رعى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مساء الخميس، حفل تخرج دورتي التنشئة الروحية والإنسانية لمكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية السابعة 2020 والثامنة 2021 في كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، وبلغ عدد المتخرجين 375، شارك في الحفل حضوريا 230 شابا وشابة و145 افتراضيا من لبنان وسوريا وبعض بلدان الانتشار، وحملت دورة 2020 اسم “ثورة وعي”. أما دورة 2021 فحملت اسم “آب الرجاء”.
وبعد النشيد الوطني وصلاة البدء، عرض فيديو عن نشاطات مكتب راعوية الشبيبة. ثم ألقى المشرف على مكتب الراعوية المونسينيور توفيق أبو هدير كلمة قال فيها: “صاحب الغبطة أبانا وراعينا وحبيب قلوب شبيبتنا، كنتم دائما معنا بصلاتكم، أمامنا بصلاتكم، قربنا بتوجيهاتكم وخلفنا بدعمكم، نقول لكم إننا اليوم كشبيبة معك مع كل نبضة من قلبنا وكياننا ولآخر رمق بحياتنا.”
واضاف: “بطرحكم نظام الحياد الإيجابي والناشط، أردتم خلاص الشعب والوطن وضمان وحدته واستقراره، إطمئن سيدنا فالشبيبة اليوم ليست على حياد، بل هي معك بحمل رافعة إنقاذ الوطن وهي خشبة خلاصه الوحيدة، معك كحصن دفاع بوجه الحملات ضد الكنيسة التي لن تقوى عليها أبواب الجحيم، وبوجه الحملات على شخصكم الكريم، ونحن على يقين أن هذه الحملات المدانة والمشبوهة هي خطر داهم على لبنان ومخطط لتغيير وجهه وهويته وكل ما تميز به الكيان اللبناني من حرية رأي ونظام ديموقراطي تغنى به العالم”.
وختم: “بصوت واحد وصارخ، نعلن مع الشبيبة والمتخرجين اليوم: نحن معك لمجد لبنان، لمجد لبنان الحياد، لمجد لبنان الرسالة، لمجد لبنان الشركة والمحبة”.
ثمّ تم عرض تقرير مصور عن مواضيع الدورات.
بعد ذلك، ألقيت كلمة متخرجي دورة 2020 “ثورة وعي”، بعنوان: “أحبوا بعضكم بعضا، كما أنا أحببتكم” (يوحنا 13:34)، جاء فيها: “إن جوهر دعوتنا ورسالتنا الإنسانية يكمن في هذه الوصية التي أوصانا إياها الرب يسوع المسيح، فمحبتنا لبعضنا البعض النابعة من محبة الرب لنا ومحبتنا له (1 يوحنا 4: 19)، تتجلى في حياتنا ثورة وعي وثمار أخوة إنسانية في وطننا وطن الرسالة وأرض القداسة. الأرض نعمة من الله، ففيها نحيا ملء دعوتنا الإنسانية بكل غناها وتنوعها. ولذا، علينا أن نحب وطننا بكل ما فينا وبكل ما فيه ونحافظ على إنسانه جوهر كيانه. إن ثورتنا الشبابية هي ثورة وعي وحب وإيمان، هدفها الحفاظ على ثروتنا الإنسانية والروحية والثقافية والاجتماعية والوطنية والسياسية بكل وعي وأمانة ومسؤولية. ثورتنا ثورة الحرية الحقيقية التي تعمل لخير الإنسان وبنيان الأوطان. ثورتنا ثورة انتفاضة على الذات وعلى كل المفاهيم الـمعلبة التي لا تخدم الإنسان، بل المصالح الشخصية الفردية والفئوية. ثورتنا ثورة حق وشهادة للحق في وجه الظلم. ثورتنا ثورة شبيبة متجذرة بإيمانها وراسخة بمحبة وطنها ومسؤولة بوعيها وسامية بقوة رجائها. إن عام 2020، الذي كان عاما مفصليا في تاريخ لبنان والعالم أجمع بكل ما حمله من أحداث وتحديات مصيرية، لم يثبط عزيمة مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية المارونية الذي استكمل مسيرته الرسولية، بتوجيه من غبطة أبينا البطريرك وبركته، فتابع مسيرة التنشئة الروحية والإنسانية بعنوان ثورة وعي، محاكاة للواقع بكل أبعاده عبر وسائل التواصل الاجتماعي.”
أما كلمة متخرجي دورة 2021 والتي تحمل اسم “آب الرجاء” فجاء فيها: ” استكمالا لثورة وعي الإنسان ورسالة المحبة والرجاء والإيمان، تابع المكتب مسيرة التنشئة الروحية والإنسانية لعام 2021، رغم العقبات وازدياد الصعوبات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد تميزت هذه التنشئة بغنى تنوع مواضيعها وعمق محاضريها الذين أغنونا وسلحونا بكل ما يلزمنا لمواجهة مصاعب الحياة بمسؤولية وحكمة. لوطننا وعالمنا الـمتألم نقول: لا تخف من هول الوباء، ولا تقلق إن كثرت الأعباء، ارفع صلاتك بثقة الأبناء، وقل: لن أخاف، فإلهي، أبي، خالقي… ضابط الكل هو آب الرجاء. نعم، إنه آب الرجاء. نحن، خريجو دورتي 2020 و2021، أبناء آب الرجاء، نعلن أمانتنا ومحبتنا لوطننا بكل ما فيه من تاريخ وإرث وتراث وجمال وفن وإبداع وضيافة وطيبة وإنسانية وقداسة. نعلن بإيماننا العميق انتماءنا الكلي، قولا وفعلا، لربنا وإلهنا وكنيستنا الشابة الـمتجددة بقوة روح الرجاء، متسلحين بسلاح الله الكامل كي نتمكن منْ المقاومة في يوم الشر والثبات…” (أفسس 6: 13). سنبقى، سنصمد، نحن الشبيبة، متحدين مع كنيستنا ومعكم يا أبينا وراعينا غبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، صوت ضمير الإنسان في كل مكان وزمان وحارس الأغليين الإيمان ومجد لبنان الرسالة، بمواقفكم الجريئة والبناءة، متمنطقين بالحق في وجه كل ظلم، حاملين راية العدالة والسلام التي تنادون بها إلى عائلاتنا ومجتمعنا حيثما وجدنا. ولن نستسلم لأننا أبناء الرجاء. وأخيرا، نتوجه بخالص الشكر والمحبة إلى مرشدينا ومسؤولينا ومحاضرينا الذين أغنونا من خبراتهم العميقة ومعرفتهم الواسعة كي نتمكن من مواجهة كل جهل وفساد وانحراف. كما نتوجه بخالص الشكر للمشرف على المكتب المونسنيور توفيق بو هدير وأمينه العام كارلوس معوض وأعضاء المكتب، وبخاصة لجنة التنشئة بكل أفرادها الذين ساهموا بمحبتهم وجهودهم الحثيثة في إنجاح هاتين التنشئتين.
وختمت الرسالة: “لن ننسى أن جائحة كورونا فرقتنا، إلا أن التنشئة جمعتنا وزودتنا بالمناعة اللازمة لتحدي كل الظروف مهما كانت والمضي قدما في نشر رسالة المحبة والرجاء في شتى ميادين حياتنا لخير كل إنسان وبنيان الأوطان”.
بدوره، ألقى المشرف على مكاتب الدائرة البطريركية المطران بيتر كرم كلمة قال فيها: “أقف أمامكم اليوم لأوجه كلمة شكر وكلمة تهنئة لجميع المتخرجين من برنامج راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية، وأنا كمشرف على الدوائر البطريركية يزداد إعجابي يوما بعد يوم بمكتب الشبيبة، أرى عن قرب التنظيم والجهد الموجودين لدى المونسينيور توفيق بو هدير والفريق الذي يعمل معه والحريص على تنشئة شبيبة تستطيع تحمل مسؤولية كنسية واجتماعية ووطنية، وهذا الأمر يتطلب رؤية ودراسة، ونحن نلمس النتائج من خلال البرامج التي يتم التحضير لها والتي تتطلب عملا دؤوبا، كما رأينا في الفيديو الذي عرض”.
وأضاف: “أكرر تهنئتي لكم جميعاً، عمل الرسالة ينتظركم، والتغيير ليس فقط في حياتكم، بل تغيير المجتمع والوطن والكنيسة بكلمة الرجاء، فليبارككم الله ويعطكم القوة كي تقوموا برسالتكم في الكنيسة و الوطن.”
وبعد وقفة فنية مع التينور اللبناني العالمي ايليا فرنسيس، قال الراعي: “مع تصفيقكم الحار، أريد أن أحيي الفنان ايليا فرنسيس الذي كرم بصوته المتخرجين اليوم، وأدعو الله أن يكون معه، ففي كل مرة نسمع صوته نقول سبحان الله على عطيته، وأنا مع إخواني المطارنة أحيي سيادة المطران بيتر كرم المشرف على مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية، والمونسينيور توفيق بو هدير، وأعترف معكم وأمامكم وأعتقد أنكم توافقوني الرأي، بأنه لا أحد يعلم كم يضع القيمون على هذا المكتب من وقت وجهد كي يتم تحضير النشاطات، ومعكم جميعا نبارك للمتخرجين في هذه الأمسية، وهنيئا للشبيبة التي شاركت في التنشئة على المواضيع التي تطرقوا اليها”.
واوضح انه “عندما نتخذ اسما أو لقبا، فإنه يرافقنا في هذا العالم وفي الآخرة، فإن المتخرجين من دورة 2020 تحت اسم ثورة وعي، سيبقى هذا اسمكم الدائم وبرنامج حياتكم ورسالتكم، والمهم أن تحافظوا على مفهوم كلمة الثورة، أولا الثورة على الذات والتغيير في الذات، فعندما أغير في ذاتي أستطيع أن أغير في مجتمعي. أما الوعي، فهنا نتذكر كلام القديس البابا يوحنا بولس الثاني عندما خاطبنا في لبنان كي نخرج من سطحيتنا ونذهب الى العمق ونعرف من يكيد لنا المكائد، هذا الوعي أيضا تحدث عنه البابا يوحنا ال23 واعتبره قراءة لعلامات الأزمنة، فلا يكفي القول أنا فشلت أو مرضت أو نحن في حرب أو في جوع، أو أن نتحدث عن انفجار مرفأ بيروت ونتائجه، أو أن نتحدث عن الأزمة المالية والسياسية، كل هذه الأمور هي أحداث ووقائع، ولكن يجب أن نفهم معنى الأحداث، فهذه قراءة علامات الأزمنة، وهذا معنى كلمة وعي”.
واضاف الراعي: “أكرر تحياتي لمتخرجي دفعة 2020 في هذه الرسالة العظيمة، الثورة على الذات من أجل تغيير بيئتهم والنزول الى العمق في قراءة ما يحدث. كما أحيي خريجي دورة عام 2021 التي تحمل عنوان آب الرجاء، فكلمة آب تحمل معنيين، الآب الذي هو مصدر الرجاء، وشهر آب الذي حصل فيه تفجير المرفأ الذي خطف الأرواح البريئة وحطم القلوب والأعصاب والآمال، وأصبح هو آب الرجاء، فنحن من الآب نستمد الصمود والايمان والرجاء، وهذا هو التحدي الكبير الذي تتخذونه أنتم، أن تبقوا مؤمنين بالرجاء وأن تقولوا هذا وطننا ونريد بناؤه بسواعدنا وأن نقف أمام تجربة الرحيل والهجرة، فصحيح أنها تحمل وجها ايجابيا لا ننكره، حيث يحقق الانسان ذاته ويساند أهله، ولكن بمساندة الخارج يجب أن نصمد في الداخل وألا نتخلى عن رسالتنا الأساسية في هذا الشرق، وهي أن نحمل إنجيل يسوع المسيح”.
وأردف: “لا تنسوا كلمة البابا فرنسيس في يوم الصلاة والـتأمل من أجل لبنان في الأول من تموز، حين استعان بكلمات جبران خليل جبران قائلا إن ستار الليل ينتهي بالفجر مهما طال الليل. ومن هنا، يجب أن نتعلم الصمود، وهذا معنى اسمكم آب الرجاء، فلتحيا شبيبة لبنان وبلدان الشرق الأوسط، وأحيي من يتابعنا من كل البلدان عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، عشتم، عاش مكتب راعوية الشبيبة، عاش لبنان، وعاشت رسالتنا في هذا المشرق”.
وختاما، قدم الراعي الشهادات إلى المتخرجين.