللعيش المشترك ولحضارة الانجيل”.
وأردف: “ربنا اعطانا الوجود في هذه المنطقة، فلا يجوز ان نبكي ونسأل انفسنا لماذا خلقنا هنا، بل علينا ان نشكر ربنا “ما يعني ان وجودنا هنا له قيمة”، وعندنا رسالة ودور، لذلك هناك اهمية في ان نكون ابناء هذه المنطقة”.
وأكد أن “الشعب الماروني محب”، موجهًا تحية الى المطران صفير، معددا ميزاته، وهو الرجل الذي تربى في بيت مؤمن يعيش حياة روحية عميقة، هو رجل صلاة، رجل طاعة للكنسية، رجل متجرد زاهد لم يطلب يوميا شيئا لنفسه بل هو انسان جدي في حياته، وفي دعوته ودروسه واختصاصه”.
وتابع: “لم يطلب يوما ان يكون مطرانا على قبرص لكنه اصبح مطرانا بعد ان كنا عينا شخصا آخر، وبالتالي لا احد يعلم ما هي طرق الرب، لذا نحن مقتنعون انه في الشؤون الكنسية والكهنوتية والاسقفية والبطريركية والكردينالية والبابوية لا حسابات بشرية، بل هناك حسابات لله”.
وردا على سؤال هنري صفير خلال كلمته قال الراعي: “ان المطران هو السهران على المدينة ليس كرجل سياسية، بل على المدينة و شعبها على كل احوالهم وكل شؤونهم في صلاتهم وعملهم ونشاطاتهم على اختلافها. وعنده دائما الشؤون الروحية هي المتقدمة الى جانب الشؤون الاجتماعية والخيرية واحيانا الوطنية، وعليه ان يعلن الحقيقة والمبادء ويخطاب الضمائر، وان يكون حرّأ من كل الناس، ولا يمكنه ان ينتسب الى احد، وبالتالي اذا كان المطران هو السهران على المدينة، عليه ألّا يساوم وإلّا ينتفي دوره كمطران. عليه قول الحقيقة، وهي لا توجع، بل تحرر وتجمع!”.
وكان القى المهندس صفير كلمة قال فيها: “عندما يحلُّ البطريرك المارونيّ في دارةٍ مارونيّة يصبح هو صاحب الدار، وباسمه وبالأصالة عن نفسي أرحبُّ بصاحب الغبطة بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية إغناطيوس يوسف الثالث يونان ، وفخامة الرئيس أمين الجميّل، وبكل الأصدقاء الحاضرين”.
وأضاف: “اليوم احتفلت الكنيسة المارونية بسيامةِ مطرانٍ جديد ينضمُّ إلى إخوانه المطارنة الساهرين على الكنيسة منذ أجيالٍ وآمادٍ سحيقة. إنه مطرانٌ وديع، لم يبحث إلاّ عمّا يرضي الله ويرضي ضميره ويأتي بخيرِ الناس. عالمٌ في الكهنوت، عالمٌ في الكنيسة. رصينٌ من غير ترصّن. فهنيئاً لنا وللكنيسة المارونية بهذا الحبر الجديد”.
واعتبر صفير أنَّ “هذه المناسبة تدفعنا إلى التبصّر في حالِ مجتمعنا والتأمّل في رسالة أمراء الكنيسة المارونية وعلى رأسهم غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، وإلى طرح سؤالٍ قديمٍ وجديد أصبحَ أكثر إلحاحاً: ما هو دور الأحبار في القيادة المارونية؟ هل يقتصر دورُهم على دور الرعاة والمرشدين الروحيين أم يتعدّاه إلى دورٍ زمنيٍّ وسياسيٍّ ووطنيٍّ عام؟”.
وأشار الى أنَّ “دراسة التاريخ تظهر بوضوح ان كلّما فقدت القيادات السياسية جاذبيتها لدى الشعب تنهار شرعية السياسييّن لأنَّ الشعب ينصرف عنهم ويرنو إلى إيمانه السامي ويعلّق آماله على القادة الروحيين كمرجعية خلاصية وصراط للخروج من المآزق. أمّا السلطة السياسية تتجاهل انحراف نظر الشعب عنها وتتمسّك بالحكم وتلجأ بعض الوقت إلى استخدام قوة بديلة من الصدقية والجاذبية المفقودتين. وهكذا تحوّل القيادات السياسية السلطة الى تسلّط. قد يتأمل الشعب أن تقوم السلطات الروحية بمعجزاتٍ هي نادرة جداً. إننا لا نترقّب معجزة باهرة ولا عملاً خارقاً ولا دوراً سياسياً بطولياً، بل نطالب أمراء كنيستنا بتجديد المنهجية، وزرع الخلقية الاجتماعية، فتوطيد القيم السامية”.
وكشف صفير عن أنه “في جلسةٍ مع رئيس دولة صديقة سألني الرئيس هل للعلاقة مع بكركي أهمية سياسية؟ أجبته: سمعتُ منك منذ أسابيع قليلة خطاباً تؤكّدون فيه أن التاريخ هو المعلّم الأكبر في السياسة. فأنظرُ الى التاريخ وأرى أن بعد الخلفاء الراشدين أتى عهد الأمويين ورحلوا، وبعدهم حكمَ العبّاسيون ورحلوا، … ولم تبقى مؤسسة ثابتة مدى ثلاثة عشر قرناً إلاّ بكركي”.
ختم مؤكدا أنَّ “لبنان يحتاج أكثر ما يحتاج إلى الخلق في ممارسة الحكم والسياسة وإلى شيءٍ من الحكمة وكثيرٍ من الابداع والرؤية السليمة، والرؤية المستشرِفة. لأنَّ الإعاقة في سياسة وطننا ما هي إلاّ إعاقة الخلق لأنَّ حكّامنا يمارسون سياسة مالية افتراسية من شأنها أن ترضي أهوائهم وتشبع نهمهم وتحقق نزواتهم ويحتفظون بالمغانم ويرمون على الشعب المظلوم كل المغارم. فلا بدَّ عندئذٍ من دورٍ رائدٍ لأمراء كنيستنا، وهذا الدور قد وضع أسسه ودستوره الارشاد الرسولي، الذي شكّل منعطفاً حاسماً ورسمَ ركائز طريق الخلاص إذا تمَّ تنفيذه بعناية ودقة وأمانة. وإنَّ العمل بوحيّ الارشاد الرسوليّ قد يسمح لنا إعادة تكوين النسيج المجتمعيّ اللبناني، ويستطيع المؤمنون، كلٌ على دينِه أن يعيشوا في موالفةٍ حقيقيةٍ بين بعضِهم البعض وتكون هذه الموالفة كلمة سواءٍ بينهم.
كما القى المطران صفير كلمة شكر فيها البطريرك الراعي والمطارنة على الثقة التي اولوها له، من خلال تعيينه مطرانا على ابرشية قبرص، كما شكر المهندس صفير على التكريم حيث فتح بيته وقلبه لاستقبال هذه “الوجوه الطيبة”.
وحضر الحفل بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية إغناطيوس يوسف الثالث يونان، الرئيس الاسبق امين الجميل ، رئيس حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان، رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، النائب شوقي الدكاش، ممثل رئيس جمهورية قبرص Nikos Anastasiades سعادة الأستاذ EPIZOFOROS ELIA النائب القبرصي الأستاذ YANNAKIS MOUSSA وعقيلته، السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتاري، الوزيران السابقان بطرس حرب وملحم رياشي، النائب السابق فارس سعيد وعدد كبير من الاساقفة والرؤساء العامين للرهبانيات وحشد من الفعاليات السياسية والروحية والقضائية .