اعلنت سفارة تونس في لبنان أنه “في ضوء استفسارات العديد من الاشقاء والأصدقاء للاطمئنان على الوضع في تونس والوقوف على التطورات التي تشهدها إثر القرارات والتدابير الاستثنائية السيادية التي تم اتخاذها لتصحيح المسار الانتقالي وتنقية الأجواء الاجتماعية والتفرغ للمسائل الصحية والتنموية العاجلة، يهم سفارة الجمهورية التونسية في لبنان أن تستعرض النقاط التالية لإعطاء صورة حقيقة للوضع في تونس:
-تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وعلوية القانون، حسب الفصل 2 من الدستور التونسي.
-رئيس الجمهورية منتخب مباشرة من الشعب التونسي وهو رمز وحدة الدولة التونسية والضامن لاستقلالها واستمراريتها واحترام الدستور. ويجوز له حسب الدستور، ولا سيما الفصل 80 منه، في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية.
-مصلحة تونس والتونسيين اقتضت اتخاذ القرارات الاستثنائية التي أعلنها رئيس الجمهورية والتي شملت تجميد عمل مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن النواب واعفاء رئيس الحكومة من مهامه، حتمتها التهديدات التي تواجهها تونس على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والأمنية نتيجة تراكم الأخطاء والتجاوزات الخطيرة في إدارة الشأن العام، والتي حالت دون السير العادي لدواليب الدولة.
-رئيس الجمهورية استجاب لإرادة الشعب التونسي الذي أعرب عن عدم رضاه عن طريقة تسيير دواليب الدولة وخاصة إدارة الازمة الصحية الراهنة، وطالب في العديد من المناسبات وبكل قوة، بالقطع مع منظومة الامتيازات والحصانات التي حظيت بها الطبقة الحاكمة وأعضاء البرلمان.
واوضحت في بيان “حالة الخطر الداهم: انسداد الأفق السياسي: نتيجة التجاذبات السياسية والاعتبارات المصلحية والحزبية الضيقة التي حالت دون السير الطبيعي للمؤسسات الدستورية، ولا سيما البرلمان وهو ما أصبح مرفوضا من قبل غالبية التونسيين مما استوجب تجميد عمله وفقا لتدابير استثنائية لحماية هذه المؤسسة الدستورية. ومن المناسب في هذا الإطار التمييز بين المؤسسة البرلمانية المنتخبة من الشعب وبين إرادة الشعب الذي طالب في العديد من المناسبات بحل البرلمان. من ناحية أخرى أثبت تقرير دائرة المحاسبات أن العديد من الأحزاب ومنها الممثلة في البرلمان، تلقت تمويلات أجنبية خارجية في الانتخابات الفارطة في خرق صريح للقانون.”
واضافت: “الخطر الصحي: نتيجة الاستهتار بصحة المواطن والإدارة السيئة لأزمة كوفيد19 مما أودى بحياة مئات التونسيين وهدد المنظومة الصحية بالانهيار.”
-تعطل منظومة الإنتاج: مما أدى الى أزمة اقتصادية خانقة أضرت بمستوى عيش التونسيين وهددت المؤسسات العامة في مرافق حيوية واستراتيجية بالإفلاس.
-احتقان اجتماعي نتيجة الغلاء المشط للأسعار وارتفاع معدلات البطالة والفقر والاضرار بالطبقة الوسطى مما أدى الى الشعور بالإحباط لدى عامة التونسيين.
-تهديدات أمنية متزايدة: في ظل تزايد الاحتجاجات ذات الخلفية السياسية والاقتصادية في كل مناطق البلاد وارتفاع منسوب العنف نتيجة الشعور بالإحباط مما بات يهدد السلم الاجتماعي.
وعن طبيعة التدابير الاستثنائية، لفتت السفارة التونسية الى انّ “التدابير الاستثنائية هي تدابير موقتة تندرج في إطار تنظيم موقت للسلطة وفقا للدستور إلى حين زوال الخطر الذي يداهم الدولة التونسية ومؤسساتها، ضمانا لاستقرار البلاد وحسن سير مؤسسات الدولة وحمايتها وضمان ديمومتها وحماية المسار الديمقراطي برمته.”
كما تحدث عن تفاعل المواطن التونسي مع هذه التدابير الاستثنائية:
-لاقت التدابير التي أقرها رئيس الجمهورية استحسان وترحيب شرائح واسعة من الشعب التونسي ومن العديد من القوى النقابية والمدنية والسياسية الفاعلة.
-مشاهد الفرحة والاستبشار التي شهدتها شوارع المدن التونسية تدل على ذلك وتعكس تطلع المواطن التونسي الى آفاق أرحب وحياة سياسية واجتماعية نقية.
-رغم دقة المرحلة وأهمية التدابير التي تم اتخاذها، فإن الوضع الأمني مستقر واستعاد المواطن التونسي سريعا الشعور بالطمأنينة وحياته الطبيعية، اخذا في الاعتبار الإجراءات الصحية الوقائية.
الحفاظ على المسار الديمقراطي وحماية الحقوق والحريات:
-رئيس الجمهورية منتخب مباشرة من الشعب وهو رجل قانون دستوري ويحتكم إلى الدستور في جميع قراراته.
-التزام تونس الثابت بضمان الحقوق والحريات واحترام دولة القانون والمسار الديمقراطي ببلادنا، وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية في جميع تدخلاته الاعلامية.
-رئيس الجمهورية حريص على احترام حرية الإعلام والتعبير وحقوق الإنسان ولا نيه لديه للارتداد على هذه المكتسبات.
-رئيس الجمهورية أطلع كافة المنظمات والهياكل الممثلة للمجتمع المدني وللقطاعات الوطنية الكبرى على دقة المرحلة ومتطلباتها، وطمأنهم على النهج الديمقراطي، داعيا إياهم الى الإسهام الفاعل والبناء في هذا المسار الوطني.
-لا توجد أي نية للتنكيل بأي طرف كان ولا سيما برجال الأعمال أو مصادرة أموالهم بل تعول تونس على حسهم الوطني ودورهم الفاعل في هذا الظرف الدقيق.
الى ذلك، شددت على أهمية دعم الشركاء من أشقاء وأصدقاء ومنظمات دولية لبلادنا:
-أعلنت العديد من الدول الشقيقة والصديقة تفهمها للتدابير الاستثنائية التي تم اتخاذها وحرصها على دعم الاستقرار في تونس وصون المسار الديموقراطي التونسي.
-تعول تونس في هذه المرحلة من تصحيح المسار السياسي على الاشقاء والأصدقاء والمنظمات الدولية حتى تظل التجربة التونسية الديمقراطية عنوان نجاح حقيقي في إرساء دولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان والحريات.
الخطوات العاجلة التي تم اتخاذها: تبعا للتدابير الاستثنائية التي تم اقرارها تفعيلا للفصل 80 من الدستور، بادر رئيس الجمهورية باتخاذ جملة من القرارات العاجلة لدفع الاخطار المحدقة بتونس وتنقية الأجواء الاجتماعية وإعادة الامل للتونسيين، تمثلت بالأساس في:
-إعطاء الأولوية للأزمة الصحية وقد تم في هذا الإطار تكليف الإدارة العامة للصحة العسكرية بالإشراف على إدارة الأزمة بمشاركة كل المصالح الطبية والإدارات المعنية، لتوحيد القرارات وإضفاء فاعلية على الإجراءات المتخذة للوقاية من الفيروس. ومن ناحية أخرى تم بإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية، تعبئة الجهود الوطنية والدولية لتوفير اللقاحات والمستلزمات والمعدات الطبية. وقد مكنت هذه الجهود من السيطرة على انتشار الوباء، وهو ما تشير إليه الأرقام والرفع في نسق التلقيح والتوسيع في طاقة استيعاب المستشفيات.
-فرض القانون على الجميع وضمان استقلال القضاء ونجاعته في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ تونس.
-تحييد المؤسسة الأمنية عن التجاذبات السياسية بالتعجيل بتكليف كفاءة أمنية مستقلة للأشراف على وزارة الداخلية.
-الحرص على تحقيق انفراج سريع في معيشة التونسيين بالتحكم في ارتفاع الأسعار أو الحد منها. وقد تولى رئيس الجمهورية في هذا الإطار، دعوة رئيس اتحاد الأعراف ورئيس جمعية المصارف وغيرهم من الفاعلين الاقتصاديين لبذل الجهد من أجل إعادة الحركية للسوق التونسية ولعملية الإنتاج.
-دعوة رجال الاعمال الذين يدينون للدولة بتحويل هذه الديون الى استثمارات في الجهات الاقل حظا في التنمية.
وختمت: “ان المرحلة التي تمر بها تونس دقيقة وفارقة وتتطلب برامج عمل واجراءات تستجيب الى تطلعات الشعب التونسي في إطار مقاربة جديدة تمكن من تصحيح المسار الديمقراطي وتحفظ الحقوق والحريات وتمهد لتحقيق التنمية الشاملة”.