Site icon IMLebanon

الجيش: “خبزنا كفاف يومنا”!

كتبت سمر فضول في “الجمهورية”:

لأنّه «الوطن» بكل تجلّياته، يعيش الجندي هذه الايام واقعاً لا يُحسد عليه، في ظلّ أزمة اقتصادية خانقة، انعكست على مظاهر الرفاه في بلاد الارز وسجنت طموحات أفراده في زنزانة الإحباط واليأس.

في الاول من آب، يجدّد الجندي ولاءه لمؤسسته العسكرية الحامية للوطن، وهو احتفال تقليدي درج عليه لبنان، حيث تُشبك السيوف في الكلية الحربية معلنة تخرّج دفعة جديدة من الضباط.

هذه السنة، لا حملات ولا إعلانات رسمية ولا حتى إحتفالات رافقت عيد الجيش أو بشّرت بحلوله. فقرار ترشيد النفقات حاسم بالنسبة للقيادة العسكرية التي تسعى الى التخفيف من «الكماليات»، وذلك في مقابل صمود الجيش وإستمراريته في ظلّ هذه الظروف الصعبة.

سياسة التقشّف بدأت مع وصول العماد جوزف عون الى سدّة القيادة حينها قرّر القائد توفير ما أمكن على خزينة المؤسسة المتخمة بالمصاريف.

ولكن رياح الأزمة الاقتصادية سرعان ما عصفت بتخطيط القيادة، فكانت أولى انعكاساتها تجميد التطوع تطبيقاً لقرار موازنة عام 2019.

الارتفاع الجنوني للدولار ورفع الدعم عن الكثير من المنتجات أرخيا بثقلهما على السلك العسكري، الذي عمد الى إلغاء مادة اللحوم، التي إرتفع سعرها بشكل جنوني، من الوجبات الغذائية المقدّمة للعسكريين أثناء تأديتهم الخدمة، في محاولة من الجيش لخفض النفقات. ولأنّ الجيش بحاجة الى ما يساعد قوته الجسدية على الاستمرار، لم تحرم القيادة العسكريين من البروتيين، فعملت على تقديم مواد غذائية توازي بقيمتها الغذائية اللّحوم.

لم يقف التقشف عند حدود المأكل والمشرب، بل طال ايضاً القدرات العسكرية، مع تعليق الدورات التدريبية في الخارج، وكل ما يتصل بالملحقين أيضاً. اما الدوريات الروتينية على الارض فباتت بالحدّ الأدنى وتقتصر على تأمين الإستقرار الأمني.

وفي حين تقلّص عدد التدريبات التي تجريها القوى الجوية، استحدث الجيش فكرة تسيير الرحلات الجوية السياحية بكلفة زهيدة، ليتمكّن بذلك من تأمين كلفة صيانة الطوّافات.

ولأنّ العسكري معتاد على تحصيل قوته من عرق جبينه، لجأت الأفواج في المناطق الى الاعتماد على الزراعة لتأمين بعض قوتها اليومي من الخضار والفاكهة.

أما على المستوى الصحي، فكان الجيش في طليعة المواجهة ضد فيروس كورونا، فلبّت الدول الصديقة النداء، من خلال إمداد المؤسسة باللقاح، كما أنّ المساعدات شملت الكثير من اقسام الطبابة، حيث يصرّ الجيش على الإستمرار بدعم هذا القطاع، لاسيما انّ الطبابة في ظلّ الظروف الحالية تبقى من الأولويات، وهذه السياسة ساهمت حتى اليوم في تحفيز المستشفيات على إستقبال العسكريين وعائلاتهم.

ومع استمرار الأزمة، رفع العماد عون الصوت عالياً، في مناشدة واضحة للقوى العالمية لمساعدة المؤسسة وانتشالها من الانهيار الاقتصادي، فطرق أبواب الدول الصديقة، متسلّحاً بثقة المواطن والعناصر بالمؤسسة التي تكتسب ايضاً احترام وتقدير وثقة المجتمع الدولي، وبعد فرنسا ومؤتمر الدعم، كانت الوجهة مصر، حيث استحصل عون على وعود لجهة دعم الجيش في كل الوسائل المتاحة لمساعدته في تخطّي الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان حالياً، في حين تشير المعلومات الى أنّ مصر لن تكون وجهة عون الأخيرة، وسيعلن تباعاً عن البلدان التي سيزورها.

ووسط هذه المرحلة الضبابية، يقف الجيش سداً منيعاً في وجه أي محاولة لاستغلال الأزمة الاقتصادية وتوظيفها في الأمن، ويسعى الى توازن صارم قوامه الحفاظ على وحدة الدولة كمؤسسة راعية لأبنائها، وحق المواطن في التعبير عن وجعه بالطرق السلمية البعيدة عن لغة الفتنة والطائفية.