Site icon IMLebanon

الشعر… وتحليله

كتب د. أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”: 

قليلة هي الدراسات التي تحدثت عن الشعر والإضطرابات المتعلقة به، وكثيرة هي الفرضيّات التي فسّرت تحليلياً نَتف الشعر، هذا السلوك «العدواني» و»الهوسي» عند الإنسان. كما تعتبر بعض الأبحاث أنّ لِنتف الشعر دلالات جنسية خاصة، لأنّ النتف لا يتصدر فقط شعر الرأس ولكن يمكن أن ينتف الشخص شعر أعضائه التناسلية. كما فسّر التحليل النفسي بأنّ هذا الأمر يختلف ما بين الرجل والمرأة التي يمكن أن تتخلّص من شعرها رفضاً لأنوثتها… ولكن قبل التطرّق إلى كل تلك المواضيع، ما هو نتف الشعر؟ وكيف يمكن مساعدة الشخص لتوقيف هذه العادة؟

خلال عمر المراهقة، وبسبب الهورمونات، يبدأ الشعر والوبر بكَسو جسم الصبي والفتاة. ولكن لأسباب نفسية ومشاعر متناقضة تجاه صورة الجسد والنظرة تجاه الشعر وماهيته، ولأسباب أخرى نفسية مَحض، يتحوّل الشعر إلى «مَلذّة» يستعملها المنتف، أو طريقة لـ»تأديب» الذات. ولكن طبعاً لا يمكن تعميم الأسباب، لأنّ لكل «منتف» حالته الخاصة، فبعضهم لا يستعملون هذا السلوك إلا عند الشعور بالغضب أو الملل أو الانزعاج.

الشعر والإنسان

عند الكثير من الأشخاص، خاصة الإناث، يكون شعر الشريك مصدر إلهام جنسي، حيث يكون مغطّى الرجل وحتى المرأة بالشعر في مناطق الجسم المثيرة جنسياً، مثل العانة والصدر عند المرأة والشارب والذقن عند الرجل. كما يهتم الجنسان بتسريحة الشعر الذي يؤدي دور الإنجذاب الجنسي عند الشريكين. ويصل بعض الأحيان الى انّ بعض الرجال يعانون هوسَ «شعر المرأة»، ويعني ذلك انّ الرجل يستغني عن العلاقة الجنسية فقط من خلال إشباع شهوته وهي ملامسة شعر المرأة وجمع الدبابيس أو شرائط الشعر… ويعطيه ذلك السلوك لذة جنسية كالجماع أو قد تدفعه إلى الاستمناء وهو يفكر فقط بشعر المرأة. ولكن بعض الأحيان، هذا التعلق بالشعر، عند الرجل أو عند المرأة، يأخذ منحى آخر وهو «نتف الشعر» أو ما يعرف بالـTrichotillomania.

نتف الشعر والحالة النفسية

هو الولع بِنتف الشعر أو الوبر أو الحواجب أو شعر العانة، أو تحت الإبط… وهو سلوك موجود عند الرجل والمرأة، في كل الاعمار خاصة عند المراهقين والراشدين. وعادة تُفسّر هذه العادة بأنها هوس للمظاهر الخارجية عند الإنسان، والتي هي بوابة الجسم كالثديين والقضيب والأنف والأذنين والأطراف والجلد ونتف الشعر… ونتف الشعر هو دافع هوسي قَهري، حيث يشعر المنتف بالحاجة للتخلّص من شعره مهما كان مكانه: الشوارب، السوالف، شعر اليدين، شعر الأنف، الحاجبين… ويتخلل هذا الإضطراب عند بعض الأشخاص تجميع هذه الشعر ثم بلعها، وهذا ما يسمّى بالـtrichophagia. كما انّ البعض يمكن أن يُظهِر بعض التصرفات الغريبة كتقبيل الشعر والإهتمام به قبل نتفه وأكله. ويأخذ هذا الاهتمام هيئة مَرضية عند المضطرب، ويصبح اهتماما زائدا حيث يصبح شغله الشاغل.

أسباب نتف الشعر

هناك أسباب كثيرة يمكن أن تكون وراء حب أو ولع نتف الشعر أو أي اضطراب له علاقة بالشعر، منها:

– صدمة عاشها الطفل خلال طفولته ولها علاقة بالشعر، مثلاً: الأم كانت تعتني بشكل مفرط بالشعر أو كانت تقصّه أو حتى تنتفه.

– طريقة إغوائية عند الأم من خلال استعمال الشعر.

– عمليات جراحية عايَشها الطفل منذ صغره فيخشى التشوّه أو فقدان شعره. وبعد تخطي هذا الاختبار الصدمي، أراد التخفيف من قلقه، لذا بدأ التخلص من الشعر سبب قلقه.

– تعلق الطفل بحيوان له شعر (قطة أو كلب) وهذه العلاقة جعلته يشعر بالانتماء… لذا إنّ شعر الحيوان أو وبره أدّى دوراً أساسياً لصورة الشعر و»عبدها» الطفل.

الجنس ونتف الشعر والعلاج

يختلف نتف الشعر ما بين الرجال والنساء على رغم أنّ عدة أبحاث أكدت بأن الشعور بالنتف هو نفسه عند الجنسين. ولكن الحالة النفسية والمزاج يلعبان دوراً بارزاً في إستعمال الجسد للنتف. فمثلاً، القلق والخوف يمكن أن يؤديا إلى نتف الشعيرات الموجودة خلف الرقبة. بينما للاستمتاع بالنتف، يقوم الرجل بنتف شعر أنفه أو شعر رأسه الأمامي بينما المرأة تستمتع بنتف شعر الحواجب أوالشعرات الطويلة من فروة رأسها. كما نجد بأنّ المرأة تعاني أكثر من نتف كل الشعر في المناطق الجنسية لها أكثر من الرجل. أما بالنسبة للعلاج، فإنّ معاينة طبيب الجلد أساسية قبل خوض رحلة العلاج النفسي. ودور الأخصائي النفسي، إذا لم يكن هناك أي اضطراب فيزيولوجي يحثّ الشخص لِنتف شعرته، هو فهم لِم توصّل هذا الإنسان الى نتف شعره؟. لذا، إنّ التحليل النفسي ودراسة تاريخية للشخص ونظرته للشعر وصورة الجسد وصورة الأم والأب هي أساسية لعلاج فعّال.