يأخذ العالم على لبنان اهماله الأزمة المالية المتفاقمة واطاحتها بقدرات اللبنانيين العاجزين عن مواجهتها بعد تحول الغالبية الساحقة منهم الى معوزين وفقراء في ظل الارتفاع الجنوني لسعر الدولار والعملات الاجنبية مقابل العملة الوطنية الفاقدة قيمتها الشرائية. ويلتقي أهل العلم والاقتصاد على أن اللجوء الى الصناديق المانحة عربية ودولية امر لا مفر منه لوقف التدهور والنهوض من الهوة السحيقة المتدحرجة اليها الاوضاع المعيشية، وذلك وفق خطط وبرامج بديلة للاقتصاد الريعي الذي اعتمد إبان العقود الماضية وساهم بدوره في العجز الدائم في الخزينة العامة ومراكمة المديونية المتخطية المائة مليار دولار.
ومع اعلان مديرة صندوق النقد الدولي امس ان لبنان سيحصل على 860 مليون دولار من احتياطات حقوق السحب الخاصة، والمهم ان يستخدمها بحكمة، تناهى الى الاذهان السؤال الاهم والاساس: هل يقبل لبنان بشروط الصندوق لمساعدته في حال مقاربته هذا الخيار الالزامي، أم يكتفي بالحصول منه على النصح فقط كونه غير قابل لتحمل الارتدادات غير الشعبية للقرارات المفترض اتخاذها وتوجب وجود اجماع حولها؟ مع العلم ان ثمة فرقاء يعارضون مثل هذا التوجه وحزب الله في مقدمهم الذي أعلن غير مرة عدم موافقته على هذا الخيار لتعارضه وبيئته العاجزة عن تحمل مفاعيله ومواجهة مضاعفاته.
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة يقول لـ”المركزية” في هذا الاطار: “ان التوجه الى صندوق النقد الدولي ممر الزامي للنهوض من الازمة المالية المتفاقمة والمتخطية قدرتنا على مواجهتها. من هنا ضرورة الاستعجال في تشكيل الحكومة كونها المعنية في الموضوع، والتي من دونها لا يمكن طرق باب الصندوق”.
وعن حصول لبنان على 860 مليون دولار من الصندوق كما اعلنت مديرته قال خواجة: “إن هذا المقدار من المال هو مجمل الاشتراكات المسددة من الدولة اللبنانية للصندوق الذي، وبحسب نظامه الداخلي، يمكن أي دولة مفلسة من اعضائه طلب استرداد الاشتراكات المسددة. والاهم في الموضوع هو تساهل الصندوق معنا واعطاؤنا هذه الاموال نقدا “فراش” كما يقال لا بموجب تحويلات، من أجل صرفها واستثمارها على الضروريات الملحة لا على غرار النمط المتبع المشبع بالسلبيات”.