كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”:
لم يعد ينقص الصورة حتى تكتمل سوى ان تشنّ اسرائيل هجوماً تدميرياً هدّدت به مراراً وكادت ان تصل اليه خلال الفترة الماضية.
لكن العدو الصهيوني متردّد ويضرب أخماساً بأسداس قبل وضع مشروعه ضدّ لبنان موضع التنفيذ. صحيحٌ انه يأخذ الصواريخ والوعود بتحرير القدس على محمل الجدّ، لكنه يرى في المقابل شعباً جائعاً يفضّل الاصطفاف امام محطات البنزين والأفران والصيدليات… ولا يجد الوقت ولا الامكانية للتهليل للصواريخ المنطلقة…، ولن يذهب الى القدس سيراً على الأقدام كما فعل اجداده في سفر برلك وحرب القنال عندما ذهبوا وهلكوا في الطريق.
كل ما يمكن لإسرائيل ان تفعله لتدمير لبنان قام به “اعداؤها” من القادة اللبنانيين ولم يتركوا لها شيئاً تفعله. وغريبٌ تبادل الخدمات بين الطرفين. فالعدو الصهيوني هو من توّلى مسلسل الاغتيالات التي طالت “عملاءه” اللبنانيين، خصوم المتحكمين في لبنان، واعداء الصهاينة من اركان السلطة هم من يشرف اليوم على ورشة احراق لبنان وارجاعه الى القرون الوسطى تنفيذاً لتهديدات اسرائيل المتتالية.
لكن لا يجب تسييس الأمر ابداً، الا حيث يجب تسييسه، وهذا قرار يتّخذه فقط “أعداء اسرائيل” في شبكة المصالح التي قادت لبنان الى الانهيار وجنّبته في النهاية ويلات العدو. والأمر هو هكذا فعلياً. فماذا يمكن للعدو الغاصب ان يضيف على الانجازات المحقّقة في لبنان: هل يفرض العتمة؟ ام هل يمنع المازوت والبنزين؟ هل يمنع الخبز أم يخبئ الأدوية؟ هل يسطو على البنوك ويضع يده على مدخرات المواطنين؟ وهل يدخل الشيكل في سوق الصرف لينافس الدولار في اطاحته بالليرة؟ ثم ماذا يمكن للعدو ان يضيف على ملحمتي السلطة في مرفأ بيروت والتليل العكارية؟؟؟
لم يعد لإسرائيل شغل في السوق اللبنانية. ولم يعد للممسكين بخناق اللبنانيين شغل ايضاً.
لقد جهدوا طويلاً لمنع تشكيل حكومة في الوقت المناسب، وكان ذلك جزءاً من مهمتهم التدميرية لمقومات حياة الناس، ويُخشى في حال قرروا أخيراً السير في حكومة تريح حسان دياب المعتقل في سجن التصريف، ألا ينتجوا سوى لجنة تنقيب تبحث عن آثار بلد دمّروه بأيديهم.