IMLebanon

“الحزب”… لماذا يكرهوننا؟

بعد 15 عاماً على حرب تموز 2006 ربما بات على “حزب الله” أن يسأل نفسه عن أسباب ما حصل أمس في بلدة شويّا في قضاء حاصبيا مع المجموعة التابعة له في طريق عودتها من عملية إطلاق الصواريخ في اتجاه مزارع شبعا. وبعد 15 عاماً ربما يتوجب عليه أن يسأل عن أسباب الإشتباكات المسلحة مع عرب خلدة. ربما على الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله أن يجيب الليلة على هذه الأسئلة في إطلالته التي كانت مخصصة للتذكير بما يعتبره إنجازات وانتصاراً في تلك الحرب. بعد 15 عاماً يبدو أن عدد الذين يكرهون الحزب يتزايد وعليه الاجابة على السبب وعن سؤال لماذا يكرهونه؟

ذهب الحزب إلى “حرب تموز” من دون أن يستشير أحداً ومن دون أن يطلب إذناً من أحد. طالما كان السيد حسن نصرالله يعلن وفي أكثر من مرة أن المقاومة لا تسأل عن إجماع وأنها لم تكن محط إجماع وأن السلاح يحمي السلاح في النهاية. لم ينتظر كثيراً بعد حرب تموز ليعلن في مهرجان النصر أن في لبنان طرفين: من هم مع المقاومة ومن كانوا يتآمرون على المقاومة.

لم يكن حادث شويا مفتعلاً ومخططاً له. حادث قبرشمون قبل عامين مثلاً كان متوقعاً. لم يحاول الوزير جبران باسيل المرور فجأة من قبرشمون إلى بلدة البساتين بل كانت زيارته معلنة والمعترضون عليها كانوا أعلنوا عن رفضهم لها وعندما حاول أن يمر حصل الحادث الذي أدى إلى إلغاء زيارته ووتر الوضع في البلد.

في شويّا لم يكن الأمر مماثلاً. أتى عناصر “حزب الله” ونفذوا عملية إطلاق الصواريخ. لم تكن مهمتهم معروفة ولا معلنة بل كانت تحصل ضمن نطاق السرية التامة ومع ذلك عندما علم الأهالي بما حصل سارعوا إلى التصدي للمجموعة وتوقيف عناصرها وتعنيفهم والتهجم عليهم وعلى “حزب الله” وتحطيم الآليات التي كانت تستعملها وصوَّر بعضهم مشاهد من العملية انتشرت كالنار في الهشيم.

ما حصل في شويا يعني أن السكوت عما كان يفعله “حزب الله” في “حرب تموز” مثلاً لم يعد من الممكن أن يمر بسهولة. وأن جهات كثيرة قد لا تقبل أن تستخدم مناطقها للقيام بأعمال حربية. هذا التحول إن دل على شيء فعلى أن الحزب لم يعد يتحرك في مناطق صديقة أو ضمن بيئته ولم يعد قادراً على فرض السكوت والتسليم بدوره وبحربه المفتوحة التي يملك وحده مفاتيح توقيتها وإشعالها. في شويا كان الحرص على أمن البلدة والأهالي أكبر من الحرص على تغطية أعمال “حزب الله”. وبتعبير آخر أبعد من شويّا نفسها لا يمكن أن يتحمل اللبنانيون الذين يعيشون اليوم أعباء الإنهيار أعباء عمليات الحزب ورد فعل العدو الإسرائيلي. ما حصل في شويّا كان عفوياً تقريباً كرد فعل من الأهالي من دون أن تكون هناك اي تعليمات أو تحضيرات. على عكس ذلك بعد الحادث بدأت المحاولات لاحتوائه. لا “حزب الله” كان يريد أن تكبر المشكلة وما كان يريدها أصلاً. ولا الحزب التقدمي الإشتراكي أو الحزب الديمقراطي اللبناني يريد أن تكبر وتتمدّد. ما حصل بعدها في بعض مناطق الجنوب عندما تم طرد عدد من الباعة الدروز ثم على طريق عاليه من اعتداءات على سيارات فان تعبر باتجاه البقاع لم يكن يعكس إلا حال الإحتقان الذي يهدد بانفجار كبير يدخل ضمن إطار السؤال الأول: لماذا بعض اللبنانيين باتوا يكرهون “حزب الله” إلى هذا الحد؟

ما حصل في خلده ليس بعيداً عما حصل في شويا. لو اقتصر الأمر على حادث آب 2020 كان يمكن اعتبار أنه حادث وانتهى. ولكن عندما يتم قتل علي شبلي بهذه الطريقة اغتيالاً في الجية وعندما يتم رصد جنازته في اليوم التالي في خلده في طريقها إلى منزله وتُطلق النار على المشيعين فهذا يعني أن القصة أكبر من مجرد حادث. كان الحزب يبحث عن تأمين طريق الجنوب فأتاه جواب لم يكن ينتظره من شويا في حاصبيا.

في الحالتين أظهر الجيش اللبناني أنه حلّال المشاكل. وأنه في هذه الظروف الصعبة صمّام الأمان لاحتواء عمليات التفجير المتنقلة. لو لم يبادر إلى التدخل وتسلم العناصر الأربعة والآليات والراجمة في شويا لما كان انتهى الإشتباك ربما. ولو لم يتدخل في خلده لما كان انتهى الإشتباك أيضا. دور الجيش لا يمكن أن يبقى على مستوى التدخل حين يحصل الحادث، إذ يجب أن يكون هو المرجعية الأمنية ولكن دون ذلك عائق كبير يتمثل بسلاح “حزب الله” ودوره في الصراعات في لبنان والمنطقة. لم يعد لبنان في وضعه الراهن يستطيع أن يتحمل عبء حروب الحزب. ولا يمكن أن يستمر الحزب في فرض هذا الواقع على لبنان. وبالتالي ربما عليه أن يتنازل ويسأل عن سبب هذا التحول في المواقف منه بين تموز 2006 وتموز 2021؟