احتفل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر بقداس عيد انتقال العذراء مريم إلى السماء، على نية فرنسا كما جرى التقليد السنوي، وذلك في المقر الصيفي للمطرانية في عين سعادة، عاونه فيه النائب العام المونسنيور اغناطيوس الأسمر والنائب الأسقفي لشؤون التربية المونسنيور أنطونيو واكيم، بمشاركة لفيف من الكهنة، وبحضور القائم بالأعمال في السفارة الفرنسية في لبنان السيد جان فرانسوا غيوم وأفراد من موظفي السفارة، كما رئيسة جامعة الحكمة البروفيسور لارا كرم بستاني ونائب رئيسة الجامعة الدكتور جورج نعمة، وعدد من العمداء والمؤمنين.
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى المطران عبد الساتر عظة قال فيها: “ها نحن نلتقي من جديد وبعد أيام قليلة من الذكرى الأولى لانفجار بيروت الفظيع، في هذا الصرح التاريخي العابق بقداسة أحبار أفنوا العمر في خدمة لبنان واستقلاله وعزته. ها نحن نلتقي، لنحتفل بالقداس الإلهي على نية دولة فرنسا الصديقة التي تعمل دوما مع جميع الشرفاء في العالم ليستعيد لبنان عافيته الإجتماعية والاقتصادية والوطنية فيتصدى لكل عدوان خارجي أمن الشرق كان أم من الغرب، ولكل هيمنة داخلية تبغي تغيير وجهه أو رسالته”,
وأضاف: “نلتقي لنحتفل بعيد انتقال أمنا مريم العذراء إلى السماء بالفرح والرجاء. بالفرح لأنه لقاء الإخوة والأخوات تحت سقف بيت الله. أخوات وإخوة يتشاركون القيم الإنسانية ذاتها كالمساواة والأخوة والحرية. إخوة وأخوات يعيشون القيم الأخلاقية ذاتها كالصدق والعدل واحترام حرية الضمير. أخوات وإخوة يعملون، كل من حيث هو، على نمو الإنسان وازدهاره وعلى تطور العالم وتقدمه وعلى حماية الأرض والحفاظ على مواردها. نلتقي بالرجاء، وكيف لا نترجى وانتقال أمنا مريم إلى السماء هو عربون قيامتنا نحن وإعلان أن الحياة غلبت الموت وأن الخير غلب الشر وتأكيد على أن بعد الصليب قيامة وبعد القبر حياة في قلب الله لا تنتهي. وكيف لا نترجى وقد شاهدنا شابات وشبانا، وبعد إنفجار الرابع من آب مباشرة، يحملون الشهداء والجرحى الى المستشفيات على أياديهم وفي سياراتهم غير آبهين بخطر؟ كيف لا نترجى وقد اجتمع الآلاف من اللبنانيين، من كل المناطق، في ليلة المأساة وفي الأسابيع التي تلتها، ليرفعوا الردم وينظفوا الطرقات ويؤمنوا المأكل والمشرب لمن فقدوا كل شيء، وليؤاسوا من فقدوا غاليا أو جرحوا أو شردوا”.
وتابع: “نلتقي لنحتفل بعيد انتقال أمنا مريم العذراء إلى السماء بالرجاء لأننا متأكدون من أن الله يحبنا ومن أن الإنسان اللبناني هو إنسان طيب وصاحب قيم. ولذلك أقول لكل من يضرم في قلوب مواطني نار العصبية الطائفية أو يشجعهم على الفوضى من أجل تنفيذ أجندة ما أو يجوعهم حتى ينقادوا لإرادته من دون مقاومة: إرفع أيها الشرير الملعون يدك عن أهلي واتركهم يعيشون ما اعتادوا عيشه من أخوة وتعاضد وصدق. حضرة القائم بالأعمال، أتوجه إليك، ومن خلالك إلى فخامة رئيس الجمهورية السيد إيمانويل ماكرون، الذي نشكره على محبته للبنان، وإلى الدولة الفرنسية بجميع مسؤوليها، أتوجه إليكم أنا الذي يسمع كل يوم أنين المتألمين الذين يسعون خلف دواء، وصيحات الشباب اللبناني الذي يطالب بالسلام ليبني المستقبل الذي يستحق، أنا الذي يرى دموع الأهلين العاجزين عن تأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة لأولادهم.
أتوجه إليكم لأطلب منكم:
– مساعدتنا بما لديكم من إمكانات على صد التدخلات الخارجية المخربة للبنان.
– العمل بما لديكم من إمكانات، وضمن إطار منظمة الأمم المتحدة، على تحييد لبنان عن الصراعات الدولية والمحاور الإقليمية مع أني مدرك أن في الداخل من يرغب في أن يبقيه ورقة بيد أسياده في لعبة الأمم.
– تسهيل مهمة المحقق في كشف هوية المسؤول عن إنفجار مرفأ بيروت، أيا يكن، وذلك بأن تضعوا بين يديه ما تمتلكون من معلومات.
– التعاون مع الهيئات الإقتصادية والقضائية اللبنانية الصالحة لاسترداد الأموال الطائلة التي حولت إلى الخارج فأنهكت اقتصاد لبنان وقطاعه المصرفي.
– تشجيع الدول الكبرى على إعانة اللبنانيين في النهوض من كبوتهم الاقتصادية بالاستثمار ومن دون وسيط، في التربية والبنى التحتية والصناعة ليعيدوا لبنان إلى سابق عهده من الازدهار”.
وختم: “إخوتي وأخواتي، إننا إذ نصلي معا ونقدم هذا القداس على نية فرنسا شعبا ورئيسا ومسؤولين. إننا نثمن علاقة الصداقة التاريخية التي تربط بيننا ونثمن أيضا ما قام به الشعب الفرنسي ومسؤولوه من أعمال محبة وتضامن تجاه شعب لبنان وخصوصا من بعد انفجار 4 آب 2020. حفظ الرب بشفاعة أمنا مريم العذراء فرنسا ولبنان من كل أذى. آمين”.