ماذا يحصل على الحدود الجنوبية للبنان؟ وهل يمكن ان تتدهور الاوضاع الميدانية الى ما هو اكبر وأخطر؟ الاسئلة هذه فرضت نفسها بقوة في اليومين الماضيين ليس فقط بسبب التصعيد الاسرائيلي الذي اتخذ اشكالا جديدة للمرة الاولى منذ ارساء القرار ١٧٠١ عام ٢٠٠٦، بل ايضا بفعل تكرار حوادث اطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه الاراضي المحتلة، بوتيرة أقوى، وآخرها اليوم وقد تبناها حزب الله معلنا إطلاق عشرات الصواريخ على مناطق مفتوحة حول مزارع شبعا “ردا على الضربات الجوية الاسرائيلية”.
رغم ذلك، تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”، ان خطوة الحزب اليوم لا تخرق قواعد الاشتباك بين الجانبين، وتأتي لحفظ ماء الوجه اذا جاز القول وتثبيت “توازن الرعب” بينهما، سيما بعد الرد “النوعي” الاسرائيلي الذي سجل ليل الاربعاء الخميس، حيث لم يكتف الكيان العبري بالقصف المدفعي الذي طال مواقع عدة في الجنوب اللبناني بعد ظهر الأربعاء، إثر سقوط صاروخين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل نفذت طائراته غارتين جويتين على منطقة في جنوب لبنان، تعتبر إسرائيل أنها كانت منطلقاً للصواريخ التي أطلقت باتجاه مستوطنة كريات شمونة ظهر يوم الأربعاء. وقالت وسائل الاعلام الاسرائيلية إن “الهجوم بالمقاتلات يأتي للمرة الاولى منذ حرب لبنان الثانية، حين هاجم سلاح الجو أهدافاً لحزب الله في جنوب لبنان،. وفي وقت حذر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، من ان الغارات “ستتواصل، وقد تتصاعد في مواجهة محاولات إرهابية لاستهداف دولة إسرائيل ومواطنيها”، مشيرا الى أن الدولة اللبنانية تتحمل مسؤولية ما يجري داخل أراضيها، تستبعد المصادر رغم هذه المواقف، اي تطور “كبير” جنوبا… لماذا؟
اولا، لأن الغارات الاسرائيلية أتت ردا على صواريخ أطلقت من لبنان، بقيت لقيطة ولم يتبناها حزب الله. وفي ذلك، اشارة الى ان الحزب لا يريد “الحرب”.
ثانيا، لان هذه الضربات تأتي في اعقاب اتصالات اجرتها عواصم القرار واهمها باريس وموسكو على خط تل ابيب، طالبة منها تفادي اي توتير للاوضاع في لبنان، خاصة وأن تداعي هيكل الدولة فيه وانهياره، سيكون حزب الله اكبر المستفيدين منه. ثالثا، تضع المصادر الرد الاسرائيلي الجديد في الشكل، في خانة استعراض الادارة الاسرائيلية الجديدة بعد تسلّم يائير لبيد رئاسة الحكومة، عضلاتها، وكأن بها تقول للداخل الاسرائيلي ولايران والحزب في آن، انها ستكون اكثر تشددا وحزما في الرد على اي ضربة تتعرض لها، بما يشد عصب الاسرائيليين و”يردع” الايرانيين وأذرعهم.
بحسب المصادر، هذه هي حدود التصعيد راهنا، والجولة هذه لا تبدو ستذهب أبعد “الا اذا”: صواريخ غير معروفة المصدر أُطلقت، اسرائيل ردت بقوة، ما اضطر حزب الله الى الرد بقوة ايضا صونا لصورته كمقاومة امام ناسه في شكل خاص.
لكن في رأي المصادر، احتمال تغيير هذه المعادلة وارد مع التقلبات الاقليمية والدولية، سيما اذا ارادات ايران الذهاب ابعد في التصعيد، تماما كما فعلت بحرا ضد سفينة اسرائيلية. وتكشف المصادر ان تل ابيب قد تتحرك احاديا وحتى من دون ضوء أخضر دولي في حال رأت ان خط الامدادات العسكرية بين دول الممانعة، انطلاقا من ايران، آخذ في التمدد، وصولا الى الحدود الجنوبية للبنان، وهي، والحال هذه، ستتصرف بما يلزم لقطعه، وقد ابلغت القوى الكبرى بذلك، كما أبلغتهم ان اي سفينة ايرانية او تنقل نفطا ايرانيا الى بيروت، سيتم استهدافها، ما يعني ان الحزب، اذا أصر على جر الوقود من طهران، قد لا يأتي به بحرا.