IMLebanon

لبنان تحوّل حقًّا إلى “جحيم”.. والمسؤولون في وادٍ آخر

هل حاول اي من الممسكين بمقاليد القرار في هذا البلد – الفعليين منهم أو “الوهميين” – الخروج من قصره او منزله او “مخبأه”، والنزول الى الشارع اليوم، لرؤية “الجنون” السائد على الطرقات الفرعية والرئيسية؟ هؤلاء إما لم يروا، أو رأوا ولم تعن لهم الصورة شيئا، ولم تحرّك فيهم شيئا، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.

فضميرهم مات والحس بالمسؤولية مات ايضا، ومنذ زمن، فمَن لم تهزّهم جريمة بحجم زلزال المرفأ، ولا يزال ينهال بالضرب على ذوي ضحايا 4 آب، ويحاول تمييع التحقيقات ووسمَها بالمسيّسة، لن تهزّه بطبيعة الحال، المأساة المعيشية.

بحسب المصادر، لبنان تحوّل حقا جحيما. تحت شمس آب الحارقة، كل شيء يحترق في لبنان: اعصاب الناس، كرامتهم، احلامهم. الفوضى عارمة والبهدلة وحّدت الناس والمناطق والطوائف والقطاعات. الطوابير أينما كان: امام محطات البنزين، والافران والصيدليات والمصارف: لبنان مرآب سيارات كبير، والمشوار الذي يحتاج عادة 5 دقائق، بات يستغرق ساعة واكثر.

القطاعات كلّها تتهاوى، من المستشفيات الى الفنادق والمطاعم والملاهي، مرورا بالصيدليات والمخابز، واللبنانيون في عتمة شاملة، بسبب شح المازوت وانقطاع الدواء. حتى ان بعض وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية اضطر اليوم الى اقفال مكاتبه بسبب انقطاع التيار الكهربائي، بينما حال الادارات الرسمية “حدّث ولا حرج”.

امام هذه الصورة الجهنّمية، المسؤولون في واد آخر. رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي يجتمعان مرة كل 4 ايام، وكأن البلاد في افضل احوالها وليس من داع للعجلة. هما التقيا امس، واتفقا على لقاء جديد الاسبوع المقبل، في حين اتصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون  بعون وحثه على تسهيل الحكومة، فطمأنه الى ان الأجواء ايجابية، وهناك تقدم سريع…لكن لا حكومة حتى اللحظة.

الحكومة الانقاذية التي تلاقي شروط ومعايير المجتمع الدولي، هي الوحيدة الكفيلة باطلاق عملية انتشال لبنان من “الجورة” والتي ستستغرق سنوات كي لا نقول “عقودا”. لكن حتى الساعة، المماطلة سيدة الموقف، والاتصالات تدور بين القوى السياسية “على البارد” لتقاسم الحصص بما يرضيها و”إلا عمرو ما تكون حكومة”!

في المقابل، فريق الممانعة يعزو هذه المأساة الى “حصار اميركي مفروض على اللبنانيين لانهم يرفضون التطبيع مع اسرائيل”. هذا الفريق للتذكير، يملك اغلبية في البرلمان وحليفا في بعبدا واختار ميقاتي لتأليف الحكومة. فماذا ينتظر للتشكيل وكسر إرادة الاميركيين وشوكتهم، وفكّ الطوق الذي يخنق اللبنانيين، والبيئة الحاضنة لحزب الله ضمنا؟ فليؤلّفوا حكومة، أي حكومة، لم نعد نريدها نموذجية، تردف المصادر. فوجود مجلس وزراء كامل الصلاحيات، يعمل بقوة وجدية وفاعلية، سيكون افضل بطبيعة الحال، مما نحن فيه اليوم، حيث حكومة حسان دياب لا تجتمع، ووزاراتها غائبة عن الجهنّم المتمدد على الارض اللبنانية، وقد قامت قيامتها “شكليا” لان حاكم مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات ولم ينتظر اقرارها البطاقة التمويلية، التي تعكف عليها منذ اشهر، على ان تكون نتيجتها اعطاء نحو 15 دولار لجزء من اللبنانيين الذين باتوا كلّهم تحت خط الفقر… انها مهزلة حقا، مضحكة قليلا ومبكية كثيرا، تختم المصادر.