يلتقي الجميع في الداخل والخارج على أن الغياب التام للدولة اللبنانية قد ولد غالبية الازمات التي شهدها لبنان من معيشية ومالية وامنية، وعلى انه كان من الممكن تفادي معظمها لو قامت السلطات المسؤولة والحاكمة بواجباتها المتخلية عنها لمصلحة كارتلات احتكار المواد الحياتية والطبية ومافيات تهريبها الى الخارج، وتحديدا الى سوريا عبر المعابر غير الشرعية التي تمتد على كامل الحدود بين البلدين، وخصوصا في منطقتي البقاع والشمال حيث التهريب هناك قائم منذ زمن بعيد ويعود حتى الى ما قبل الاستقلال، وكان يقتصر على توفير بعض مستلزمات الحياة لا اكثر، وذلك قبل تمدده الى السلسلة الشرقية الجنوبية عبر حزب لبناني استخدم تلك المنافذ البرية للتسلل الى سوريا والقتال الى جانب قوات النظام ولاستقدام شحنات الأسلحة عبرها الى الجنوب، الامر الذي اثار اعتراضا اسرائيليا أدى في النتيجة الى موافقة اممية على أقامة القوات البريطانية ابراج مراقبة لرصد تحركات الجماعات التكفيرية والغزوات الداعشية.
وتسأل اوساط معارضة هنا عن الاسباب التي حالت دون استفادة الدولة من أبراج المراقبة هذه على الحدود الشرقية وعن عدم أستكمالها لتشمل كل الحدود مع سوريا، سيما وهي مرتبطة بالاقمار الاصطناعية لمعاينة الارض، وعن المانع من توسيع اطارها لاستكمال هذه الشبكة على طول الحدود لتصبح المراقبة على مدار الساعة ولتمكين الجيش اللبناني من استخدام طيرانه لتنفيذ مهماته في حال أقتضى الامر، لا لمنع التهريب فحسب انما للحؤول دون عمليات التسلل على انواعها، كما تم لدى كشف الابراج دخول عناصر من داعش الى لبنان وانقض عليهم الجيش اللبناني يومها موقعا العديد منهم بين قتلى وجرحى ودفعهم الى الانسحاب والهروب الى الداخل السوري من حيث أتوا.
جدير بالذكر ان مطالبة اسرائيل في حينه باستكمال أقامة الابراج على أمتداد الحدود اللبنانية – السورية ادى الى فرملة الاندفاعة اللبنانية والى انقسام اهل السلطة يومذاك بين مؤيد ومعارض خصوصا اثر اعتراض النظام في دمشق على هذا التدبير الأممي الذي من شأنه ان يحد من اطماعه في لبنان وارضه.