انطلقت مسيرة حاشدة من امام مقر نقابة اطباء الشمال في الميناء تحت شعار “ما فينا نكمل هيك “، وذلك بدعوة من تجمع نقابات المهن الحرة في الشمال: محامون، مهندسون، اطباء، اطباء الاسنان”، وجابت المسيرة شوارع المدينة وصولا الى مقر نقابة المحامين في طرابلس، وسط الاناشيد الوطنية ومواكبة امنية من عناصر الجيش وقوى الامن الداخلي.
ورفع المشاركون فيها الاعلام اللبنانية وشعارات النقابات الـ4 واللافتات التي تحمل عناوين من وحي اهداف المسيرة.
والقى نقيب المحامين محمد مراد كلمة بالمناسبة قال فيها: “صحيح أن حالة الانهيار العام التي نعيشها حاليا على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية والنقدية والصحية، يعود سببها في الأصل إلى العامل السياسي الذي ألقى القبض على خناق الدولة، وأمسك بتلابيب السلطات فحول النظام إلى فوضى والدولة إلى مزارع ذات أسيِجَة عالية تفصل بين المواطنين بحسب انتماءاتهم المختلفة، وعلى قاعدة المحسوبيات، بدلا من حمايتهم وتنميتِهم وتأمين حقوقهم من طبابة وفرص عملٍ ورعايةٍ اجتماعية، ومن عدالة نزيهة مستقلة سريعة حديثة التجهيزات”.
وتابع: “هذا كله صحيح، لكنني في هذا النهار بالذات وأمام هذا الجمع المثقف الراقي، لا بد لنا من الاعتراف بأن المسؤولية تقع بجزء منها أيضا بالتكافل والتضامن علينا نحن نقابات المهن الحرة، قيادات وجمعيات عمومية، فإن دورَنا منذ نشوئِنا لم يكن تنظيميا إداريا فقط، يتعلق برعاية حقوق وواجبات المنتسبين إلى نقاباتِنا، بل أُنيطَ بنا واجبٌ وطني سامٍ هو متابعةُ السياسات العامة للدولة ورفعُ الصوت عند كلِ خلل تتعرض له حقوق المواطنين، بالإضافة إلى أننا شكلنا على امتداد عقود من عمر لبنان نواةَ الطبقة المتوسطة التي يشكِلُ وجودُها الضمانةَ الأساسية لنموِ الاقتصاد وتقدم المجتمع. فماذا فعلنا في مواجهة تلك السياسة الرعناء التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه؟ ماذا فعلنا على صعيد بناء الدولة الديمقراطية العادلة؟ ماذا فعلنا تجاه استقلالِ السلطة القضائية؟ ماذا فعلنا تجاه حماية علاقات وطننا بمحيطه العربي والمجتمع الدولي؟”.
واردف: “أسئلة كثيرة تتدافع على شفتيَ وجواب واحد: لا شيء. إن مجتمعا يغيب فيه الدور الوطني الفاعل للنقابات هو مجتمع آيلٌ إلى الديكتاتورية الفردية والجمعية أو إلى التفكك وهذا ما صرنا في منتصف الطريق إليه. الحَراك الشعبي الذي انطلق في 17 تشرين الأول من العام 2019 كان أمكنَهُ أن يؤتيَ ثمارا فُضْلى لو كان بقيادة النقابات والهيئات المجتمعية المنتظمة والملتزمة بحقوق الناس ومصالحهم، بدلا من أن يكون مشتتا متعددد المرجعيات. جريمة العصر التي وقعت بتاريخ 4 أب في مرفأ بيروت والتي نستذكرُها بعد غد، تحضُنا دماءُ شهدائها على استعادة دورنا الوطني، الذي به يعود التوازن إلى الحياة الوطنية”.
وختم: “لا أقول هذا الكلام من باب جلد الذات بل كي أطالب نفسي وأطالبَكم جميعا بأن نجعل هذه المسيرة نواة انطلاقة جديدة نحو عملية إنقاذ حقيقية شاملة تحت العناوين التالية:
أولا: الإتفاق اولا ودون إبطاء على تشكيل حكومة من الاختصاصيين غير المرتهنين للقوى السياسية، تتولى العمل مع الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم ومؤسسات المجتمع الدولي على تقديم كلِ ما من شأنه إنعاش الوضع المالي والاقتصادي ووقف الفقر الزاحف بسرعة إلى بيوتِ اللبنانيين.
ثانيا: إسقاط جميع الحصانات في جريمة انفجار مرفإ بيروت.
ثالثا: على المحقق العدلي بأن يستمرَ في تحقيقاته التي نأمُلُ ألا تقف عند حدٍ معين، لكي تنكشفَ لنا بالنتيجة جميع خيوط هذه الجريمة بدءا من لحظة تحميل نيترات الأمونيوم على متن الباخرة روسوس مرورا بتفريغِها الملتبِس على رصيف المرفإ وصولا إلى وقوع الانفجار الكارثي الذي أودي بأرواح أكثر من مئتَي شهيد بالإضافة إلى آلاف الجرحى وإلى تدمير نصف العاصمة.
رابعا: دعوة نقابات المهن الحرة إلى استعادة دورِها الوطني وإقصاء التأثيرات السياسية عن العبث بها.
خامسا: اعتبار مسيرة اليوم هي اطلاق شعلة وسط هذا الظلم والظلام، على ان تُستكمل اعمال هذه المسيرة بمسيراتٍ متتالية محددة الاهداف والزمان والمكان، وبوضع خطط مرحلية واسعة النطاق حتى تتحقق الاهداف المرسومة للعناوين المشروعة لكل مواطنٍ نخره الفقر وانهكه الجوع، وحتى يتحقق حلم المواطن بعودة الدولة العادلة والقوية خالية من الفساد، ودولة المؤسسات لا دولة المزارع والمحسوبيات”.