كتب ريمون ميشال هنود في “اللواء”:
منذ أسابيع قليلة دأب بعض المسؤولين العسكريين الاسرائيليين على الترويج بأنّ الحرب الثالثة بين اسرائيل وحزب الله قادمة لا محالة، والسبب أنّ حزب الله يريد من خلال الحرب التي سيشنّها إرغام واشنطن على الغاء العقوبات المفروضة عليه والتي كانت سبباً رئيسياً في حدوث الانهيار الاقتصادي في لبنان. وعقب هذه التصاريح المتتالية، وفي تقرير تحليلي، عدّد موقع ستراتفور Stratfor الأميركي العوامل التي تدفع اسرائيل وحزب الله الى التصعيد العسكري، وتلك التي تحث على التهدئة.
يفنّد الموقع العوامل التي تضغط على اسرائيل للتصعيد فيقول، بأنّ اسرائيل تحتاج بشكل ملح الى استرضاء ناخبين أكثر تشدّداً، مما يرغم حكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت الجديدة تأكيد هيمنتها العسكرية، علماً أنّ حكومة بينيت تتعرّض لضغوط سياسية لضمان أمن الحدود الشمالية للبلاد، الأمر الذي قد يرغمها على القيام بعمليات عسكرية، أو سرية أكبر تردع حزب الله.
أمّا العوامل التي ترغم اسرائيل على التهدئة ودائماً حسب تحليل موقع Startfor تنبع احداها من منطق أنّ حرباً جديدة ضد الحزب، قد تفضي الى تفاقم ازمة كوفيد 19، في الداخل وتزيد توتر العلاقة مع واشنطن فضلاً عن أنّ الولايات المتحدة الأميركية تريد تجنيب اسرائيل وسياستها بشكل عام صراعاً كبيراً آخر في المنطقة، وقد برهنت عن نيتها بذلك بتقديم 100 مليون دولار الى بيروت كمساعدات إنسانية. ولا تنكر واشنطن بأنّه في حال اندلاع حرب عسكرية مع حزب الله، ستجد نسبة كبيرة من المواطنين الاسرائيليين نفسها قابعة في الملاجئ، تحت نير وابل من صواريخ حزب الله، وهذا العامل يضاعف ايضاً مخاطر انتشار فيروس كوفيد 19 القاتل بشكل كبير. وسيتعيّن ايضاً على اسرائيل تحمل عناء نقل صواريخ القبة الحديدية من الحدود الجنوبية للبلاد مع غزة الى حدودها الشمالية مع لبنان.
أمّا العوامل التي تضغط على حزب الله للتصعيد، فاختصرها الموقع الأميركي بعامل واحد مفاده الى الاحتمال الكبير الذي قد يدفع اسرائيل الى شنّ عمليات، يدفع بالتالي من جهة أخرى حزب الله الى شنّ هجمات مضادة قاسية معتاد عليها، الأمر الذي قد يفجّر الوضع العسكري بين الجانبين، وهذا الوضع على الأرجح سيصبّ في مصلحة حزب الله.
أمّا العوامل التي تضغط على حزب الله للتهدئة فيقول الموقع بأنّ شرعية حزب الله الداخلية انتابها التراجع جراء انهيار الاقتصاد، وهذا ما يفسر عدم حرصه على الرد الفوري على القصف الاسرائيلي، وان قوات حزب الله ما تزال منتشرة في سوريا، ما يدفع قيادة الحزب الى عدم التفكير بإشعال الشرارة الأولى مع اسرائيل، مع العلم بأنّ الحرب ضد اسرائيل قد لا يجد فيها حزب الله الوسيلة المنقذة في ظلّ استمرار انهيار الاقتصاد اللبناني. ويكمل الموقع الأميركي Stratfor قائلاً بأنّ خيارات خفض التصعيد موجودة عند الجانبين مما يدفعهما للتراجع عن حافة صراع كبير، وأضاف انه اذا توقف حزب الله عن المزيد من الهجمات الصاروخية وكبح جماح المسلحين الفلسطينيين الذين يهاجمون بين الفينة والأخرى شمال اسرائيل «فلسطين المحتلة»، فستكون هذه الأخيرة أقل تحفزاً للقيام بعملية عسكرية او سرية اكبر في لبنان، يمكن أن تشعل حرباً كبيرة، بالاضافة الى ذلك يقول الموقع، انّه بإمكان الحكومة الاسرائيلية أن تشنّ هجمات مضادة اضافية في سوريا، حيث تعرّضت قوات حزب الله للقصف من جانب اسرائيل من قبل، دون ان يؤدي ذلك الى اشعال فتيل حرب، وعلى الارجح تعتبر اسرائيل ايضاً انّ جولات قصفها لمراكز حزب الله في سوريا عمل كافٍ لردع حزب الله.