كتبت سجى يزبك في “الاخبار”:
لم تعد تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية محصورة في قطاعٍ معين أو مكانٍ بذاته. كل شيء أصبح مفتوحاً أمام تلك التداعيات. اليوم، ومع كل الأزمات التي يعيشها اللبنانيون، ثمة ما يمكن إضافته إلى اللائحة التي تطول يوماً بعد آخر… وهي أزمة التسمم الغذائي التي باتت ظاهرة في كل المناطق التي تضجّ يومياً بأخبار «المسمّمين» من الطعام الفاسد بسبب رداءة النوعية أو انقطاع التيار الكهربائي.
هكذا، لم تعد صفيحة البنزين ولا فاتورة السوبر ماركت ولا فيروس كورونا وحدها ما يشغل الناس، بعدما انضم الغثيان والحرارة والتقيؤ إلى همومهم بسبب تراجع نوعية المأكولات التي يضطرون إلى شرائها من المحال التجارية والمطاعم.
رانيا شومان كادت «تقتل» بعد تناولها طبق حلويات «في متجرٍ معروف»، حملها على البقاء أسبوعين محبوسة بين جدران البيت تتلوّى من الألم مع ثلاثة من أفراد عائلتها، وصلت إلى مرحلة الجفاف بسبب شدّة العوارض. فيما الأسوأ الذي واجهته هو أن حالتها كانت «متطورة قليلاً وكنت بحاجة إلى 3 أنواعٍ من الأدوية وكلها مفقودة». عانت رانيا قبل أن تجد الدواء «فقط لأنو عندي أصحاب صيادلة، قدرت أمنت الدوا إلي ولأهلي».
مثلها أيضاً مروى زريق التي جاءت من الغابون لزيارة لبنان، فجلست بين «أربع حيطان» بسبب تجربةٍ سيئة اختبرتها في «واحدة من أكبر سلسلة لمطاعم الوجبات السريعة». قصدت ذلك المطعم لأنه يعدّ آمناً مقارنة بغيره، لكن على ما يبدو أخطأت»، إذ لم تكد تمرّ ساعات على تناولها وابنها الطعام حتى بدأت عوارض التسمم الغذائي بالظهور.
ليست تلك الحوادث «فردية». فمع ارتفاع أسعار السلع وانقطاع التيار الكهربائي، كثرت حوادث التسمم الغذائي. وفي ظل عدم وجود إحصاءات دقيقة لتلك الحالات، يمكن الاستعانة ببعض الأمثلة التي تدلل على تلك الظاهرة. فعلى سبيل المثال، يمكن الرجوع إلى موقع «غوغل تريندز» للتقصي عن أعداد الذين بحثوا عن موضوعات التسمم الغذائي. وفي هذا السياق، تشير الأرقام إلى أن عدد الأشخاص الموجودين في لبنان الذين بحثوا عن موضوع التسمم الغذائي، زاد أكثر من 25% تقريباً عن العام الفائت، وزاد بعد التاسع عشر من الشهر الجاري، أي بعد عيد الأضحى، بنسبة 50% تقريباً. ومن العناوين التي بحث عنها هؤلاء: عوارض التسمم الغذائي، علاج التسمم الغذائي في المنزل. وبحسب الموقع أيضاً، كان أكثر الباحثين عن التسمم الغذائي من العاصمة بيروت ومنطقة جبل لبنان ومناطق الشمال.
قبل الأزمة الاقتصادية، لم يكن التسمم يرقى إلى مستوى الظاهرة، لكنه اليوم بات كذلك في ظل تراجع نوعية المأكولات بسبب غلاء الأسعار من جهة، وانقطاع التيار الكهربائي من جهة أخرى، وفي ظل أزمة شح الأدوية التي تعالج عوارض التسمم. هذان السببان يدفعان إلى «اجتراح» حلولٍ تناسب الضائقة. وفي هذا السياق، ينصح الدكتور علاء أبو ديب، المتخصص في مجال علوم وتكنولوجيا سلامة الغذاء، أصحاب المطاعم بدراسة حاجاتهم اليومية من المواد الأولية لكي لا بكثروا منها، ما يضطرهم إلى تخزينها لأيام إضافية. وما يفيض عن الحاجة، يدعو أبو ديب إلى حفظه «بالحرارة المنخفضة»، وخصوصاً أن التسمم الغذائي من الحالات الشائعة صيفاً بسبب تكاثر الميكروبات والجراثيم بصورة أسرع على الأطعمة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة. أما النصيحة الأهم فهي ضرورة توظيف المطاعم والشركات مختصين في رقابة الجودة، وضرورة اتباع البروتوكولات العالمية لسلامة الغذاء، مستنداً في ذلك إلى «قول أبقراط: اجعل طعامك دواءك، ودواءك طعامك».
لكن، ماذا عن حصول التسمم؟ ينصح الدكتور بسام الموسوي، وهو طبيب مختص في الجهاز الهضمي، المريض الذي يعاني من الإسهال والتقيؤ، سواء كانا نتيجة تسمم غذائي أو لا، «أن يشرب كميات كثيرة من الماء، حتى لا تتطور حالته الى الجفاف بعد خسارة الجسم كمية كبيرة من الماء». وأوضح أن «عوارض التسمم تبدأ بعد ٣ ساعات من تناول الطعام الملوث، وقد تصل إلى ٢٤ ساعة في بعض الحالات، وإذا ترافق الإسهال مع مخاط أو دم، على المريض الذهاب إلى المستشفى فوراً».