كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
تحوّل لبنان كله إلى سوق سوداء، وتحوّلت العيشة والمعيشة فيه أياماً كل يوم فيها يمرّ على المواطن أسود من الذي سبقه. لا حلول في الأفق، كل شيء يتراجع إلا الطوابير هي التي تزداد، فما الجديد بشأنها؟
الجديد في شأن الطوابير هو عودتها إلى أمام الأفران في الشمال، التي لم يفتح منها إلا عدد قليل جداً ممّن استطاع تأمين المازوت من السوق السوداء وفق سعر فاق الـ300 ألف ليرة لبنانية. منذ صباح أمس، تهافت المواطنون الشماليون على الأفران بشكل هستيري، لا سيما تلك الأفران التي فتحت أبوابها وباعت الخبز، بينما عمد بعضها إلى تقنين تسليم الخبز (ربطة – ربطة) لكل شخص، في حين أقفلت معظم الأفران الباقية لعدم توفر مادة المازوت. أما محلات السوبرماركت فأكثرها لم تتسلم أمس خبزاً، ومن أراده من المواطنين، لجأ إلى الأفران، التي اصطفّ الناس أمام أبوابها بالطوابير، لأنهم سمعوا همساً يقول: “لا خبز في الأيام المقبلة والأزمة ستطول والأفران ستقفل”.
هذا من جهة الأفران التي فتحت أبوابها وأمّنت مادة المازوت ليوم أو اثنين ليس أكثر، أما الأفران التي لم تستطع تأمينه فأقفلت أبوابها بانتظار أي حل قد يأتي بأعجوبة ما وتعود الأمور كما كانت.
على أن ربطة الخبز بيعت أمس في طرابلس ومناطق الشمال على سعر جديد وغير مسبوق، سعر السوق السوداء الذي ناهز 15 ألف ليرة، ومع ذلك استمرّ التهافت على الأفران وقصد ربّ العائلة أكثر من فرن لتأمين 3 أو 4 ربطات قبل أن تتوقف الأفران بالكامل عن الإنتاج في الأيام المقبلة بحسب ما يُشاع.
نقيب أصحاب الأفران في الشمال طارق المير قال لـ”نداء الوطن”: “لقد أصبح البلد كله سوق سوداء، وكذلك حال الخبز والمازوت والطحين.. مع الأسف الشديد لما وصلنا إليه من حال”.
وأضاف: “زرنا مدير مصفاة طرابلس هادي حسامي وطلبنا حلاً لموضوع مازوت الأفران فأبلغنا أنه لا يتعاطى معها ولكنه يتعاطى فقط مع الشركات.. وزير الإقتصاد بدوره يصدر بونات مازوت مدعوم للأفران هي أشبه بشيكات من دون رصيد ولا يمكننا تصريفها”.
وأكد النقيب المير أنه بغضون “الأيام القليلة المقبلة لن يكون هناك أي فرن على قيد العمل من أصل الـ 95 فرنًا الموجودة من البترون وحتى عكار، ولن يكون هناك خبز لا سوق سوداء ولا في السوق العادية وعلى وزير الإقتصاد أن يتحمّل مسؤولياته في هذا الشأن”.
إلى ذلك، أشار مواطنون أمس إلى أنهم اشتروا ربطة الخبز بسعر 20 ألف ليرة من أحد أفران الشمال. فالمواطن (أبو عمر) أكد أنه “اشترى أمس 10 ربطات بسعر 200 ألف ليرة من أحد الأفران “لأنني ربّ عائلة كبيرة (8 أولاد)، وسمعنا أن الخبز سينقطع في الأيام المقبلة”.
يصطفّ الخبز إلى جانب البنزين والمازوت والأدوية وكل احتياجات المواطن اليومية لتصبح جميعها في السوق السوداء وعليه أن يقاتل ويتقاتل حتى يؤمّن معيشته.