كتب عماد موسى في نداء الوطن:
يملك الإستيذ من الحنكة ما يمكّنه من إبطال أي مساءلة قانونية بحق ابنه الروحي علي وصهره الغالي غازي، وأكثر من ذلك، يمكنه بمساندة معنوية من “حزب الله” تطيير نصف دزينة محققين عدليين، مرة لارتياب مشروع، ومرة لمشروع ارتياب، ومرّة بذريعة التسييس، ومرّة بحجة حرف التحقيق عن مساره القانوني، ومرة لعيوب في المسار، ومرة لانعدام الثقة بأسلوب هذا المحقق أو ذاك.
ويملك الإستيذ من البراعة ما يكفي لإقناع الرأي العام اللبناني، بأنه أكثر حماسة من عوائل الشهداء بنشدان العدالة، ولو قضت على مستقبل فرسانه الثلاثة المعنيين برفع الحصانة. وإن لم يستعمل براعته مباشرة أوكل المهمة إلى علي حسن خليل، الذي فطر القلوب بمداخلة عاطفية، عقب فشل جلسة الأمس وقف فيها مع الشعب المسكين وحمَلَ فيها على مراكمي الثروات.
ومهما امتلك رئيس البرلمان من حنكة وبراعة وقوة منطق، فلا يمكنه إقناع اللبنانيين البسطاء، أن المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء سيلتئم وفق الآليات الدستورية، ويحقق مع فرسان البرلمان بكل حزم واحترافية وصرامة، والملف، بكل معطياته، بعهدة المحقق العدلي.
السائرون في سيناريو التسويف واللفلفة، هم النخبة الطليعية في البرلمان، والمعترضون هم الشعبويون، وبينهم رجال قانون، يبزّون المحامي الإستيّذ نبيه بري تضلّعاً من القانون والدستور. هذا ما خلُصت إليه بعض الخطب الإنفعالية.
وفي جلسة الأونيسكو الفاشلة نستذكر بحنين يوم غضب غازي كنعان على النائب يحيى شمص، فلم يتأخر مجلس النوّاب، بقيادة المايسترو الأوّل، لحظة في رفع الحصانة، وحوكم شمص أمام القاضي لبيب زوين، ولم يعطف بري لا على حبيب حكيم ولا على شاهي برسوميان فسهّل رفع الحصانة عنهما إكراماً لمن رفع الدعم عنهما. لكل ظرف حكمه وحكّامه ولاعبوه.
كان يعلم بري علم اليقين، أن ما هدفت إليه العريضة الموقعة من كتلتي نواب الثنائي الشيعي، المضافة إليها تواقيع حذرة من نواب المستقبل، وضع النواب (الوزراء) الثلاثة بمنأى عن شكوك القاضي بيطار ومنع توجيه أي اتهام إليهم .
وبري، ملتقط الإشارات، عرف تماماً أن سماحة المرشد الأعلى للجمهورية يريد الحقيقة في جريمة المرفأ، بقدر ما أرادها في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وعلى هذا الأساس تصرف لضرب صدقية القاضي بيطار واتهامه لاحقاً بالشعبوية بعدما اتهمه السيد بالتسييس. قبل نحو 15 عاماً منع بري إمرار قانون المحكمة الدولية في مجلس النواب. واليوم يمنع القضاء العدلي من اللعب في ملعبه.
هذه المرة لم يكن “الإستيذ” أستاذاً في إخراج المشهد. حتى وليد بك خذله بالإنضمام إلى مسرحية الأونيسكو الفاشلة.