كتب عمر حبنجر في “الأنباء الكويتية”:
الأفق الحكومي ليس مغلقا، وإن بدت موجات التشاؤم عالية، فالتوقعات المتفائلة، مبنية على سعة صدر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وعلى عمق إدراكه لمخاطر ما بعد اعتذاره، في حالة إيصاله الى الطريق المسدود.
وإن لم يحسم لقاء الثلثاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون الأمور، فسيدل على اتجاهاتها، مع العلم ان المعلومات المتوافرة تشير الى ان الرئيس عون اقتنع بتثبيت المعادلة الطائفية للوزارات السيادية الأربع، وان الجدل البيزنطي حول جنس الوزارات الخدماتية، وهويتها الطائفية او الحزبية، يفهم منه ان الحديث عن «وزراء الاختصاص المتحررين من القيود الحزبية» في خبر كان.
لكن على ضفة التشاؤم، من يعتقد أن المشكلة بين الرئيسين عون وميقاتي، كما المشكلة بين عون وسعد الحريري، ليست في اختلاف المزاج، او الدور او الصلاحية، او هذه الوزارة او تلك، انما هي في نية الرئيس عون، عدم تشكيل حكومة، تعليقا للاستحقاقات التي سيكون عليها إنجازها، وفي طليعتها الانتخابات النيابية، ومن ثم الرئاسية، فسياسة التعطيل والفراغ، نجحت في إيصال عون إلى بعبدا، ومكنت وريثه السياسي جبران باسيل من استثمار العهد وعبره الدولة ومؤسساتها، حتى يبس الزرع وجف الضرع. فلماذا تجري انتخابات نيابية تنتزع منه كتلته النيابية الرقمية، وكذا كتل حلفائه، التي لن تعود الى ما كانت عليه بعد المواجهة الانتخابية.
والمعيار نفسه ينطبق على الانتخابات الرئاسية، والمعادلة المتداولة: حكومة تصريف أعمال، ومجلس نيابي ممدد الصلاحية، ورئاسة جمهورية، بقوة الاستمرار. ولكن ماذا عن مؤسسات الدولة المنهارة، والمناشدات الدولية المستجيرة بالجماعة الحاكمة كي تشكل حكومة وتنتشل نفسها والبلاد من الجحيم الذي آلت إليه؟
وفي الأثناء، العتمة في كل مكان، وكارتل شركات استيراد النفط، باتوا يسابقون أصحاب محطات التوزيع على البيع بالسوق السوداء، صفيحة المازوت 20 ليترا سعرها الرسمي 58 ألف ليرة لبنانية، لكنها تباع في السوق السوداء بـ 300 ألف ليرة، ووزارة الطاقة المطلوبة حصريا إلى التيار الحر منذ 13 عاما، إما مشاركة أو متجاهلة، وكذا حال قطاع الدواء والمستشفيات، مع أدوية السرطان المفقودة من الصيدليات، ومثلها المستلزمات الطبية، التي تحول بعضها إلى السوق السوداء مثل الدولار والمازوت والبنزين.
ومع كل ذلك، مازال القوم يتجادلون في طائفة أو مذهب، هذه الوزارة او تلك، ما يدل على ان دوافع هذه اللعبة التي حلت بلبنان واللبنانيين، أبعد مما يتشدق به بعض المسؤولين اللامسؤولين، حول صلاحيات هذا او ذاك، وحقوق هذه الطائفة او تلك، وأقرب الى المشاريع الإقليمية الكبرى، التي غالبا ما نقرأ عنها، ولا ندرك كنهها، ومنها مشروع إيران التوسعي في بلاد العرب، والذي يبدو ان طهران في عهد رئيسي لازالت ترفض التخلي عنه.