يرفض المجتمع الدولي ترك لبنان وحيدا، ويحمل همّ شعبه المسروق والمذلول والمفجَّر بالنيترات، في قلب اجنداته الخارجية، مُفردا له مساحة واسعة رغم ازدحامها بالقضايا الاقليمية والدولية، وما أكثرها. هذا الاهتمام الذي سيتجلّى مجددا في مؤتمر 4 آب لدعم لبنان في الذكرى السنوية الاولى لانفجار مرفأ بيروت والذي تنظمه باريس بالتعاون مع الامم المتحدة، لا ينحصر فقط بالمساعدات الانسانية والطبية والاغاثية للبنانيين، بل يشمل ايضا، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، تنسيقا عابرا للقارات لمحاولة إخراج لبنان من مأزقه السياسي والحكومي.
في هذا السياق، تندرج المحادثات التي اجراها وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان منذ ساعات مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان في باريس حيث عرضا، الى مؤتمر الدعم واحتمال مشاركة الرياض فيه، العمل معاً بخصوص لبنان في إطار الاجتماع الذي ضم وزراء خارجية البلدان الثلاثة على هامش اجتماع وزراء خارجية العشرين في ماتيرا، جنوب إيطاليا، وقد شدد لودريان على الحاجة “الملحة” لأن يعمد المسؤولون اللبنانيون إلى تشكيل حكومة لبنانية جديدة “قادرة على إجراء الإصلاحات”، مشيراً إلى تواصل الجهود الفرنسية لتوفير المساعدات للبنانيين.
الى ذلك، يبدي المجتمع الدولي اولوية كبيرة للسلم الاهلي في لبنان ويخشيان انفجارا اجتماعيا او اي خلل امني. ذلك ان اي تطوّر من هذا القبيل لن تسلم من تداعياته دول القارة العجوز التي ستتحول الى مقصد لمئات آلاف النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين الذين يقطنون في لبنان اليوم. كما ان انهيار الامن سينسحب على الشرق الاوسط الملتهب اصلا فيما المساعي تجري حثيثةَ بين القوى الدولية لايجاد حلول وتسويات لبؤر التوتر في المنطقة. وما لا تغفله العواصم الكبرى ايضا، أن سقوط ما بقي من هيكل الدولة في لبنان، سيكون أول المستفيدين منه، لا بل المستفيد الوحيد منه، الدويلة، اي حزب الله. لذلك، يجهد الخارج، عبر “باريس”، الى مدّ الشعب والجيش بما يحتاجان للصمود وتحمّل التحدي المعيشي، ويعمل ايضا على منع اي دعسة ناقصة يقدم عليها “الجيران” يمكن ان تُشعل فتيل الانفجار في لبنان. ويصبّ في هذه الخانة، جانبٌ من زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الى فرنسا حيث التقى نظيرته فلورانس بارلي، ومسؤولين فرنسيين، وقد أبلغوه بضرورة ضبط النفس، وعدم الاقدام على اي خطوة تصعيدية تجاه لبنان من شأنها ان تفتح مواجهة مع حزب الله، لانها ستقوّي الحزب وتضعف الشرعية في بيروت.
والى كل هذه المعطيات التي تثبت اهتمام الخارج بلبنان، تُضاف اخيرا العقوباتُ التي تُفرض على الطبقة الحاكمة المقصّرة في حق شعبها، لا بل المتواطئة عليه في نظر الغرب، للاقتصاص منها. فبعد العقوبات الاميركية، أعلن الاتحاد الأوروبي امس أنّه أقر إطاراً قانونياً لنظام عقوبات يستهدف أفراداً وكيانات لبنانية.
وينص هذا الإطار على إمكانية فرض عقوبات على الأشخاص والكيانات المسؤولين عن تقويض الديمقراطية أو سيادة القانون في لبنان من خلال أي من الإجراءات التالية: عرقلة أو تقويض العملية السياسية الديمقراطية من خلال الاستمرار في إعاقة تشكيل الحكومة أو عرقلة إجراء الانتخابات أو تقويضها بشكل خطير، عرقلة أو تقويض تنفيذ الخطط التي وافقت عليها السلطات اللبنانية وبدعم من الجهات الفاعلة الدولية ذات الصلة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، لتحسين المساءلة والحوكمة الرشيدة في القطاع العام أو تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الهامة، بما في ذلك في القطاعين المصرفي والمالي بما فيه اعتماد تشريعات شفافة وغير تمييزية بشأن تصدير رأس المال، سوء السلوك المالي الجسيم فيما يتعلق بالأموال العامة ، طالما أن الأفعال المعنية مشمولة باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتصدير غير المصرح به لرأس المال. وتتكون العقوبات من حظر السفر إلى الاتحاد الأوروبي وتجميد الأصول للأشخاص وتجميد الأصول للكيانات. بالإضافة إلى ذلك، يُحظر على الأشخاص والكيانات في الاتحاد الأوروبي إتاحة الأموال لأولئك المدرجين في القائمة.