كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
قبيل اللقاء التاسع بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، كانت أجواء المشاورات الحكومية، أكثر من مشجّعة. لسوء الحظ، تراكمت تلك الايجابية على أشلاء أبناء البلدات العكارية الذين تفحّمت أجسادهم فداء “تنكة بنزين”، وعلى صرخات الذلّ التي تتردد أمام محطات الوقود وطوابير الخبز… وفي العتمة التي تكاد تكون شاملة.
قبيل اللقاء، سجّلت المواقف التالية:
رئيس الجمهورية أمل “في أن نتوصل إلى الحدّ من الأزمة الراهنة من خلال تشكيل حكومة جديدة في خلال الأيّام القليلة المقبلة، رغم سعي البعض لعرقلة هذا التشكيل”.
الأمين العام لـ”حزب الله” دعا الى ان “تشكل حادثة عكار عاملاً حاسماً في الضغط على المعنيين من أجل تشكيل الحكومة خلال أيام لأن البلد لا يحتمل”، وتابع: “نقول اليوم كفى… شكلوا حكومة بأي ثمن لأن ماء وجه الجميع مرتبط بتشكيل حكومة وعلى الجميع التضحية”.
السفيرة الأميركية دوروثي شيا بعد لقائها الرئيس عون تقول إنّ “الشعب اللبناني يعاني والاقتصاد والخدمات الأساسية وصلا إلى حافة الانهيار. إن كل يوم يمر من دون وجود حكومة تتمتع بالصلاحيات وملتزمة وقادرة على تنفيذ إصلاحات عاجلة، هو يوم ينزلق فيه الوضع المتردي أصلاً أكثر فأكثر إلى كارثة إنسانية”.
كل تلك المؤشرات كانت تدلّ على أن طريق ميقاتي إلى السراي الحكومي، سالكة بلا أي عقبات أو عراقيل. هو بنفسه، أشاع جواً تفاؤلياً بعد لقائه رئيس الجمهورية يوم السبت الماضي بعيداً من الأضواء، ما أوحى أنّهما نجحا في تذليل معظم العقد التي كانت تعتري خروج الحكومة من نفق الخلافات.
كان الظنّ غالباً، بأنّه تمّ التفاهم على ابقاء القديم على قدمه، وفقاً لتوزيعة حكومة حسان دياب للحقائب السيادية والخدماتية، ما أعطى انطباعاً أنّ مشوار التأليف بات في أمتاره الأخيرة ولا يحتاج إلا بعض اللمسات النهائية. ولكن يوم السبت، كان الاعتقاد سائداً لدى المطلعين على الطبخة الحكومية أنّ الدخان الأبيض لن يتصاعد من مدخنة الحكومة إلّا بعد الانتقال رسمياً إلى مربّع ما بعد رفع الدعم بشكل رسمي، أي بعد تثبيت الأسعار وفق سعر الدولار في السوق الموازية كي لا تتحمل الحكومة الجديدة وزر هذا الانفجار الذي قد يطيحها. عليه، قال بعض المطلعين إنّ المشاورات قد تمغط أياماً إضافية إلى حين مرور هذا القطوع.
لكن انفجار الفجر الذي أدمى قلوب العكاريين، رفع من منسوب الخطر باقتراب الارتطام الكبير الذي قد يطيح الاستقرار الأمني والاجتماعي بعدما تنقّلت حالات التفلت من مكان إلى آخر، وسط استنزاف قدرات القوى الأمنية والمؤسسة العسكرية على نحو يضع البلاد فوق فوهة بركان قد ينفجر في أي لحظة. ولهذا بدت الحكومة أقرب من أي وقت مضى، من لحظة خروجها إلى الضوء.
هكذا حمل رئيس الحكومة المكلف، وفق المعلومات أول مسودة حكومية كاملة إلى رئيس الجمهورية توزع الحقائب بالأسماء وفق تركيبة 24 وزيراً. إلا أنّ نبرة صوته بعد خروجه من مكتب الرئيس، دلّت بما لا يقبل الشك بأنّه غير راض كثيراً عن مشاوراته مع رئيس الجمهورية.
وفق المعلومات، فإنّ رئيس الجمهورية سجّل ملاحظات على توزيع الحقائب، وعلى بعض الأسماء. العقدة الأبرز في هذا السياق لا تزال عند حقيبة المال حيث أعاد رئيس الجمهورية وضع علامة سلبية أمام اسم يوسف خليل. ليس هو فقط، وإنما يبدو أنّ الثنائي الشيعي ليس راضياً عن تلك الخريطة بعدما جيّر ميقاتي حقيبة الصحّة للفريق السني، كما أنّ رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية سارع صباحاً إلى توثيق اعتراضه عبر الموقع الالكتروني لـ”تيار المستقبل”، بعدما تبيّن له أنّ حقيبة الأشغال انتزعت منه من دون أن يعطى بالمقابل أي حقيبة أساسية. وقال فرنجية إنّه “ليس هدفنا المشاركة في الحكومة”. وأوضح قائلاً: “لكن هذا لا يعني أننا نتهرّب من المسؤولية، ولا أن نقبل بأن نكون شرّابة خرج”. ومع ذلك، فإنّ ميقاتي لن يستسلم بسهولة، وسيعود إلى مكتبه ليعيد تدوير الحقائب، على أمل الوصول إلى تفاهم خلال الأيام القليلة المقبلة.