جاء في “المركزية”:
“يُكلَّف ولا يؤلف” عبارة ترددت على لسان أكثر من مسؤول لحظة الإعلان عن تكليف الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة. يومها قيل أن ولادة الحكومة ستكون قبل تاريخ 4 آب. على هذا الوعد نام اللبنانيون كما الكثير من الوعود التي حلموا أن تفي بها الدولة وآخرها الكشف عن جريمة تفجير مرفأ بيروت بعد 5 أيام من وقوعها في 4 آب 2020. فهل يتحول وعد الرئيس المكلف بتأليف الحكومة إلى اعتذار بعدما عادت عقدة وزيري الداخلية والعدل إلى الواجهة أم تنجح التسوية التي قيل أنها شكلت الرافعة لتأمين وصول الرئيس ميقاتي إلى سدة التكليف؟ وهل العقدة الحقيقية في إسم الرئيس المكلف أم في شروط التكليف التي سيلتزم بها؟
منسق التجمع من أجل السيادة نوفل ضو حدد عبر “المركزية” مسار خارطة الدعم العربي والدولي في عملية تكليف الرئيس ميقاتي بالتالي:” أولا هناك الدعم الفرنسي الذي شكل حجر الأساس من خلال ما بات يعرف بمصطلح المبادرة الفرنسية على رغم تنوع وتعدد أشكالها. ثم الموقف الأميركي المتفاهم مع الفرنسي في ما يتعلق بالأزمة اللبنانية. وحده الموقف السعودي يتمايز عنهما لأن المملكة لا تولي أهمية للأسماء ولا تأخذ موقفا سلبيا أم أيجابيا من مطلق أي رئيس مكلف، لأنها تتعاطى من زاوية سياسات الدول وهذا الموقف سبق وعبر عنه الملك السعودي في 23 أيلول 2020 بعد جريمة تفجير المرفأ التي ربطها بسيطرة سلاح حزب الله على لبنان. ومن حينه بات كلام كل مسؤول سعودي يصب في هذا المحور”.
قد يكون رهان الرئيس المكلف اليوم على “الرضى” السعودي بهدف ضمان عودة الإستثمارات السعودية والخليجية إلى لبنان والنهوض بالوضع الإقتصادي “وهذا تفسير خاطئ لواقع الأمور”، ويضيف ضو:” في حال عدم ترجمة المواقف إلى تدابير واضحة في مسألة إخراج لبنان من المشروع الإيراني وسيطرة سلاح حزب الله على لبنان، فإن مسألة عودة الأموال والإستثمارات السعودية والخليجية تبقى حلما. وبالتالي لن يكون مطلق أي دعم خارجي على مستوى رهان الرئيس المكلف كما كان في فترة تكليف الحريري، طالما أن أحدا لا يبدي رغبة في انتشال لبنان من الحضن الإيراني وما زالوا يعملون ضمن مشروع الشراكة مع إيران وليس المواجهة .أما بالنسبة إلى فرنسا فهي تسعى إلى تمرير هذه المرحلة من خلال تأمين مساعدات إنسانية للشعب اللبناني والكلام عن فرض عقوبات على معرقلي ولادة الحكومة قد لا تنطبق على حزب الله لأنه من أول الداعمين للرئيس نجيب ميقاتي، فعلى من ستفرض العقوبات؟ على النائب جبران باسيل والرئيس ميشال عون؟…”
إمكانية ولادة الحكومة بعد 4 آب أو اعتذار الرئيس ميقاتي شبهها ضو ب”الحزورة” ويقول:” ما يحصل اليوم أبعد ما يكون عن تشكيل حكومة، إنما تسوية جديدة تمهيدا للإنتخابات الرئاسية المقبلة. والواضح أن باسيل أدرك ذلك من خلال الترويكا القائمة التي تضم التحالف الشيعي بقيادة الرئيس نبيه بري وعضوية وليد جنبلاط وسعد الحريري وبغطاء ماروني ممثلا بسليمان فرنجية. وهذا ما يفسر عدم تسمية باسيل لميقاتي لأنه أدرك أنه سيكون مجرد كومبارس في هذه المرحلة، وكذلك بالنسبة إلى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يدرك أن هذه الترويكا ستلغي دوره في الإنتخابات الرئاسية المقبلة”. ويضيف:” الأمور مرتبطة بتوازنات خارجية وخليجية، ولا أحد يعلم على ماذا يمكن أن نصحو غدا. فإذا طلب الرئيس عون من ميقاتي أن يشكل الحكومة اليوم سيلتزم الأخير وفق الشروط التي ستفرض عليه. لكن هل سيطلب حزب الله من الرئيس عون ذلك؟ وهل سيُلزم الحزب الرئيس ميقاتي بالتنازل عن شروطه؟ لا أعتقد ذلك لأن الوقت لا يزال مبكرا على خطوة مماثلة”.
السؤال الذي يطرح، هل جاءت عملية التكليف والإيجابية “الظاهرة” في مسار التأليف وفق تسوية لتنفيس غضب الشارع في 4 آب؟ يجيب ضو:” أساسا الشارع منفّس. فالثورة لا تحصل بناء على دعوة رسمية مع تحديد تاريخها وموعد نزول الشعب إلى الشارع. لو كانت هناك روح ثورة لانتفض الشارع لحظة الإعلان عن تكليف الرئيس نجيب ميقاتي وكنت أتوقع أن أسمع هتافات تطالب بإسقاطه لأن تكليفه بمثابة تحدي للناس وليس شعارات منددة بانقطاع التيار الكهربائي وعدم توافر مادة المازوت”. ويختم تاريخ 4 آب هو بمثابة الخرطوشة الأخيرة وإلا تكون المنظومة الحاكمة قد نجحت في كسر اللبنانيين، وتستمر في الحكم وكأن لا 17 تشرين ولا 4 آب ولا الآتي الذي سيكون أعظم”.