أعلن المرشد الأعلى للثورة الاسلامية علي خامنئي، امس، تنصيب إبراهيم رئيسي رئيسا جديدا لايران، بعد فوزه في الانتخابات التي جرت الشهر الماضي. وفي مراسم بثها التلفزيون الرسمي مباشرة، قال رئيسي إنه سيعمل على رفع العقوبات الأميركية المفروضة على بلاده، مشددا على أن تحسين الظروف الاقتصادية للبلاد لن يكون رهن “إرادة الأجانب”. وأضاف بعد تنصيبه: “نحن نسعى بالطبع إلى رفع الحظر (العقوبات) الجائر، لكننا لن نربط ظروف حياة الأمة بإرادة الأجانب”. كما أوضح الرئيس الجديد أنه سيسعى لتحسين الاقتصاد الذي قوضته العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد منذ عام 2018، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران في 2015 مع 6 قوى عالمية.
من جانبه، أكد المرشد الاعلى أن مؤامرة مقاطعة الانتخابات كانت مصممة في الدوائر السياسية لأعداء الجمهورية الإسلامية، وقال إن الشعب رد بحزم على هذه المؤامرة. واعلن في مراسم تنصيب رئيسي ان “الشعب سجل حضورًا ذا مغزى يبعث على العزة واختار شخصية جماهيرية تتمتع بالتقوى وذات تجربة لامعة في الادارة، الأمر الذي يعبر عن العزم الراسخ للشعب على مواصلة الطريق النير للثورة الاسلامية أي طريق العدالة والتقدم والحرية”. ولفت الى أن البلاد تمتلك الاستعدادات الكافية للنهوض في جميع المجالات، داعيًا الى رفع العراقيل في قطاع الانتاج، وتقوية العملة الوطنية وتحسين المستوى المعيشي للطبقة المتوسطة والفقيرة والنهوض بالبلاد الى المكانة التي تستحقها.
بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، فإن مواقف الرجلين، وهما من التيار الايراني المتشدد عينه، يوحي وكأن طهران عاقدة العزم في المرحلة المقبلة، على الاتكال على نفسها وعلى البحث عن طريقة للخروج من الضائقة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي تتخبط فيها، رغم العقوبات المفروضة عليها. اي ان الادارة الجديدة في الجمهورية الاسلامية، المتطرفة في خياراتها، قررت التعايش مع العقوبات.
هذا يوحي، تضيف المصادر، ان ايران لن تذهب أبعد في المفاوضات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا او انها اقتنعت بأن واشنطن لن ترضخ لها فترفع عنها عقوباتها بالمجان، وهو ما تريده طهران منذ انطلاق المحادثات اثر دخول الرئيس جو بايدن البيت الابيض.
لكن المصادر تعتبر ان المواقف الايرانية هذه لا تعكس الواقع كاملا بل جزءا منه. ففي رأيها، طهران – رئيسي ستمهل المفاوضات فترة اضافية، ستواكبها بتصعيد في اكثر من ملف وميدان، من اليمن الى العراق مرورا بسوريا ولبنان، وصولا الى المضائق عبر اللعب على الملاحة البحرية وأمنها، علّ اوراق القوة هذه، المزعجة لحلفاء واشنطن او لقواتها المنتشرة في هذه الدول او لسفن العواصم الكبرى التجارية التي تعبر في المنطقة، تساعدها (اي ايران) في انتزاع تنازلات من الولايات المتحدة في فيينا، في ما خص العقوبات او تخصيب اليورانيوم …
فإذا نجحت، كان به، والا فإن القيادة الايرانية المتشددة لا تمانع البقاء تحت الحصار وإبقاء شعبها “مخنوقا” وسترفض التخلي عن نقاط قوتها العسكرية والنووية والسياسية الاساسية.. الجدير ذكره في السياق ان واشنطن، سبقت وأعلنت منذ ايام، قبل كلام رئيسي وخامنئي امس، ان مهلة المفاوضات في فيينا لن تكون مفتوحة، ولن تستمر المحادثات الى ما لا نهاية…