Site icon IMLebanon

ديبلوماسيو الداخل على مشنقة الأزمة المالية… 

حتى السلك الديبلوماسي غرق في مستنقع تجاذبات الوضع المالي والاقتصادي وانهيارهما. فلا تشكيلات ديبلوماسية منجزة منذ عقود، وشكاوى السفراء والقناصل بسبب الظلم وعدم المساواة بينهم وبين زملاء لهم في الخارج تجاوزت صبر البعض فكان “المنفذ” في الاستيداع من الوظيفة أو الوضع الموقت خارج الخدمة. إلا أن قرار”الخلاص” تحول إلى معبر غير سالك وآمن لمستقبلهم المهني.

فبعدما تقدّم خمسة دبلوماسيين من الإدارة المركزية في بيروت بطلب التوقف عن عملهم، مع إمكانية أن يرتفع العدد في الأسابيع المقبلة، وقّعت وزيرة الخارجية والمغتربين بالتكليف زينة عكر، مذكّرة إدارية إلى موظفي السلك الدبلوماسي بتاريخ 3 آب ورد فيها: “بعدما تعدّدت الطلبات المقدّمة من بعض الدبلوماسيين للوضع بالاستيداع أو الوضع الموقت خارج الملاك أو طلب إجازة من دون راتب، نوجّه الانتباه إلى أنّه قد يؤثّر هذا الوضع على شمول المعنيين به في أي مناقلات إلى الخارج في المستقبل”.

أوساط ديبلوماسية نقلت عن عكر أنّ التشكيلات المستقبلية إلى البعثات في الخارج، لن تشمل الحالات المذكورة في المذكرة، واعتبرت ان” ما يواجهه السلك الدبلوماسي تهديد حقيقي خصوصا أن من تقدّم بطلبات استيداع وتوقّف موقت عن الخدمة هم من أصحاب الكفاءات”. وفي قراءة عابرة لواقع أجر الديبلوماسي نلاحظ أن راتب الدبلوماسي  في الإدارة في بيروت لم يعد يُساوي أكثر من 100 دولار أميركي، مقابل 10 آلاف دولار شهرياً للملحقين الاقتصاديين، و33 ألف دولار شهرياً كأعلى راتب دبلوماسي . فكان الحل عبر إرسال عكر كتابا إلى البعثات في الخارج تحثهم على تبرع كل سفير بـ 200 دولار وكل دبلوماسي بـ 100 دولار لمساعدة الموظفين في الإدارة.

سفير لبنان السابق في المكسيك الدكتور هشام حمدان أوضح لـ”المركزية” “أن في الشكل يحق للزملاء في الادارة المطالبة بتطبيق القانون بعد مرور سنتين على وجودهم في الادارة، ومرور اكثر من 10 سنوات على عدد من السفراء في الخارج. لكن الوزيرة عكر محقة ايضا بالنسبة للتحجج بالظروف الاقتصادية التي تخلق صعوبة في تنفيذ القانون. وهي قامت بحق اداري لها. وليس من حق الدبلوماسيين اثارة هذه المذكرة اعلاميا”.

قانونا نصت المادة 50، المتعلقة بشروط الوضع خارج الملاك، أنّه “يجوز وضع الموظف موقتاً خارج الملاك لأجل إلحاقه بإحدى الإدارات العامة أو المؤسسات العامة أو البلديات أو شركات “الاقتصاد المختلط” اللبنانية، أو المؤسسات الدولية أو الدول”. وينقطع هذا الموظف عن تلقّي راتبه، لكنّه “يحتفظ بحقه في التدرج في ملاكه وبحقه في التقاعد أو تعويض الصرف”، وينطبق ذلك على حالات الإجازة من دون راتب.

ونصت المادة 52، على أن الموظف الذي يوضع في الاستيداع “ينقطع عنه راتبه ويفقد حقّه في التدرّج وحساب التقاعد طيلة المدة التي يقضيها خارج الملاك”. ولا يذكر النص في الحالين خسارة الدبلوماسي حقّه في المناقلات، “لأنّه لا يوجد تعارض بين عدم احتساب درجات على الراتب وبين التعيينات في الخارج. حصل في حالات سابقة أن استثنت الإدارة دبلوماسيين من المناقلات لأسباب تأديبية”.

إذا في القانون لا تخرج خطوة الوزيرة عكر عن أصولها، فلماذا “تسلل” الوضع من داخل جدران وزارة الخارجية  إلى وسائل الإعلام. ولماذا لا يُطبّق القانون من كلّ النواحي ويُحفظ حقّ الدبلوماسيين بالتشكيلات؟”. يقول حمدان “تعيين الملحقين الاقتصاديين تنفيعة  لا اكثر. اذا تم توفير الاموال المدفوعة للملحق الاقتصادي وتخفيض الرواتب العالية للمقيمين في الخارج امكن توفير الحلول لتبادل الادوار وتنفيذ القانون”.  وسأل:” ماذا يفعل الملحقون الاقتصاديون لوطنهم لبنان اليوم في الخارج؟ ما هو الشيء الذي قدموه ولا يمكن للسفير او للدبلوماسي العادي ان يقدمه؟ وماذا يفعل السفراء الموجودون في الخارج الذين يتقاضون رواتب عالية ومنها ما فوق العادة، ماذا يقدمون للبنان في هذه الظروف؟ وأي لبنان يمثل؟ لبنان بمحور الممانعة أم المعارضة لسيطرة المشروع الإيراني”.

يضيف حمدان:” ثمة الكثير الذي يمكن ان يقوم به السفير اذا تعاونت الادارة معه. فلماذا تغدق الاموال على الملحق الاقتصادي؟  ما يحصل في السلك الخارجي ليس قصة ميزانية إنما موضوع عدم قدرة الحكومة على تنفيذ القانون، لان الحكومة ليست مستقلة ولان الوزراء ومنهم عكر يمثلون احزابا  تتولى تأمين الغطاء السياسي والقانوني للسفراء في الخارج”.

ويختم:” موضوع الرواتب والمزايا للديبلوماسيين ليس حقاً مكتسبا، وانما يمنح لأغراض الخدمة العامة وبدل قيامهم بواجب ديبلوماسي تفوق أهميته كل أموال الناس. هذا لا يعني استخفافا أو تجاهلا لحق الديبلوماسي بقبض راتب محترم، لكن إذا لمس الناس أنهم لا يحصلون على نتائج حسية من عملهم وتبرعاتهم فلماذا يستمرون بالتضحية؟ على اعضاء السلك الدبلوماسى ان يدركوا انهم جزء من هذا الشعب”.وإلى الشعب يعودون قريبا…!