جاء في “المركزية”:
في صلب المحادثة الهاتفية بين الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والايراني ابراهيم رئيسي حضر ملف لبنان، وهما المعنيان به مباشرة. ايران من زاوية امساك ورقته بقوة عبر حزب الله وفرنسا بسعيها الدؤوب لانقاذه. رئيسي اكد أن الحكومة الإيرانية الجديدة ترحب بتعزيز العلاقات مع فرنسا على أساس الاحترام المتقابل والمصالح المشتركة، وهي جادة في الحفاظ على الأمن وقوة الردع في المنطقة، مشددا على “اننا نؤيد أي عمل يستهدف الاستقرار والأمن وتحسين الوضع الاقتصادي للشعب اللبناني، ونرحب بدعم فرنسا في هذا الصدد”. لكن الموقف شيء والفعل شيء آخر، وهي قاعدة تدركها باريس جيدا وقد اختبرت على مدى عقود “مراوغة” طهران وعدم ايفائها بتعهداتها لا سيما في ما يتصل بالشأن اللبناني، الا انها ما زالت حتى الساعة تحافظ على اصول اللياقة التي لطالما تميزت بها وتبذل محاولات حثيثة…عسى ولعلّ.
اوساط سياسية فرنسية تقول لـ” المركزية” ان حزب الله ، ذراع ايران العسكرية في لبنان، والعامل بهدي قراراتها، لم يرد الجميل لفرنسا ومواقفها تجاهه وهي التي تجاوزت المواقف الاميركية والعربية وخصوصا السعودية وبعض الدول الاوروبية ومدت اليد الى الحزب خلال زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون مرتين متتاليتين لبيروت.فقد تجاوب ماكرون في اجتماع السفارة الشهيرمع القوى السياسية في اعقاب تفجير 4 آب، حاذفا بند الانتخابات النيابية المبكرة من مبادرته الانقاذية اثناء مناقشتها، بناء لطلب الحزب. وعلى رغم اعلان الحزب الالتزام بما عرضه ماكرون من حكومة مهمة من اختصاصيين غير حزبيين وجدول اعمالها ومدة تشكيلها الا انه لم يلاق ايجابية ماكرون بل طالب بحكومة سياسية وبالاشتراك فيها،الامر الذي حمل فرنسا على تبديل موقفها وقد ابلغته لايران محملة اياها مسؤولية عرقلة التشكيل عبر حزب الله، الامر وعلى الاصطفاف الى جانب الولايات المتحدة الاميركية والسعودية والدول التي تعتبر ايران مسؤولة عن ازمة لبنان.
وتستغرب الاوساط استمرار حزب الله ومن خلفه ايران في التعنت والتصلب على رغم انهما في اضعف موقع مع تسلم الرئيس الجديد ابراهيم رئيسي السلطة، خلافا لما تسوق ايران في اعقاب التطورات الدراماتيكية في بحر عُمان. فالحزب فقدَ الدعم الشعبي والاحتضان الوطني الذي كان يتمتع به والذي تظهّر بوضوح في حرب تموز 2006، فانقلب المشهد رأسا على عقب، وعوض الاحتضان بات الحزب مكروها في الشارع السني والدرزي والمسيحي بمعظمه وبعض الشارع الشيعي، وما حريق حسينية علي النهري من قبل شيعة اصلاحيين الا النموذج لافتقار الحزب لثقة ودعم بيئته له، اضف ان الشعارات التي رفعت في الذكرى السنوية الاولى لانفجار المرفأ “ايران برا برا”، وما تخلل حادثة خلدة من مواقف وما حصل في بلدة شويا اخيرا، عكست كلها اتجاها الى ان حزب الله بات في عين الاستهداف المحلي والخارجي، ما اضطر امينه العام السيد حسن نصرالله الى الخروج بمواقف عالية السقف مساء السبت الماضي محاولا تجييش شعبه وناسه، وتجلى التجاوب معه في الحملة الممنهجة لجيشه الالكتروني في اليوم التالي ضد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وفي مواقف المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان.
تقول الاوساط ان من غير المستبعد ان تنفذ اسرائيل عملا عسكريا نوعيا ومحدودا ضد لبنان، لاسيما بعد استهداف الباخرة الاسرائيلية في بحرعُمان، وتوسع رقعة الخشية من مواجهات قد تحصل في اكثر من منطقة وتدفع ربما في اتجاه حرب اهلية، اذا لم تشكل الحكومة في لبنان سريعا، علما ان ارضيتها باتت جاهزة تنتظر اشعال فتيل الانفجار، فهل يذهب الحزب في مواقفه والمواجهة الى الحدود القصوى تنفيذا لاجندة ايران ولو على حساب لبنان ومصلحة شعبه؟