جاء في نداء الوطن:
غابت السلطة الحاكمة يوم 4 آب وحضر لبنان. غابت القصور الرئاسية عن المشهد وحضر الناس في الساحات في الذكرى السنوية الأولى لتفجير المرفأ. غابت خطابات البكاء على الأطلال وحضرت كلمات البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لتحفر عميقاً في وجدان الشعب المقهور وإن لم تهز ضمائر المستمرين في قهره. من هناك قريباً من المكان الذي وقف فيه البابا يوحنا بولس الثاني في 11 ايار 1997 وصلى من أجل لبنان وطن الرسالة، ومن هناك حيث ارتقت نحو السماء أرواح كثيرة من ضحايا تفجير المرفأ في بيروت، من هناك أطلق بطريرك لبنان صرخة مدوية.
ذكّر الراعي بكلمة قداسة البابا فرنسيس التي وجّه فيها نداء الى الأسرة الدولية لمساعدة لبنان، ليحقق المسيرة نحو القيامة ومساعدته بأفعال ومبادرات عملية وليس فقط بالكلمات.
وأكد البطريرك أن العدالة هي مطلب كل الشعب اللبناني، ودعا القضاء الى الحزم لأنه من المعيب أن يتهرّب المسؤولون من التحقيق تحت ستار الحصانة أو عريضة من هنا أو هناك. “على كل مسؤول أن يمثل أمام القضاء وكل الحصانات تسقط أمام دماء الضحايا والشهداء ولا حصانة ضدّ العدالة… وعلى المسؤولين تأليف حكومة ولكن لا حياة لمن تنادي وكأنّ لا مرفأ انفجر ولا شعب يجوع ومهما تغاضت الجماعة السياسية عن الواقع فإنها لن تستطيع قهر الشعب إلى ما لا نهاية… إنقاذ لبنان آتٍ لا محال ولكن يبقى أن نلاقي العالم من خلال عملٍ وطني يبرز إرادتنا بالحياة معاً لكي يأتي الانقاذ برفقة وحدة الكيان ونعني الوحدة في الحياد والوحدة في اللامركزية الموسعة والوحدة في تشريعات مدنية… لدينا فائض حروب وشهداء ومقاومات لذلك فلنذهب إلى الحرية بعيداً عن المؤامرات التي تحاك للشرق الأوسط…”.
حضر “شعب 4 آب” في الساحات وفي الصلاة وفي العالم كله من خلال المشاركة الدولية في مؤتمر دعم لبنان الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. هذا المؤتمر الذي أشار إليه البابا فرنسيس في كلمته الخاصة بلبنان طالباً من المشاركين مساعدة لبنان لكي يقوم بمسيرة قيامة من خلال تصرفات ملموسة، ليس بالكلمات وحسب. مبدياً رغبته في زيارة لبنان.
في هذا المؤتمر التقى زعماء من العالم كله. من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وباريس والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومن دول أوروبية وعربية وكانت لافتة مشاركة وزير الخارجية السعودي الذي ذكّر بالمساعدات التي قدمتها المملكة سابقاً إلى لبنان محملاً “حزب الله” مسؤولية التردي الحاصل بسبب هيمنته على الوضع في لبنان، وداعياً السياسيين اللبنانيين لمواجهته، بعدما كانت المملكة غابت عن المؤتمر السابق الذي دعا إليه ماكرون أيضا.
يحصل كل ذلك بينما السلطة لا تزال تختلف حول الحصص والحقائب بانتظار اللقاء الذي سيجمع اليوم رئيس الجمهورية ميشال عون بالرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وفي المعلومات أنه مع ترقب الوسط السياسي لهذا الإجتماع، تتعاطى اوساط مواكبة لاتصالات تأليف الحكومة بكثير من الحذر مع إمكان تجاوب رئيس الجمهورية مع المخارج التي يسعى الرئيس المكلف الى ابتداعها في سياق الليونة التي يبديها في تذليل العقد، مشيرة الى تمسكه بإبقاء حقيبة الداخلية مع الطائفة السنية على ان يتفق على شخصية مقبولة لها، وعلى إمكان اختيار شخصية حقوقية وقانونية تحظى باحترام كفاءتها ولا غبار عليها لحقيبة العدل من إحدى الطوائف المسيحية، من عيار البروفسور فايز الحاج شاهين مثلاً. وتربط الأوساط المواكبة لاتصالات التأليف خيارات ميقاتي في هذا الصدد بما سبق أن أعلنه عن أهمية الإتيان بشخصيتين حياديتين ومحترمتين وتتمتعان بصفة الاختصاص، لهاتين الحقيبتين اللتين سيكون لهما الدور الأكبر في التحضير للانتخابات النيابية في ربيع 2020 والإشراف عليها.
ولكن هذه التوقعات لا تعكسها تسريبات أخرى تعتبر أن العلاقة السيئة بين الرئيسين كانت بدأت قبل التكليف عندما تمت مفاتحة الرئيس ميقاتي بمطالب العهد في حال تكليفه ومن بينها المداورة في الحقائب والحصول على وزارة الداخلية وعلى رغم ذلك فقد اختار الرئيس ميقاتي أن يدخل حلبة الصراع على تشكيل الحكومة وربما يكون وصل إلى قناعة بأن من المستحيل الحكم مع الرئيس عون ولذلك يعتبر قريبون منه أنه لن يدخل السراي الحكومي وأنه لن يتمكن من تأليف الحكومة.
هذا التوقع السلبي انعكس في حضور لبنان في مؤتمر باريس. فقد حضر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي مؤتمر باريس لدعم لبنان والشعب اللبناني، بصفة مراقب وبدعوة من الرئاسة الفرنسية. وعلمت “نداء الوطن” أن دوائر الرئاسة الفرنسية اقترحت على الرئيس ميقاتي ان يلقي كلمة خلال المؤتمر لكنه فضل أن تقتصر كلمة لبنان على الرئيس عون وان يكتفي هو بالحضور بلا مداخلة.