Site icon IMLebanon

حبشي من المرفأ: “رح نكسر المجرم”

نظمت مصلحة الطلاب في حزب “القوات اللبنانية” تحركاً رمزياً لاستذكار شهداء وضحايا انفجار 4 آب، في مرفأ بيروت، حيث أحاطوا الموقع بلوحات تحمل أسماء الضحايا، بحضور عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب أنطوان حبشي وعدد من أهالي الضحايا، شارك فيها 224 طالباً، وقفوا أمام 224 كيساً أسود. وعلى وقع الأجراس، وغناء الفنانة نسرين ديب، ونشيد “وحياة للي راحوا”، وضع الطلاب الورود البيضاء، مرددين “هول مش أكياس هول ناس، كان في ناس بتموت فيهن”، واختتموا العرض بأغنية “استشهدت يا بني”.

وقال النائب أنطوان حبشي، خلال المناسبة، إن السنة مرت وكأنها يوم، سقط أكثر من 219 ضحية، كما بات الوطن الباحث عن كرامة برمته ضحية، ولهيب النترات لا يزال يحرك جسم هذا الشعب، وصوت الانفجار يشل الدماغ، والشظايا تمزق الجسد، والمنازل المهدمة على ساكنيها تكسر العظام.

وأضاف: “ما مرق سنة، وسحر فارس بعدا عروس، ورالف ملاحي بعدو عم يضحك، وجو بو صعب بعدنا ناطرينو وجو نون بعدو عم بيدق الجرس… ما مرق سنة وفوج الإطفاء بعدو جاهز ليطفي الحرايق بعكار وبكل لبنان… ما مرق سنة، وبعدو محمود دعيبس عم يطلب من محمد طليس يطلع معو ليفلوا سوا من المرفأ… ما مرق سنة لأنو الضحيّة بعدا بالأرض…ما دفناها بوعينا، ولأنو الوطن كلو مشروع ضحية، ولأنو كلنا يعني كلنا مشروع ضحية للمجرم. ما مرق سنة، لأنو المجرم بعدو طليق بيناتنا، ما مرق سنة لأنو كرامتنا مكسورة عند سلطة شعبا منو بحساباتها.

واسف لأن حياة الشعب لا قيمة لديها لدى المجرم وقد كبل ارادتنا بمشاريع أبعد من حدود لبنان، وهو ذاته منذ سنوات طويلة عاشق للسلطة على حساب كرامة الإنسان، وعاشق للمال على حساب تجويع اهله، مشيراً الى أن من لديه التزامات ومشاريع تتخطى حدود لبنان ويستعمل مرفأ بيروت ومطارها وحدود لبنان ليحقق مشاريعه، هو المجرم، وكذلك هو من يربط لبنان بسياسات نفوذ إقليميّة تنشر الموت بين أهله، ويرضخ لسياسات النفوذ التي تكبل إرادة الشعب اللبناني.

وتحدث حبشي عن الغضب الموجود لدى الام التي دفنت ابنها وغضب الناس الذي تهدمت بيوتهم وغضب الشعب الذي يحزن على بلده ينهار أمامه، مشدداً على ان الغضب على المجرم وعلى عجز هذه السلطة عن محاسبته والغضب من فقدان الحقيقة وتمييع الحق ومحاولة اغتيال وعي الشعب وارادته وكرامته.

واضاف: “غضبنا على هودي كلن: كلن يعني كلن”، على كل من في السلطةـ من ارتكب وغطى وسكت وكلّ من يعرقل التحقيق، فكلهم مجرمون حتى لو كانوا خارج السلطة ولكنهم “متغلغلين ومفرفطين ومعربشين وبالتصنيف ملهيين”.

وتوجه حبشي لكل من يرى ثورة الشعب “عربيشة برات الهدف” بالتأكيد ان الهدف واضح وهو “استعادة إرادة شعب، واستعادة وطن مخطوف، واستعادة سيادة الدولة، والوصول الى حقيقة تفجير مرفأ بيروت”، معتبراً انهم يلتفون على هذه الحقيقة بمنطق متعدد الأوجه: قانوني، دستوري، مزايداتي.

وشدد على أن ما من أحد سيقدم الحقيقة إذا لم يتم نزعها منه ولن ينجح ذلك مع غضب فارغ الاهداف، لذا يجب تحويل الغضب الى إرادة وقدرة ووسيلة قوّة تسمح للشعب باسترداد كرامته وكرامة الضحايا وكرامة الوطن، لافتاً الى ان هناك اشخاص يتشاركون هدفاً له علاقة بلبنان وبالحقيقة والسيادة وبضرب المجرم ومحاسبته، هؤلاء باجتماعهم يشكلون قبضة لديها هدف تسعى لكشف الحقيقة واستعادة لبنان وتوجيه الضربة القاضية للمجرم، قبضة لديها الارادة والقدرة لإشعال ثورة نائمة داخل كل فرد منا، قبضة لم تراهن إلا على نفسها، لم تتعب ولم تنعس ولم وهي تواجه المجرم منذ سنوات.

وأردف: “قدرتنا كسرت المجرم، بالأشرفية في100  يوم، سقط المجرم وبقينا وبقي لبنان! في زحلة، زحف المجرم علينا بدباباته وبإرادة 96 شاب وشعب كسرت المجرم، وبقيت زحلة وبقينا وبقي لبنان! بـ14 أيلول 1982، فجر المجرم الوعد الذي حملناه مع اغتيال البشير وبقي الوعد هدفاً حملناه فسقط المجرم، وبقينا وبقي لبنان! في 27 شباط 1994، فجر المجرم كنيسة سيدة النجاة وكما اليوم غسّل يديه وتفرّج… سقط المجرم وبقينا وبقي لبنان! في 21 نيسان 1994 اعتقل المجرم إرادة وطن باعتقال إنسان، واعتقد إننا انتهينا ولكن سقط المجرم وبقينا… وبقي لبنان! واليوم نريد الحقيقة مهما كانت صعبة”.

وتوجه للمحقّق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق بيطار بيطار، مشدداً على أنه يكفي أن يكون هناك قاضياً نزيهاً وجريئاً لكسر المجرم لان “الحجر مطرحو قنطار”، وتابع: “متلك هوي متل المسيح بحوارو مع الشيطان، والمجرم شيطان…عرض عليه كل المغريات…ملكوا العالم، هددو…ما خاف بقي يفتش ع الحقيقة…وع الحقيقة معك بدنا ننبش تنستعيد كرامتنا…ورح نكسر المجرم!”.

اما للمجرم فقال حبشي: “شو ما كان وجك، شو ما كان إسمك، شو ما كان لونك…للحق بدنا نشهد، للحقيقة بدنا نوصل…ورح بنحاسبك!”، لافتاً الى أن هذه الجماعة التاريخيّة التي صنعت لبنان، ولو بقي لدينا طفل عمره ساعة سنكسرك، لأن ثقافة الحياة أقوى من ثقافة الموت. “سنكسرك لأن دم الشهداء ودموع اهلهم لن يبردوا الا بعد كسرك”.

بدوره، تحدث رئيس مصلحة الطلاب طوني بدر، وقال: “224 اسم. ولكل اسم قصة وحلم وأحباء، وأطفال حرمت من كلمة “ماما”، أو من كتف “أب”، وعائلات حرمت من الاخ والابن والصديق والحبيب. 224 عائلة اكتسحت بالسواد. 224 شهيد وضحية ومظلوم، إضافة الى ألاف الجرحى والمصابين، والمشردين من منازلهم، وعشرات ألاف المتضررين نفسياً من الانفجار الذي لا يزال حتى اليوم يقلقهم. 224 مسمار بنعش سلطة تحترف الموت”.

واعتبر ان 4 آب 2020 أحد التواريخ المفصلية في حياة المجتمعات، وبدا فيه كيف يمكن أن يكون الحاكم مجرم، أو شريك بالجرم، مؤكداً ان الانفجار أظهر تحالف المافيا – الميليشيا، وهو تحالف عدو لشعب لبنان.

ولفت بدر الى انه في 4 آب تم تفجير بيروت، معتبراً أن بيروت ليست فقط بمنازلها ومحالها وطرقاتها بل هي ايضاً بناسها، وبالروح التي تنبض فيها والتي حاولوا قتلها. وشدد على ان “القوات” ابنة القضية والإيمان، لذا تدرك جيداً أنه على الرغم من أن الجسد انكسر، الا أن الروح تبقى وما من شيء ينهيها.

وتابع: “لا نستغرب ان طوابير البنزين، وانقطاع الدواء، والفقر المرعب والعتمة القاتلة، لم تهز ضمير المجموعة الحاكمة، لأنه بعد 4 آب اكتشفنا ان “الجماعة” لا ضمير لديها. إذا انفجار بحجم انفجار المرفأ لم يهز ضمير المجموعة، فذلك لأنهم بالفعل متواطئون ضدّ الشعب اللبناني، ولا حدّ ادنى من الاخلاقيات الانسانية لديهم”.

وأشار الى أن الـ224 ضحية وأهلهم هم الغضب الذي يولد الثورات، وهم الحزن الذي يصنع الاوطان، شارحاً عن المشهدية المنفذة من قبل طلاب “القوات” وهي حزينة بعمقها، وفيها 224 مجسم و224 شاب وصبية باللباس الأبيض.

وأردف: “اعقتدوا اننا سننسى، او سنتلهى بالأزمات التي يحاولونا الهاءنا بها، ولكننا لم ننسى، واليوم نرفع الصرخة لكل الدنيا. من مات بانفجار بيروت لم يمت بحادث قضاء وقدر، بل ضحية جريمة واضحة وموصوفة، وكل من شارك بقتلهم مسؤول بالمباشر عن هذه الجريمة”.

وأكد بدر أنه في مكان وفاة الأبطال ولد أبطال آخرين وعند كل نقطة دم سيزهر وطن يشبه قلوب الضحايا الأبرياء، معتبراً ان هذه المشهدية تحية احترام لوجع أهلهم حيث وضعت ورود على المجسمات، فالموت لا يليق بأمثالهم والاسود لا يليق بأمهاتهم، لذا نصلي اليوم لتشرع ابواب السماء لهم، وليصلوا لينهض من محنته.

وأردف: “نحن في مصلحة الطلاب شعارنا قوة في العقيدة، عمق في الايمان وصلابة في الالتزام، أخذنا عهداً على أنفسنا أن يكون التزامنا بلبنان مطلق، ويتجلى التزامنا بلبنان بالتزامنا بقضيتكم. خيارنا أخذناه عن وعي وإدراك، بحجم المسؤولية التي تترتب على هذا الالتزام”.

ولفت بدر الى أن هذا الالتزام يتجلى بعهد اطلقه الطلاب: “عهد علينا نضل بهالأرض، متجذرين، ما نساوم على حبة تراب منها، ولا نقبل نتركها للغريب او لـيلي ما بيريد الها الخير: هيدي أرضنا، هيدا وطننا، وهيدي هويتنا. عهد علينا نكمل بالمواجهة للآخر مع كل منظومة الموت، وما نرضخ للواقع وما نقبل نعيش الا احرار، شو ما كانت كلفة هيدي المواجهة، واسمعونا منيح: إذا مطلوب نكفي نقاوم بالسياسة رح نكفي. وإذا مطلوب نكفي نقاوم بالمجلس رح نكفي، وإذا مطلوب نزرع بأرضنا 224 بطل جداد، منزرع 2224 بطل تَ يبقى لبنان”.

وتابع: “الأهم، عهد علينا ما نرتاح قبل ما يلي فجر بيروت، وزرع الحزن بقلوب كل هَ الناس، يتحاكم على جريمتو، ويدفع ثمن كل دمعة ام، إذا كان هوي لي فجر، أو فسادو واستهتارو سمح للانفجار يصير، وعهد علينا نحمل قضيتكن للآخر، بكل الوسائل المتاحة من اجل الوصول للحقيقة”.

ووجه رئيس مصلحة الطلاب دعوة، لكل شاب وصبية في منزله، ولجميع القواتيين والسياديين الحقيقيين في هذا البلد بالقول: “دعا أهالي شهداء فوج الاطفاء لمجموعة تحركات اليوم، واجبنا، بغض النظر عن انتمائنا السياسي، والحزبي، وخلفياتنا العقائدية، أن نكون الى جانبهم في مسار مطالبتهم بالعدالة. فهؤلاء الاهالي فقدوا أبطالهم الذين سارعوا لإطفاء النار بدمائهم، لذا “كلكن يعني كلكن” عليكم أن تكونوا الى جانب أهلهم وتؤكدوا لأمهاتهم “صحيح ابنك وبنتك شهدا، بس كلنا بهالحظة ولادك”.

وختم قائلا: “انظروا الى الأسماء، من بينهم من نعرفهم جيداً ومن ندرك مدى محبتهم للبنان، ومع قراءة اسمائهم تحفر قصصهم فينا ونشعر بوجع أهلهم وندرك فعلا اننا شعب مظلوم بحكامه، وقوي بإرادة الحياة فيه. 224 اسم. 224 مجسم.  هودي مش كياس. هودي ناس. كان في ناس بتموت فين”.

وتخلل اللقاء أيضاً كلمة لرئيسة مكتب العلاقات العامة في المصلحة غنوى غريب، التي أسفت لأن سنة مرت على انفجار بيروت والحقيقة لم تنكشف، والعدالة لم تتحقق في وقت دموع الأمهات لم تجف. واستذكرت في هذا اليوم كل من عمل وتعب منذ لحظة الانفجار للوقوف الى جانب أهالي بيروت، كما وجهت التحية لارواح الشهداء الابطال والضحايا الذين ذهبوا نتيجة إهمال السلطة الحاكمة وفسادها.

وأضافت: “صحيح انهم ذهبوا إلا أننا باقون بمهمة الوصول الى الحقيقة والعدالة. حقيقة من أدخل النترات وخزّنها وسكت عنها ومن كان يعلم ولم يفعل شيئاً. والعدالة لمحاسبة كل سياسي ومسؤول شارك بشكل مباشر أو غير مباشر بهذه الفاجعة الكبيرة، لدفع ثمن الجريمة كي لا يذهب الدم الذي روى بيروت سدا”.

وأشارت الى أن مصلحة الطلاب اختارت ان يكون التحرك ذات طابع رمزي للـ224 ضحية الباقين في قلوب الجميع وعقولهم، موضحة أنه يوجد في الساحة 224 مجسّم أسود بقربهم 224 شاب وصبية باللباس الابيض يحملون القضية ولن يرتاحوا الا عندما تأخذ العدالة مجراها.

وختمت: “صحيح أن المشهد مؤذٍ إلا أن ما فعلوه بنا مؤذٍ أكثر، صحيح أن الصورة موجعة إلا أن وجعنا أكبر بكثير، صحيح أن هذا المشهد قاهر إلا أن القهر في قلوبنا أكبر بكثير. سنة على مرور انفجار بيروت والجرح لم يختم ولن يختم. لأجلكم ولأجل اهلكم ولأجل بيروت مكملين ولن نستسلم”.

 

وتحدثت ماري رين بو صعب، باسم أهالي الشهداء، فأسفت لأنه من سنة تماماً استطاعت أيادي الإهمال والإستهتار اغتيال أكثر من 200 عائلة وتشريد الآلاف، وتترك جريح أو مكسور أو محزون في كل منزل، مشيرة الى أنها فرد من عائلة فقدت ما تملك.

أضافت: “نحن لم نفقد فرداً من عائلتنا بل فقدنا ابنا واخاً وصديقاً وحبيباً، فقدنا روحاً كانت لنا الروح. فقدنا جو بو صعب الإطفائي، البطل، الشهم، الحنون، المرح الذي لم يُخِل يوماً بواجبه الوطني. لماذا من أطفئ نار الظلم ظلم أباه وأمه تزوره بالقبر، واخته بات قلبها مكسوراً وأصبح اخوه من دون سند؟ بتنا نتحدث مع صور ونتواصل معهم بالصلاة بقهر وحزن”.

وتابعت: “كيف تنفجر العاصمة وتخسر البشر والحجر ويطالب المعنيون أن ننسى أو نستسلم؟ وحياة روحن مش ناسيين. وحياة ضحكتن وذكرياتن مش ناسيين وما راح ننسى، والعدالة آتية لا محال. ساعدنا يا رب أن نأخذ حقهم ولو بعد حين إكراماً لدموع الامات. ولا تسمح يا رب ان نشهد جو آخر يهرع لإنقاذ وطنه فينتهي عمره”.

وأكدت انها ليست المرة الاولى التي ينفجر البلد، ولا المرة الأولى التي يعاني الشعب من اهمال مسؤوليه، لكنها المرة الاخيرة التي سيخسر فيها البلد الشهداء والضحايا، خاتمة: “نحن دفنا شقف، ولكن كلنا إيمان بأننا لن نسمح بدفن جو آخر”.