كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
تُعتبر القهوة جزءاً لا يتجزّأ من العادات اليومية لعدد كبير من الناس، وهي غالباً أول شيء يتمّ إدخاله إلى الفم صباحاً. غير أنّ الأبحاث الأخيرة اقترحت أنّ شرب كوب من القهوة على معدةٍ فارغة لا يُعتبر فكرة جيّدة إطلاقاً. فما السبب الذي دفع الخبراء إلى التحذير من هذا السلوك والتخلّي عنه فوراً؟
قبل الغَوص في أحدث ما كشفته نتائج الأبحاث العلمية، تطرّقت اختصاصية التغذية عبير أبو رجيلي، خلال حديثها لـ»الجمهورية»، إلى أبرز فوائد القهوة الصحّية التي يمكن استمدادها فقط عند شربها باعتدال، فقالت إنها «مهمّة لدعم صحّة الأوعية الدموية، وتحسين مستوى الكولسترول في الدم لِغناها بمضادات الأكسدة. وبالتالي، فهي تحمي من أمراض القلب. كما أنها مهمّة للرياضيين بحيث تؤثر إيجاباً في مهاراتهم وأدائهم، وقد تبيّن أنّ شربها قبل ساعة من النشاط البدني يمكن أن يقلّل من الشعور بالتعب. فضلاً عن أنّها تحمي من أنواع سرطانات عديدة خصوصاً سرطان الكبد، وتقلّل من خطر الإصابة بالسكّري من النوع الثاني والباركنسون، وتحمي من تسوّس الأسنان، وتحارب الصداع والاكتئاب خصوصاً عند النساء، وتنعكس إيجاباً على البشرة وتتصدّى لسرطان الجلد وحَبّ الشباب والإكزيما».
ولكنها في المقابل حذّرت من شرب القهوة على معدةٍ فارغة، بعدما توصّلت نتائج الأبحاث العلمية إلى أنّ ذلك يولّد مشكلات صحّية كثيرة تشمل:
إرتفاع السكّر في الدم
وجدت دراسة نُشرت عام 2020 في «British Journal of Nutrition» أنّ شرب القهوة على معدةٍ فارغة فور الاستيقاظ من النوم قد أضعفَ بشكلٍ ملحوظ قدرة الأشخاص على التحكّم في معدل السكّر في الدم، الأمر الذي يزيد من خطر الإصابة بالسكّري من النوع الثاني. في حين أنّ الذين تناولوا الفطور مُسبقاً لم يواجهوا ارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم.
مشكلات في الجهاز الهضمي
إستناداً إلى «American Society for Gastrointestinal Endoscopy»، إنّ القهوة تؤدي إلى استرخاء العضلة السُفلية العاصرة للمريء، ما يسمح لحامض المعدة بالتسرّب إليه، وهو ما يُعرف بارتجاع المريء. ناهيك عن أنّ القهوة ترفع أيضاً احتمال معاناة الحرقة لأنها قد تُعزّز الحموضة في المعدة.
ردع التركيز والوعي
ما هو مُفاجئ أنه وبعكس ما يعتقده الجميع، فقد وجد العلماء أنّ شرب القهوة على معدة فارغة قد يُفاقم النعاس. إذ إنه عند الاستيقاظ من النوم، يفرز الجسم هورمون الكورتيزول بشكلٍ طبيعي، وهو الذي يساعد على الشعور باليقظة والحيوية. غير أنّ احتساء القهوة على معدة فارغة يقلّل من مستويات الكورتيزول، الأمر الذي يعوق الوعي والقدرة على التركيز. فضلاً عن أنّ هذا السلوك يُحفّز القلق، ويُعكّر المزاج، ويُسارع دقات القلب.
إذاً ما هو أفضل توقيت؟
وفق أبو رجيلي «للحصول على أقصى منفعة من القهوة، يُستحسن شربها إمّا منتصف الصباح أو في وقتٍ مُبكر بعد الظهر. وبالتالي لا يجب إطلاقاً شربها على معدة فارغة، إنما أثناء تناول وجبة فطور خفيفة وصحّية. ولا بدّ من لفت الانتباه إلى أنه لا يجب احتساء القهوة مع المكمّلات الغذائية التي يصفها الطبيب، مثل الحديد، لأنها قد تعوق امتصاصها. كما أنّ شرب القهوة مع الحليب ومشتقاته يخفّف من قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم بطريقة جيّدة وفعّالة».
وتابعت حديثها: «كذلك يجب الحذر في حال معاناة ارتفاع ضغط الدم، لأنّ القهوة تحتوي على مادة الكافيين التي قد ترفع معدلاته. وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يشكون من احتباس السوائل في الجسم، عليهم أيضاً الانتباه لأنّ مادة الكافيين قد تُفاقم هذه المشكلة».
هل يجب الامتناع عن القهوة؟
علّقت خبيرة التغذية: «إستناداً إلى دراسات كثيرة، إنّ تناول أقل من 400 ملغ من الكافيين يومياً يمكن أن ينعكس إيجاباً على الصحّة، ولكن إذا تمّ تخطّي هذه الجرعة فإنها قد تسبب مخاطر صحّية عديدة. فضلاً عن أنّ احتساء القهوة بكثرة يمكن أن يسبب مشكلات تشمل القلق والأرق. إذاً، إنّ القهوة مهمّة ومُفيدة ولكن يجب الانتباه إلى كميتها وتوقيت تناولها والأطعمة المستهلكة معها، بحيث يُفضّل المَيل إلى الأنواع التي تتماشى مع مذاقها مثل الشوفان، ورقائق الذرة، والشوكولا الأسود، والكايك المحضّر في المنزل، وألواح الغرانولا».