Site icon IMLebanon

“الحزب” في موقف حرج!

كتب ناصر زيدان في “الأنباء الكويتية”:

كادت التطورات التي حصلت في لبنان خلال الأسبوع المنصرم أن تطيح بالاستقرار الأمني، بعد أن أطاحت التعقيدات السياسية بالاستقرار المعيشي والمالي. وجحيم الصعوبات اللبنانية فاق كل التوقعات، ووصف البنك الدولي ما يجري في لبنان على المستوى الاقتصادي بأنه انهيار لم يسبق له مثيل منذ مائة عام، وتجاوزت انعكاساته ما حصل إبان الأزمة اليونانية عام 2008 والأزمة الفنزويلية القائمة منذ العام 2018.

الأحداث بدأت مع تطور أمني حصل في أعقاب اغتيال المسؤول في حزب الله علي شبلي، في عملية قال عنها الفاعل الذي ينتمي إلى عشائر العرب في خلدة إنها ثأر على مقتل شقيقه الفتى حسن غصن منذ عام على يد شبلي، وكاد الأمر أن يتطور إلى فتنة واسعة جراء ما حصل إبان تشييع شبلي، وقد نجحت القوى السياسية المؤثرة والجيش في منع الانفجار الشامل. لكن ما حصل في الجنوب بعد تبادل القصف بين العدو الإسرائيلي وحزب الله كان أكثر خطورة، لأنه مفتعل ولا مبرر له ويضر بالمصلحة اللبنانية، ولأنه ضرب بالصميم فكرة ثبات الاستقرار الأمني، واستهلك القليل المتبقي من الثقة بالدولة، كما أن ردة الفعل العفوية التي حصلت من مواطنين خائفين على أرزاقهم وحياتهم في بلدة شويا ضد الذين كانوا يطلقون الصواريخ بالقرب من منازلهم، كادت أن تشعل فتنة أهلية كبيرة لولا تدخل العقلاء والقوى الأمنية الذين حاصروا موجة الانفعال والتحريض التي حصلت بعد التعرض لشيخ من الموحدين الدروز يبيع محصوله من التين في مدينة صيدا من قبل عناصر ينتمون إلى حزب الله، كما أن محطة إحياء الذكرى السنوية لانفجار مرفأ بيروت الذي قتل المئات وجرح وشرد عشرات الآلاف ودمر جزءا كبيرا من العاصمة، كانت خطيرة أيضا على الاستقرار، بسبب الأحداث التي حصلت في الأشرفية في بيروت بين مجموعات من الشيوعيين المقربين من حزب الله وحزب القوات اللبنانية.

نجا لبنان من منزلق خطير من جراء هذه المحطات القاسية، ولكن لما حصل خلفيات ونتائج واسعة، لعل أبرزها:

٭ أولا: في الخلفيات تأكيد أن جهات داخلية وخارجية تحاول بقوة توتير الوضع الأمني لصرف الأنظار عن كارثة مرفأ بيروت التي بدأت تتكشف معالمها ويتبين المسؤولون عنها، والطرف المستفيد من النيترات او المسؤول عن الانفجار المروع يقف وراء محاولات التوتير في سيناريو يشبه ما حصل بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأدى بالتالي إلى حصول عدوان تموز عام 2006. وقد تكون إحدى الخلفيات المقصودة مواكبة مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني، وما حصل من تفجيرات في بحر عمان. والفريق الحاكم في لبنان قد يكون استفاد من الهيجان الأمني لأنه صرف الأنظار عن تعطيله لتشكيل الحكومة، وعن مسؤولية الاختناق المعيشي الذي يقاسيه اللبنانيون.

٭ ثانيا: لنتائج ما حصل مجموعة من الثوابت التي لا يمكن القفز فوقها، من الناحية السياسية ومن الناحية الأمنية، وأولها التأكيد بأن التعرض لمصالح المواطنين وكرامتهم وأمنهم غير خاضع لأي توازنات عسكرية، وأي من المكونات اللبنانية قادرة على الدفاع عن نفسها إذا ما تخلت الدولة عن واجباتها تجاههم، ولن تخاف من ترسانات السلاح التي يملكها حزب الله والذين يدورون في فلكه. والنتيجة الثانية هي سقوط نظرية قدرة حزب الله على السيطرة على كل مندرجات الحياة اللبنانية، كما فشل القدرة على تعطيل الملفات القضائية، خصوصا تمييع ملف جريمة المرفأ، وهذا ما أكد عليه أهالي الضحايا والجمهور الواسع الذي شارك في إحياء الذكرى في 4 آب. والتعاطف الداخلي والخارجي الواسع الذي حصل مع ضحايا انفجار المرفأ ومع المشايخ ومع أهالي بلدة شويا، أحرج حزب الله، ووضعه في موقف هش، بصرف النظر عن خطابات زعمائه، وشعارات العداء لإسرائيل والدفاع عن الوطن التي لم تعد تنطلي على أحد، وليس لها أي مبرر وطني، والجميع يعرف كيف بدأ إطلاق الصواريخ، كما أن اللبنانيين جميعا معادون لإسرائيل وجاهزون لمقاومتها إذا ما اقتضت المصلحة الوطنية وإذا ما سمح لهم بذلك.