الى مزيد من الاختناق يتجه حزب الله مع كل يوم يمر. من بيئته المتململة الناقمة على الاداء السياسي الذي اوصلها الى الفقر والجوع وقادها في ظاهرة غير مألوفة الى الاحتجاج في الشوارع، الى المجتمع اللبناني بمعظمه الذي بات يرى فيه مصدرا لكل مصيبة حلت به، الى توجيه اصابع الاتهام الشعبي اليه في انفجار المرفأ باعتباره الجهة الوحيدة في لبنان التي تتعاطى بالمتفجرات على ما اشار اهالي الشهداء امس وما ادلى به بعض الشهود ممن كانوا في المرفأ وقد تحدث بعضهم عن نقل نيترات بالشاحنات الى الجنوب ، الى المجتمع الدولي الذي يصنّف بمعظمه الحزب ارهابيا، الى الدول العربية والخليجية التي شكلت على مدى عقود الرافد الاساس للاقتصاد اللبناني والشريان الحيوي للقطاع المالي وقد قاطعت لبنان بسبب الحزب وممارساته فيها، وما موقف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان امس عن “أن إصرار حزب الله على فرض هيمنته سبب رئيس لمشاكل لبنان”ودعوته السياسيين الى مواجهة سلوك الحزب، الا الدليل القاطع .
من يتبصر في حادثة خلدة ونتائجها ومضاعفاتها، يدرك مدى مأزومية حزب الله، بحسب ما تقول مصادر سياسية مناوئة للحزب وسياساته لـ”المركزية” ، اذ ان حجم الخسارة البشرية التي مُني بها ليست بما يمكن للحزب ان “يبلعه”، لو ان ظروفه كانت مختلفة عما هي عليه اليوم، خصوصا ان بين من قضوا من صفوفه مسؤولين. لم يخرج الحزب عن طوره ولا تصرف وفق عادته، اكتفى بالتهديد والوعيد من خلال مواقف متلفزة لبعض نوابه ، فيما سلّم الامر للجيش اللبناني الذي اتخذ الاجراءات اللازمة واوقف المسؤولين عن الجريمة ، الا ان الحزب عمد الى القنص عليه لاحقا وتحميله مسؤولية التقصير، ما اضطر قائده العماد جوزيف عون على رد غير مباشر عليه ابان زيارته لحاصبيا.
تعتبر المصادر ان مجمل عوامل الضغط التي يقبع الحزب في ظلها باتت تحاصره الى درجة التفكير الف مرة بأي ممارسة او خطوة قد يقدم عليها واحتساب تداعياتها المحتملة عليه، من لبنان وصولا الى مجلس الامن الدولي. وتضيف من حادثة خلدة رمى الحزب الى ضرب عصفورين بحجر. الاول من خلال تسليم الحادثة للجيش ايحاءً منه انه يخضع للدولة وشرعيتها وقوانينها التي لطالما ضربها عرض الحائط بعدما حمّل المسؤولية كاملة لعرب خلدة، على رغم انه لم يسلم قاتل الفتى المغدور طوال عام، فكان ان طبقت العشائر قانونها الانتقامي الخاص. والثاني حمل القيادة العسكرية الشرعية على فرض هيبتها وامنها في المنطقة التي يتحكم بها العرب وهي بوابة الجنوب الرئيسية التي ما زالت تعوق حرية حركتهم الكاملة من بيروت نحوها، خصوصا ان الحزب يتهم العرب باقامة منطقة عسكرية واقفال الطريق ساعة يشاء ويناسب تيار المستقبل الذي يعتبر انه يقف خلف هؤلاء ويحركهم لاقفال الطريق والتحكم بالممر الجنوبي حينما تستوجب ذلك مصالحه السنيّة.
وفي اشارة الى تدعيم رأيها هذا، توضح المصادر ان الحزب طالب على اثر الحادثة الجيش بتسلم زمام المبادرة ما يعني عمليا وضع يده على ملف عرب خلدة ومعالجة قضية السلاح الذي يمتلكه في حين اصدرت حركة امل بيانا توقف فيه مكتبها السياسي “أمام القطوع الأمني الكبير والخطير الذي هزّ الاستقرار بالأمس في منطقة خلدة. واعتبر أن “هذا الارباك الأمني المشبوه في لحظة وطنية حساسة يصب في خدمة مشاريع تستهدف أمن البلد وتسهم في توتير الأجواء بما يهدد الإستقرار. وطلب المكتب وضع طريق الجنوب بعهدة الجيش والقوى الأمنية والإسراع في القبض على المرتكبين وإحالتهم أمام القضاء المختص”.